الخميس 21 حزيران (يونيو) 2012

عِقْد على «الجدار»

الخميس 21 حزيران (يونيو) 2012 par بركات شلاتوة

في مثل هذه الأيام قبل عشر سنوات، وتحديداً في السادس عشر من يونيو/ حزيران عام 2002، بدأت «إسرائيل» بناء جدار الضم والتوسع العنصري على أراضي الضفة الغربية المحتلة بذرائع ظاهرها «أمني» وباطنها التهام ما تبقى من الأرض الفلسطينية لصالح المشاريع الاستيطانية التوسعية ووأد حل الدولتين والفصل على أساس عنصري بين دولة الاحتلال والشعب الذي تحتله.

مزاعم الاحتلال «الأمنية» تتكشف بالوقوف لدقائق عند الحيثيات التي بدأت عندها عملية بناء الجدار، فقد جاء بناؤه بعد موجة من العمليات الاستشهادية التي كبّدت الاحتلال الكثير من الخسائر البشرية والمادية وهزّت الصورة المرسومة عن الدولة الأمنية الأولى في العالم، ما جعل دولة الاحتلال تفقد صوابها، واتخذت من ذلك ذريعة، وقالت إن طول الجدار سيبلغ سبعمئة كيلومتر ليشطر فلسطين التاريخية إلى نصفين من شمالها إلى أقصى جنوبها، وقد مر عقد من الزمن من دون أن تنهي «إسرائيل» مشروعها الذي يتمدد في الضفة الغربية كالأفعى، ما يعني أن هدفها الحقيقي كان أبعد من قضية أمن ليتحول إلى مشروع كبير لفرض نظام «أبارتهايد» يفصل تماماً بين الفلسطينيين وأرضهم المغتصبة ويسرق المزيد من الأراضي لأن هذا السرطان الاستيطاني يتوغل في قلب الضفة ليمزق الامتداد الجغرافي بين مدنها وقراها والتواصل الطبيعي بينها ويحولها إلى معازل وتجمعات تفتقد إلى البنية التحتية والخدمات ويفصل الفلاحين عن أراضيهم وكرومهم ويجعلهم تحت رحمة جنود البوابات المغلقة والمكهربة التي لا تفتح إلا بتصريح من الحاكم العسكري، مدته ساعات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

الأمر الآخر أن الجدار بني في المناطق غير المأهولة من خلال إقامة سياج سلكي في أماكن تبعد عن المناطق المحتلة عام 1948 عشرات الكيلومترات ما يشير إلى أن الهدف استيطاني خاصة أن هذا السياج من السهل إزالته بركلة أو بضربة معول.

أما في القدس المحتلة ومحيطها حيث التهويد سيد الموقف فإن الجدار بني بكتل اسمنتية يتجاوز ارتفاعها ثمانية أمتار تعلوها الأسلاك الشائكة ببوابات أشبه بمعسكرات الاعتقال.

ورغم أن محكمة العدل الدولية في لاهاي أقرّت في يوليو/تموز 2004 عدم قانونية الجدار، ودعت إلى إزالته إلا أن القرار بقي حبراً على ورق ولم يجد طريقه إلى التنفيذ وانضم إلى قائمة القرارات الدولية التي ضربت بها «إسرائيل» عرض الحائط، وأدارت ظهرها، وما زالت، للمنظمات الدولية والحقوقية التي تطالبها بإنهاء الاحتلال وكف يدها عن الفلسطينيين.

الآن وبعد عشر سنوات من الاحتجاجات السلمية التي دشنتها قرية بلعين ضد بناء جدار الفصل العنصري، ما زالت «إسرائيل» ماضية في مشروعها التوسعي ولم تأبه لمثل هذه التحركات، وحاولت إيهام العالم بأنها دولة قانون بقرار محكمتها العليا التي دعت إلى إزاحة الجدار في القرية لأمتار عدة لتحرف أنظار العالم عن الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165494

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165494 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010