السبت 23 حزيران (يونيو) 2012

«نكبات» اليهود صناعة صهيونية بامتياز

السبت 23 حزيران (يونيو) 2012 par مأمون كيوان

يتذكر «الإسرائيليون» راهناً ذكرى مرور 71 سنة على حادثة الفرهود التي وقعت في العراق، وزُعم أنها أفضت إلى مقتل 179 رجلاً وامرأة وطفلاً. مسجلة أسماؤهم في مركز تراث يهود بابل في أور يهودا بحسب الصحافي تسفي غباي الذي قال في مقالة نشرتها صحيفة «إسرائيل اليوم» في 14/6/2012: «ورغم ان التاريخ ليس تنافس كوارث، يجب ان نذكر انه تم في الدول العربية تطهير عرقي، فلم يكد يبقى فيها يهود، وكلما بكّرنا للحفاظ على تراثنا المجيد والغني وتذكر ضحايا يهود الدول العربية بصورة رسمية سنقوي مكانتنا الوطنية والدولية. وسنساعد بذلك أيضاً على الوعي في العالم العربي لا سيما بين مثقفين عرب، فهناك من يعتقدون أنه حدثت في «الشرق الأوسط» كارثة كان ضحاياها يهوداً لا عرباً فلسطينيين فقط».

تنسجم مزاعم غباي مع مزاعم الحركة الصهيونية التي عمدت منذ زمن طويل إلى تضخيم الحوادث الفردية البسيطة التي ترتكب ضد اليهود أو مؤسساتهم واظهارها على أنها تشكل تياراً عاماً معادياً لليهودية تطلق عليه اسم الموجات اللاسامية، وذلك لدفع اليهود إلى الانعزال والتقوقع وعرقلة اندماجهم في مجتمعاتهم، وبذلك يصبحون في بيئة مناسبة لتغلغل الدعاية الصهيونية بينهم وتهيئتهم للهجرة إلى «إسرائيل» التي صورتها الدعاية «الإسرائيلية» على أنها المكان المأمون الوحيد لليهود في العالم وواكبت عملية إشاعة القلق بين اليهود السعي إلى غرس الخوف من الاضطهاد من أجل تحطيم الوجود الأمني الذي تمتع به اليهود في حياتهم بين العرب.

وتحت عنوان «الدفاع الذاتي في مواجهة الاضطهاد» كتبت الموسوعة اليهودية Encyclopedia Judaica شارحة: «كانت الحكومة العراقية مقتنعة أن القنابل جرى زرعها من قبل اليهود، لإهانة العراق أمام أنظار العالم. وفي يونيو/حزيران 1951 جرى اعتقال عشرات اليهود، واتهم بعضهم بزرع تلك القنابل. وفي ديسمبر/كانون الأول من عام 1951 حكم على اثنين منهم هما جوزيف بصري، وهو محام وإبراهام صالح، وهو صانع أحذية بالموت، وجرى شنقهما على مرأى من الجميع في يناير/كانون الثاني من عام 1952، وكان هذان الشابان من نشطاء منظمة حالوتس الصهيونية السرية، والتي كانت قد تأسست عام 1942، وقامت بتنظيم اليهود في خلايا صغيرة بغية دراسة العبرية ومتابعة التطورات الحاصلة في فلسطين. وتم تدريب حوالي ستمئة عنصر من الهاغاناه.

[rouge]مخبرون متورطون[/rouge]

وذكرت صحيفة «هاعولام هازيه»: «من جهة أولى، إن جميع المهاجرين الذين تابعوا «المسألة العراقية» عن قرب، أو الذين كانوا مرتبطين بها على نحو أو آخر، بما في ذلك عائلتا الشابين اللذين جرى إعدامهما اتفقوا على الثناء على صحيفة «هاعولام هازيه» قرارها بفضح السر. «لقد حان الوقت - كما كتبت الصحيفة - بالنسبة لسكان «إسرائيل» كي يعرفوا الجهود التي بذلت من أجل إحضار يهود العراق إلى «إسرائيل». وما الذين تركوه خلفهم». وأوضحت صحيفة «هاعولام هازيه» أن المخبرين الذين زودوها بالمعلومات هم من المتورطين في أحداث بغداد، ويبدو واضحاً كل الوضوح، أنه إذا كانوا هم المسؤولون عن زرع القنابل، فإنهم غير جاهزين للاعتراف بأنهم تسببوا، عمداً، بأكثر من العدد الأدنى للإصابات. أحد أولئك المتورطين، ممن قرروا إراحة ضمائرهم يدعى يهودا تاجار، وهو مسؤول في وزراه الخارجية «الإسرائيلية»، وعمل آخر المطاف ملحقاً في السفارة «الإسرائيلية» في لندن. وهذا ما أورده نسيم رجوان، من يهود العراق، في كتابه: «يهود العراق ثلاثة آلاف عام من التاريخ والثقافة».

وبلغ تبلبل الأوضاع في أعقاب التحقيقات الأولية حداً جعل الحكومة تصدر في 26 يونيو/حزيران 1951 بياناً قالت فيه إنها اكتشفت حلقة تجسس في بغداد يديرها اثنان من الأجانب تم اعتقالهما، وتم أيضاً، اعتقال معظم شركائهما بمن فيهم المسؤولون عن التفجيرات، كما اكتشفت أجهزة الأمن مخابئ سرية في الكنس وبعض البيوت مملوءة بأنواع المتفجرات، والمصنفات والآلات الكاتبة وآلات طباعة وقوائم عضوية. وقد ضبط كل ما تم ذكره بحضور القاضي المكلف بالتحقيقات ومسؤول شرطة بغداد، وحضور عددٍ من أعيان اليهود. ووفقاً لما أعلنته السلطات فإن تلك الأعمال الإرهابية هدفت إلى تحقيق ثلاثة أشياء:

1- إرهاب اليهود وإجبارهم على الهجرة إلى «إسرائيل». وهو الأمر الذي لم يتحقق في واقع الأمر.

2- استغلال تلك الأحداث لنشر دعاية مضادة تستهدف العراق.

3- إثارة اهتمام البريطانيين والأمريكيين في ما يتعلق بموضوع العلاقة بين اليهود والعرب.

كشفت التحقيقات الستار عن الحركة السرية المسماة Tenu,d وعن كل تحصيناتها. وتم سجن الكثير من اليهود، واثنان منهما أعدما شنقاً. وإحدى الحجج المفحمة التي لجأت إليها الحكومة لإثبات أن أعمال الإرهاب هذه من تدبير اليهود وليس المسلمين (كما ذهب ظن اليهود بادئ الأمر) أنها، أي تلك الأعمال، وقعت في الأماكن التي يجتمع فيها اليهود في العادة، وهدفت إلى بث الذعر فيهم من دون إيذائهم، حسب ما أكدته سيلفيا حاييم في كتابها: «جوانب من حياة يهود بغداد في ظل الحكم الملكي».

[rouge]دور «الموساد»[/rouge]

ولا بد من التذكير، أن عملية إخراج العراقيين اليهود نظمها جهاز «الموساد» وأطلق عليها اسم «عملية عزرا ونحميا» في إشارة إلى سفرين من أسفار التوراة، وعين مردخاي بن-بورات، العراقي المولد، ليقوم بتنفيذها. وقد وصف نوآم بن-يهودا، أحد عملاء «الموساد» في قبرص، هذه العملية بأنها ربما مثلت «دون غيرها أعظم الإنجازات لاستخبارات دولتنا. وعرف بن-بورات باسم «مراد أبو القنابل» من قبل العراقيين اليهود في «إسرائيل»، الذين يتهمونه بأنه كان وراء التفجيرات التي وقعت في بغداد أثناء تنفيذه لمهمته. وبمناسبة حصوله، في إبريل/نيسان عام 2001، على «جائزة «إسرائيل»» لدوره «المفصلي» في هجرة اليهود العراقيين إلى «إسرائيل» قام بسرد قصة حياته.

وكانت مهمة بن-بورات عام 1950 تتلخص بـ «مساعدة الصبيان والبنات، الذين يريدون عبور الحدود»، وفي السنة التالية اعتقل بن-بورات وعذب عدة مرات، حسبما يقول، ولكن تم تهريبه من البلاد من جديد، هذا المرة في طائرة نقلت اليهود إلى «إسرائيل». وبعد عودته طلب منه إنشاء مخيم مؤقت للمهاجرين، وسرعان ما تحول المخيم إلى مدينة، هي أور يهودا، وأقيمت على أنقاض القرية الفلسطينية كفر عانة، شرقي يافا. وفي عام 1979 أرسله مناحيم بيغن، رئيس الوزراء آنذاك، إلى إيران لـ «إنقاذ» اليهود هناك، وبقي في إيران ثلاثة أسابيع، بصفته مبعوثاً لـ «مجلس الوكالة اليهودية»، و«نجح» بإخراج 2000 يهودي، لكن الثورة وقعت، و«لم نتمكن، نحن «الإسرائيليين» من الخروج»، فجاءت طائرة أمريكية وأخرجت هؤلاء مع أجانب آخرين من هولندا والولايات المتحدة.

وظل بن-بورات منخرطاً في إخراج ما تبقى من يهودٍ في العراق حتى عام 2001، فقد ذكرت وكالة «ورلد نيت دايلي» للأنباء أنه «برع منذ عام 1995 في إخراج اليهود المتبقين في العراق وإعادتهم إلى «إسرائيل»، وهم نحو 160، ومعظم هؤلاء ذهبوا إلى بريطانيا وهولندا. وقد تمت رشوة مسؤولي الحدود العراقيين حتى يسمحوا لليهود بالعبور إلى الأردن».

وقد كشف كتّاب عديدون عن دور المخابرات الصهيونية، التي لجأت إلى وسائل إرهابية لدفع اليهود إلى ترك البلدان العربية، من بينهم نعيم جلعادي، وهو يهودي عراقي لم يعاصر أحداث خروج اليهود من العراق فحسب، بل أسهم هو نفسه في البداية في مخططات الصهيونية وممارساتها لتحقيق هذا الهدف.

وأوضح شلومو هيلل دوره في هذه العملية بقوله إنه كان يتحرك مابين فلسطين والعراق، وبالطائرة أحياناً، وأحياناً بارتداء الزي العربي (العباءة والعقال) ليتنقل بالطرق البرية مابين فلسطين والعراق وتركيا وإيران، في حين كان قد تم إنشاء محطة مخابراتية لـ«الموساد» في بغداد نفسها تحمل أسماء رمزية ثلاثة هي (ديكيل) و(أورين) و(بيرمان).

وكان الصحافي بن درور يميني قد زعم أن اليهود تعرضوا لمجازر عديدة في ليبيا والعراق وسوريا والجزائر وشمال إفريقيا، وذلك في إطار الترويج للهجرة إلى الكيان وزرع عامل الخوف في نفوس اليهود للمغادرة إلى «إسرائيل».

واكتشف يميني أنه خلال الأربعينات من القرن الماضي كان التبادل السكاني وعمليات التهجير في سبيل إيجاد دولة قومية هي نهج مألوف، حيث مر بمثل هذه التجربة عشرات الملايين من البشر. وقال إن «الفلسطينيين وحدهم، يضخمون أسطورة النكبة يوماً بعد يوم».

واكتشف نكبة أخرى، يدعوها النكبة اليهودية الأكثر خطورة من النكبة الفلسطينية، والفرق الوحيد أنه لم يحوّل اليهود نكبتهم إلى روايتهم المؤسِسة، بل عكس ذلك هو الصحيح. لم يعلنوا الحرب على أي من البلدان التي كانوا يقيمون فيها، بل كانوا «مواطنين أوفياء»!

ويبدو أن بن درور يميني يعتقد أن الفلسطينيين هم أعداء أنفسهم فنكبتهم هي من صنع قيادتهم، ويتناسى عمداً أن النشاط الصهيوني في البلاد العربية هو الذي نقل يهود تلك البلاد من مواطنين مشكوك بولائهم نتيجة الأعمال التخريبية الصهيونية والموسادية في العراق ومصر، على سبيل المثال لا الحصر، (حادثة الفرهود، وفضيحة لافون) وإلى محتلين في فلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2177370

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2177370 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40