الجمعة 13 تموز (يوليو) 2012

«الاقتراحات المثيرة» لبوتين في «إسرائيل»

الجمعة 13 تموز (يوليو) 2012

جذبت الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى «إسرائيل» قبل نحو أسبوعين اهتمام دول المنطقة منذ الإعلان عنها حتى انتهائها، وذلك في محاولة لتحديد موقعها فوق خريطة معادلات الصراع والتجاذب الدائرة في المنطقة. «الأخبار» اطلعت على تقرير دبلوماسي يفصل طبيعة المناقشات التي أجراها بوتين مع كبار المسؤولين «الإسرائيليين»، وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو والرئيس «الإسرائيلي» شمعون بيريز.

طوال ساعة ونصف الساعة دام اجتماع بوتين مع نتنياهو. كان مهماً بالنسبة للأخير أن يسمع بوتين يفتتح لقاءه به بإبداء تعاطفه مع قضية «محرقة اليهود» في الحرب العالمية الثانية. وكان له ما أراد. وقال له بوتين «أتفهم شعور «الإسرائيليين» في ما يتعلق بمحاولات تشويه التاريخ»، ويقصد بذلك الأصوات التي تنكر «محرقة اليهود».

شكّلت عبارة بوتين مدخلاً طيباً بنظر نتنياهو لنقاش تفاصيل أساسية على صلة بالعلاقات الثنائية بين الدولتين. ولكن «القيصر الجديد»، وهكذا يسميه بيريز، رمى داخل اللقاء مفاجأة أخرى، عندما قال إنه «قلق وخائف على مصير المواطنين اليهود «الإسرائيليين» من أصل روسي القاطنين في «إسرائيل» من فوضى قد تعم المنطقة نتيجة تداعيات الأزمة السورية». وأضاف «أنا سأعمل من أجل أن يعيش هؤلاء بأمن واستقرار».

لم يستطع نتنياهو إخفاء دهشة اعترت ملامحه؛ فبوتين يقارب أمن «إسرائيل» انطلاقاً من أن موسكو لديها اعتبار أخلاقي يلزمها بحماية مواطنين «إسرائيليين» من أصل روسي. وهنا يطرح بوتين «شراكة في حماية أمن «إسرائيل» تنطلق من مفهوم اختلاط الديموغرافيا المهاجرة بينهما»، في مقابل أن الولايات المتحدة تطرح «شراكة استراتيجة في حماية أمنها تنطلق من مفهوم الوظيفة «الإسرائيلية» لأميركا»، على حدّ تعبير مسؤول «إسرائيلي» كبير، لأحد أعضاء الوفد الروسي.

لقد عرض بوتين ضمن هذا السياق الجديد لمفهومه للعلاقة «الإسرائيلية» ـ الروسية (كما فهمته «إسرائيل» على الأقل)، أن الروس مهتمون بأن يقوموا بمد سكة للحديد بين «تل أبيب» و«إيلات».

وعلى مستوى آخر، طُرح خلال النقاش التعاون بين شركة «غاز بروم» الروسية و«إسرائيل»، على أساس أن تشارك هذه الشركة، من بين شركات روسية أخرى، في عملية استخراج الغاز المكتشف حديثاً في مناطق الشمال. وأبدى بوتين رغبته بإرساء مزيد من التعاون في التكنولوجيا العالية المستوى وفي مجال التعاون الأمني. وطرح إرساء اتحاد جمركي بين روسيا و«إسرائيل».

[marron]سوريا[/marron]

وفي معرض إجابته عن سؤال لنتنياهو حول الدور الروسي في الأزمة السورية، أقرّ بوتين أن «لبلاده نفوذاً كبيراً في سوريا». وقال «انطلاقاً من ذلك أنا مستعد للتعاون مع الجميع في المنطقة». وأثار نتنياهو موضوع الأسلحة غير التقليدية أو النوعية الروسية المصدرة الى سوريا، كصواريخ «س 300»، وقال إن «إسرائيل» تتخوف أن ينتهي الأمر بهذه الأسلحة إلى أيدي تنظيم «القاعدة» أو «حزب الله».

ووعد بوتين بالنظر في هذه المسألة ومعالجتها على نحو يلغي هذا الاحتمال المقلق لـ«إسرائيل»، ولكنه في نفس الوقت أكد أن «موسكو يساورها شك كبير بإمكانية سيطرة المعارضة السورية على الأمور في سوريا». وأبلغ نتنياهو أنه «لا يرى أي بديل أفضل من (بشار) الأسد لحكم سوريا».

ولم ينتظر نتنياهو انتهاء الوقت البرتوكولي للقاء الرسمي ليخبر بوتين أن لدى الاستخبارات «الإسرائيلية» ملفاً في غاية الأهمية ترى من مصلحة الأمن في المنطقة اطلاع موسكو عليه. ولمّح دبلوماسي «إسرائيلي» في سفارة موسكو لاحقاً الى أن هذا الملف يتعلق بسوريا وقضايا أمنية حساسة تتعلق بأزمتها الحالية. واعتبر هذا الملف الأمني الذي يحتوي على «مواد استخبارية»، بحسب التوصيف «الإسرائيلي» له، بمثابة أحد الألغاز الأكثر أهمية في زيارة بوتين لـ«إسرائيل».

وكان للنقاش في الملف السوري والدور الروسي العائد للمنطقة تتمة أكثر عمقاً في المحادثات الثنائية، التي عقدها بوتين مع بيريز. قال الأخير إنه «تواق للسلام، وإنه يريد هو شخصياً أو نتنياهو إجراء مباحثات مباشرة مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن». وفي إشارة لافتة تعبر عن أن «إسرائيل» قررت رفع حظرها التاريخي على قبول دور منفرد لموسكو في عملية المفاوضات العربية - «الإسرائيلية»، وخصوصاً بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين، أضاف بيريز «أنا أقدم عرضاً، وأتمنى منكم يا سيدي الرئيس أن تنقلوا هذه الرسالة لأبي مازن».

وهنا عرض بوتين رؤيته لتعثر المفاوضات الفلسطينية ـ «الإسرائيلية»، وقال «الموضوع ليس محادثات، بل فقدان الثقة، مما لا يمهد الأرضية لمعاودتها، وبالتالي يجب العمل على بناء الثقة». وأشار الى مقاربة عامة لموسكو تنطبق على كل مشاكل المنطقة، مفادها أن «الأمن والاستقرار في «الشرق الأوسط» لا يمكن ولوجهما من باب القوة العسكرية فقط».

[marron]إيران[/marron]

كان مهماً لنتنياهو، خلال لقائه القصير مع بوتين، استطلاع وجهة نظر موسكو تجاه الملف الإيراني. وأكد لضيفه أنه يتبنى المطالب المجموعة السداسية في مفاوضاتها مع إيران وهي: وقف التخصيب بنسبة 20 في المئة، وشحن المواد المخصبة للخارج، وإغلاق موقع فوردو النووي. وتمنى على بوتين تسهيل «متابعة سياسة العقوبات الدولية ضد إيران». واشتكى له من «تهديد عضو في الأمم المتحدة (إيران) بتدمير عضو آخر (إسرائيل)».

جاء ردّ بوتين موافقاً لنتنياهو في أنه يجب احترام مبادئ القانون الدولي، وقال إن «أية سياسة تنتهجها إيران لن تؤدي الى انقسام في موقف مجموعة السداسية الدولية». لكنه اعترض على «سياسة العقوبات غير المجدية».

وأخيراً اتسع النقاش ليشمل الاقتصاد. وفي إطار البحث في العلاقات الثنائية الاقتصادية، ناقش الطرفان بإسهاب الوضع الاقتصادي في روسيا، وذلك انطلاقا من أن «إسرائيل» تملك استمارات كبيرة هناك، وحيث إن مستوى التبادل التجاري بلغ الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام 660 مليون دولار (بلغت الصادرات الروسية 385 مليون دولار والواردات «الإسرائيلية» 275 مليوناً).

ولخص نتنياهو وجهة نظر بوتين عن اقتصاد بلده ومستقبله، بأمرين: أولاً، وضع روسيا الاقتصادي جيد، وهي لم تتعرض للكثير من الضرر جراء الأزمة المالية العالمية. وثانياً، إن روسيا لن تغير هيكلية احتياطاتها المالية. وأبدى نتنياهو رغبة بإدارة نقاش حول الوضع الاقتصادي في روسيا، من باب أن لـ«إسرائيل» مصلحة في استقراره ونموه نظراً لحجم الاستثمارات «الإسرائيلية» المتنامية هناك.

بوتين بدوره، أجاب بثقة على مضيفه، بحيث أكد على أمرين، الأول أن وضع روسيا جيد وهي لم تتعرض للكثير من الضرر جراء الأزمة المالية العالمية. والثاني أن روسيا لن تغير هيكلية احتياطاتها المالية.

[marron]-[/marron] [bleu]المصدر : جريدة «الأخبار» اللبنانية | ناصر شرارة.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165557

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165557 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 33


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010