الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010

الأهداف الصهيونية من وراء تدمير العراق

الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010 par سمير جبور

ثمة استراتيجية صهيونية تطبق على مراحل، ليس من اجل الحؤول دون قيام اي شكل من أشكال الوحدة العربية وحسب، بل وايضا لتفتيت الوطن العربي وتقسيم كل دولة الى دويلات إثنية وعرقية كما حاولت اسرائيل تطبيق هذه الأستراتيجية في لبنان، خلال النصف الثاني من القرن الماضي، وتقسيم العراق كما يجري حاليا. وتهدف هذه الأستراتيجية ايضا الى تحييد بعض الدول العربية وعزلها عن محيطها العربي وإضعافها وإخراجها من دائرة الصراع العربي الصهيوني كما فعلوا مع مصر والأردن.

والآن ينصب الجهد الصهيوني على تدمير العراق وتفتيته بتقسيمه الى دويلات اثنية وعزله عن محيطه العربي والعمل على تدمير أنظمته البنيوية لكي لا تقوم له قائمة كدولة عربية قوية تتمتع بطاقات اقتصادية وبشرية هائلة.

ولم تخف الحركة الصهيونية هذه الهدف. فقد كانت تعمل في الخفاء على إحداث الفتن في بلاد ما بين النهرين، وتعد الخطط التي انتهت بدفع الحلف الأطلسي على شن الحرب على العراق سنة 2003. وكان اول من كشف عن الخطط الصهيونية، وببعض التفصيل، لتقسيم العراق هو عوديد يينون الموظف السابق في وزارة الخارجية الأسرائيلية مستخدما احدى وثائق الخارجية الأسرائيلية (نشرت هذه الدراسة مترجمة عن العبرية، أنظر: سمير جبور “تطور العقيدة العسكرية الأسرائيلية خلال 35 عاما، بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1983). وأهم ما جاء فيها ما يلي:”ان العراق الغني بالنفط من جهة، والذي يكثر فيه الأنشقاق والأحقاد في الداخل من جهة اخرى، هو المرشح المضمون لتحقيق أهداف اسرائيل. إن تفتيت العراق هو أكثر أهمية من تفتيت سورية. فالعراق أقوى من سورية ،وقوته تشكل في المدى القصير خطرا على إسرائيل اكثر من أي خطرآخر. وحرب عراقية سورية، أو عراقية ايرانية سوف تفتت العراق وسوف تؤدي به الى انهيار في الداخل قبل أن يصبح في إمكانه التأهب لخوض صراع على جبهة واسعة ضدنا وكل مواجهة بين الدول العربية (مع بعضها بعضا) تساعدنا على الصمود في المدى القصير، وتختصر الطريق نحو الهدف الأسمى وهو تفتيت العراق الى شيع مثل سورية ولبنان. وفي العراق سوف يكون التقسيم ألأقليمي والطائفي متاحا ،كما كان الوضع في سورية في العهد العثماني. وهكذا تقوم ثلاث دول (هو اكثر)حول المدن العراقية الرئيسية: البصرة وبغداد والموصل، اذ تنفصل مناطق شيعية في الجنوب عن الشمال السني والكردي بأكثريته. ولعل المواجهة الايرانية العراقية تؤدي الى إزدياد حدة هذا الأستقطاب اليوم".

ومنذ ذلك الحين تنتهج اسرائيل سياسة منهجية للنيل من وحدة العراق الى ان تمكنت الحركة الصهيونية بحمل حلف الأطلسي على شن حرب على العراق في ربيع 2003 وعلى راسه الولايات المتحدة التي انساقت نحو الأكاذيب الصهيونية. وكان من الواضح ان الصهيونية هي التي خططت الحرب على العراق فقط من اجل مصلحة اسرائيل وتحقيق اهدافها التوسعية واطماعها في ثروات الوطن العربي. فهل اوشكت اسرائيل على تحقيق أهدافها من الحرب على العراق؟

“حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا”

رسم في ديختر وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق في محاضرة القاها في معهد أبحاث الأمن القومي الأسرائيلي، يوم 4 ايلول/سبتمبر 2008، رسم الصورة الحقيقية للدور الاسرائيلي في احتلال العراق من دون مواربة أو تمويه، مؤكدا على دورالاحزاب الكردية وعلاقتها باسرائيل والدعم الذي قدم لها. وقد جاء في محاضرة ديختر:

“لم يدر بخلدنا لحظة أن تتحقق دفعة واحدة مجموعة أهداف نتيجة للحرب التي شنتها الولايات المتحدة وأسفرت عن احتلاله.. العراق الذي ظل في منظورنا الاستراتيجي التحدي الاستراتيجي الأخطر بعد أن تحول الى قوة عسكرية هائلة، فجأة العراق يتلاشى كدولة وكقوة عسكرية، بل وكبلد واحد متحد، العراق يقسم جغرافياً وانقسم سكانياً وشهد حرباً أهلية شرسة ومدمرة أودت بحياة بضع مئات الألوف.”إذا رصدنا الأوضاع في العراق منذ عام 2003 فإننا سنجد أنفسنا أمام أكثر من مشهد:

العراق منقسم على أرض الواقع الى ثلاثة كيانات أو أقاليم رغم وجود حكومة مركزية.

العراق ما زال عرضة لإندلاع جولات جديدة من الحروب والإقتتال الداخلي بين الشيعة والسنة وبين العرب والأكراد.

العراق بأوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية لن يسترد وضعه ما قبل 2003".

وأكد ديختر على الدور الإسرائيلي في الحرب على العراق بعد احتلاله عام 2003 :

“لقد حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا”، مؤكدا على إنّ تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية تشكل أهمية استراتيجية للأمن الصهيوني.

واوضح بقوله “تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر، تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملا كاملا”.

وشدد بقوله “إن العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد، وخيارنا الاستراتيجي بقاؤه مجزأ”.

وأكد بقوله “ما زال هدفنا الإستراتيجي هو عدم السماح لهذا البلد أن يعود الى ممارسة دور عربي واقليمي وان تحليلنا النهائي وخيارنا الاستراتيجي هو أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسماً ومعزولا داخلياً بعيدا عن البيئة الإقليمية”.

وحول دور الاحزاب الكردية في تسهيل احتلال العراق، عرض ديخترتطور الدعم الصهيوني للأكراد:“التحول الهام بدأ عام 1972. هذا الدعم اتخذ أبعادا أخرى أمنية، مد الأكراد بالسلاح عبر تركيا وإيران واستقبال مجموعات كردية لتلقي التدريب في إسرائيل بل وفي تركيا وإيران” وقال أن “ذروة اهداف اسرائيل هو دعم الاكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الامنية من اجل تاسيس دولة كردية مستقلة في شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان”.“في العراق فاق ما كان عقلنا الاستراتيجي يتخيله”.

“الآن في العراق دولة كردية فعلا، هذه الدولة تتمتع بكل مقومات الدولة: أرض شعب دولة وسلطة وجيش واقتصاد ريعي نفطي واعد، هذه الدولة تتطلع الى أن تكون حدودها ليست داخل منطقة كردستان، بل ضم شمال العراق بأكمله، مدينة كركوك في المرحلة الأولى ثم الموصل وربما الى محافظة صلاح الدين الى جانب جلولاء وخانقين”.

وذكر ديختر أن“هناك إلتزاما من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط النفط من كركوك الى خط IBC سابقا عبر الأردن وقد جرت مفاوضات أولية مع الأردن وتم التوصل الى اتفاق مع القيادة الكردية، وإذا ما تراجع الأردن فهناك البديل التركي أي مد خط كركوك ومناطق الإنتاج الأخرى في كردستان تتم الى تركيا واسرائيل، أجرينا دراسات لمخطط أنابيب للمياه والنفط مع تركيا ومن تركيا الى إسرائيل”.

إذا رصدنا الأوضاع في العراق منذ عام 2003 فإننا سنجد أنفسنا أمام أكثر من مشهد:

العراق منقسم على أرض الواقع الى ثلاثة كيانات أو أقاليم رغم وجود حكومة مركزية.

العراق ما زال عرضة لإندلاع جولات جديدة من الحروب والإقتتال الداخلي بين الشيعة والسنة وبين العرب والأكراد.

العراق بأوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية لن يسترد وضعه ما قبل 2003.

نحن لم نكن بعيدين عن التطورات فوق هذه المساحة منذ عام 2003، هدفنا الإستراتيجي مازال عدم السماح لهذا البلد أن يعود الى ممارسة دور عربي وإقليمي لأننا نحن أول المتضررين.

سيظل صراعنا على هذه الساحة فاعلا طالما بقيت القوات الأمريكية التي توفر لنا مظلة وفرصة لكي تحبط أية سياقات لعودة العراق الى سابق قوته ووحدته.

نحن نستخدم كل الوسائل غير المرئية على الصعيد السياسي والأمني. نريد أن نخلق ضمانات وكوابح ليس في شمال العراق بل في العاصمة بغداد. نحن نحاول أن ننسج علاقات مع بعض النخب السياسية والإقتصادية حتى تبقى بالنسبة لنا ضمانة لبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية التي هي في حالة حرب مع اسرائيل، العراق حتى عام 2003 كان في حالة حرب مع إسرائيل.. وكان يعتبرالحرب مع إسرائيل من أوجب واجباته.

إسرائيل كانت تواجه تحديا استراتيجيا حقيقيا في العراق، رغم حربه مع ايران لمدة ثمانية أعوام، واصل العراق تطوير وتعزيز قدراته التقليدية والإستراتيجية بما فيها سعيه لحيازة سلاح نووي.
هذا الوضع لايجب أن يتكرر نحن نتفاوض مع الأمريكان من أجل ذلك، من أجل قطع الطريق أمام عودة العراق ليكون دولة مواجهة مع اسرائيل.

الإدارة الأمريكية حريصة على ضمان مصالحنا وعلى توفير هذه الضمانات عبر وسائل مختلفة.

بقاء القوات الأمريكية في العراق لفترة لا تقل عن عقد الى عقدين.

الحرص على أن تشمل الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية أكثر من بند يضمن تحييد العراق في النزاع مع إسرائيل وعدم السماح له بالإنضمام الى أية تحالفات أو منظومات أو الإلتزام بمواثيق تتأسس على العداء ضد إسرائيل كمعاهدة الدفاع العربي المشترك أو الإشتراك في أي عمل عدائي ضد إسرائيل إذا ما نشبت حرب في المنطقة مع سورية أو لبنان أو إيران.

الى جانب هذه الضمانات هناك أيضا جهود وخطوات نتخذها نحن بشكل منفرد لتأمين ضمانات قوية لقطع الطريق على عودة العراق الى موقع الخصم.

استمرار الوضع الحالي في العراق ودعم الأكراد في شمال العراق

ككيان سياسي قائم بذاته، يعطي ضمانات قوية ومهمة للأمن القومي الإسرائيلي على المدى المنظور على الأقل.

نحن نعمل على تطوير شراكة أمنية واستراتيجية مع القيادة الكردية رغم أن ذلك قد يثير غضب تركيا الدولة الصديقة. نحن لم ندخر جهدا في سبيل إقناع الزعامة التركية وعلى الأخص رجب أردوغان وعبد الله غول بل والقادة العسكريين أن دعمنا للأكراد في العراق لا يمس وضع الأكراد في تركيا.

أوضحنا هذا أيضا للقيادة الكردية وحذرناها من مغبة الإحتكاك بتركيا أو دعم أكراد تركيا بأي شكل من اشكال الدعم، أكدنا لهم أن الشراكة مع إسرائيل يجب أن لا تضر بالعلاقة مع تركيا وأن ميدان هذه الشراكة هو العراق في الوقت الحالي، وقد يتسع المستقبل لكن شريطة أن يتجه هذا الأتساع نحو سورية وإيران.

مواجهة التحديات الاستراتيجية في البيئة الإقليمية يحتم علينا أن لا نغمض العين عن تطورات الساحة العراقية وملاحقتها، لا بالوقوف متفرجين بل في المساهمة بدور كي لا تكون تفاعلاتها ضارة ومفاقمة للتحديات.

تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية عن تكريس وإدامة تحييد مصر، تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام كل الوسائل المتاحة وغير المتاحة حتى يكون التحييد شاملا كاملا.

لا يمكن الحديث عن استخدام خيار القوة لأن هذا الشرط غير قائم بالنسبة للعراق. ولأن هذا الخيار مارسته القوة الأعظم في العالم، الولايات المتحدة، وحققت نتائج تفوق كل تصور، كان من المستحيل على اسرائيل أن تحققه إلا بوسيلة واحدة وهي استخدام عناصر القوة بحوزتها بما فيها السلاح النووي.

تحليلنا النهائي أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسما ومعزولا داخليا بعيداعن البيئة الإقليمية، هذا هو خيارنا الاستراتيجي. ومن أجل تحقيقه سنواظب على استخدام الخيارات التي تكرس هذا الوضع، دولة كردية في العراق تهيمن على مصادر إنتاج انتاج النفط في كركوك وكردستان.

هناك إلتزام من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط النفط من كركوك الى خط IBC سابقا عبر الأردن وقد جرت مفاوضات أولية مع الأردن وتم التوصل الى اتفاق مع القيادة الكردية، وإذا ما تراجع الأردن فهناك البديل التركي أي مد خط كركوك ومناطق الإنتاج الأخرى في كردستان تتم الى تركيا واسرائيل، أجرينا دراسات لمخطط أنابيب للمياه والنفط مع تركيا ومن تركيا الى إسرائيل.

المعادلة الحاكمة في حركتنا الاستراتيجية في البيئة العراقية تنطلق من مزيد من تقويض حزمة القدرات العربية في دولها الرئيسية من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومي لإسرائيل .

أغلب الظن انه ليست هناك حاجة الى التعليق على هذه المعلومات الخطيرة، ولكن يطرح سؤالان: كم بقي من الوقت للأنقاذ العراق من براثن الهصيونية وأطماعها التوسعية ومخططاتها للسيطرة على الثروات العربية؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178389

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178389 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40