الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010
دراسة : البترول واقتصاد المقامرة والمشروع الإمبراطوري الأمريكي

أمريكا خططت لاحتلال منابع النفط العربية أيام كيسنجر (1-2)

الأحد 13 حزيران (يونيو) 2010 par د.عبدالحي زلوم

الدكتور عبدالحي يحيى زلوم هو مستشار نفطي عالمي قضى أكثر من خمسين سنة في صناعة النفط في الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، وساهم في تأسيس العديد من شركات النفط الوطنية العربية، كما قام بأعمال استشارية في الهند والصين وله سبعة كتب بالعربية وكذلك بالإنجليزية . في هذه المحاضرة يبين د . زلوم أن النفط قد رسم خريطة الشرق الأوسط، وكان محور محرك السياسات “البترو إمبريالية” في عهد الإمبراطوريتين البريطانية والأمريكية، كما يبين خفايا الاحتلال التدريجي لمنابع النفط والرابط بين النفط ونشوء الاقتصاد الرأسمالي المقامر الجديد الذي أصبح النفط، الذهب الأسود، غطاءه بدلاً من الذهب الأصفر . وتالياً نص الجزء الأول من المحاضرة:

لعل ما قاله وزير الطاقة الأمريكي ردتشدردسون أيام الرئيس كلينتون سنة 1999 قد (قطع قول كل خطيب) حينما قال:

“لقد كان البترول محور القرارات الأمنية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال القرن العشرين، والنفط كان وراء تقسيمات الشرق الأوسط إلى دويلات بعد الحرب العالمية الأولى”، وهكذا فعند جهينة الخبر اليقين .

لمحة تاريخية

لا نود هنا أن نسهب عن تاريخ النفط، ولكن من المفيد أن نُذكّر بأن أول ذكر تاريخي للنفط كان في مدينة هيت قرب بغداد قبل 5000 سنة، وأن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كان قد نصح من جاء يسأله للدعاء لشفاء بعيره المصاب بالجرب قائلاً: عليك بقليل من القطران مع الدعاء، والقطران هو أحد مشتقات النفط الثقيلة . وكان هناك (والي نفط) أيام الأمويين والعباسيين وأن أول تقطير للنفط تم بواسطة علماء مسلمين .

إلاّ أن التاريخ الحديث للنفط بدأ سنة 1859 حين حفر (Drake) أول بئر نفطية على عمق 69 قدماً فقط في ولاية بنسلفينيا الأمريكية فوق أحد التسريبات النفطية . ولقد كان أول استعمال للنفط للاضاء بمادة الكاز بدلاً من (زيت الحيتان) الذي بدأ بالنضوب . إلا أنه بعد دراسة قام بها ضابط البحرية البريطانية (Fisher) أثبت فيها جدوى ضرورة استعمال البترول بدلاً من الفحم الحجري كوقود لأسطول الامبراطورية، عندئذ أصبح النفط سلعة استراتيجية ليس كأي سلعة أخرى وزادت أهميته حين اخترع المهندس الألماني (Daimler) آلة الاحتراق الداخلي (internalcombustion engine) . وللدلالة على مدى تأثير النفط في الحضارة الغربية يكفي أن نبين أن 50% من العمالة الأمريكية كانت تعمل في الزراعة في بداية القرن العشرين، وانخفضت إلى 2% فقط في آخر القرن بالرغم من أن الإنتاج قد أصبح أضعاف الأضعاف عن السابق، وذلك نتيجة استعمال وسائل تعتمد كلها على النفط ومشتقاته كالآلات الزراعية والأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية، بحيث أن السُعر الحرارية من المواد الغذائية يحتاج إلى عشر سُعرات من الطاقة لإنتاجه في الولايات المتحدة .

عوامل التحكم في سياسة الغرب نحو العرب والمسلمين

في كتابي “أمريكا بعيون عربية” بيّنت أن العلاقة بين الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، كان يتحكم فيها أربعة عناصر تبدأ كلها بالإنجليزية بحرف “G”، وفي محاضرتي بجامعة هارفارد/ مركز دراسات الشرق الأوسط اضفتُ “G” خامسة وهذه العناصر هي :

God كناية عن الأديان .

Geography وذلك عن جغرافيا المنطقة المتميزة بين ثلاث قارات رئيسية .

Geopolitics الجيوبوليتكس بين امبراطوريات العصور .

Geology كناية عن الجولوجيا والمصادر الطبيعية وأهمها حالياً النفط .

Globalization العولمة والتي نصّبت الولايات المتحدة نفسها بوليساً دولياً لفرضها على الآخرين لما لها من فوائد تعود على نخبتها الآمرة والناهية في واشنطن .

كان عنصرا الأديان والجغرافيا هما العنصران الطاغيان خلال الاثني عشر قرناً بعد ظهور الإسلام، وبمرور القرون أصبح تأثير العناصر الأخرى يزداد أهمية .

عامل الجيوبوليتكس

ففي القرن التاسع عشر كان وضع الامبراطورية العثمانية ضعيفاً ما شجع الإرساليات التبشيرية وأنطمتها التعليمية على بث روح العلمانية والقومية لتفتيت تلك الدولة الإسلامية . وكان في مقدمة تلك المؤسسات الكلية البروتستانية السورية والتي غيّرت اسمها سنة 1920 لتصبح الجامعة الأمريكية في بيروت .

كانت التنبؤات التوراتية والانجيلية بالقيام الثاني للمسيح تدّعي ضرورة إعادة اليهود لأرض فلسطين، ولقد جاء الأوروبيون المهاجرون الأوائل بأفكارهم هذه إلى القارة الأمريكية، فأصبح هؤلاء يُسمون أنفسهم بأبناء صهيون منذ وصول أولى بواخرهم May Flower)) إلى الأرض الأمريكية التي سموها أرض الميعاد . ولقد تفرعت فئات مسيحية عدة تمت تسميتهم عموماً بالإعاديين، نسبة الى ضرورة إعادة اليهود الى فلسطين كشرط للقيام الثاني للمسيح .

كان من بين هؤلاء بروفيسور اللغة العبرية في جامعة نيويورك جورج بوش، الأب الأعظم لرئيسين أمريكيين لاحقاً، حيث كتب كتاباً يصف فيه النبي محمداً صلى الله عليه وسلم بأوصاف شائنة، وكتاباً آخر اسمه “وادي الرؤى” سنة 1844 أي قبل نصف قرن من صهيونية ثيودور هيرزل، كتب فيه بضرورة “رفع اليهود إلى مرتبة عظيمة بين الأمم وإعادة بناء دولة لهم في فلسطين مما يفيد الإنسانية جمعاء حيث سيكونون همزه الوصل بين الإنسانية والله” .

الولايات المتحدة حصان الرأسمالية

زاد الاهتمام الامبريالي في منطقة الجزيرة العربية وخصوصاً الخليج عند بدء عمليات الحفر عن النفط في بلاد فارس (إيران) . ففي سنة 1903 قال وزير الخارجية البريطانية Lansdowne في مبدئه المعروف باسمه “إن أي محاولة لبناء ميناء عسكري في الخليج الفارسي من أي دولة أخرى سيعتبر تهديداً للمصالح البريطانية وسوف يُقاوم بكل الوسائل المتاحة لدينا” .

لعله من المفيد هنا أن نقارن بين هذا التصريح الامبراطوري البريطاني وعقيدة الرئيس الأمريكي كارتر (Carter Doctrine) حوالي ثمانين سنة بعد ذلك، لنجد تطابقاً يكاد يكون حرفياً بين الامبراطوريتين البريطانية والأمريكية، قال كارتر سنة 1980 “إن أي محاولة لأي قوة خارجية للسيطرة على الخليج الفارسي سيُعتبر تهديداً للمصالح الحيوية الأمريكية ولسوف تتم مقاومته بكافة الوسائل المتاحة بما في ذلك القوة العسكرية” .

كانت البحرين هي قاعدة الأسطول البريطاني، وعندما غيّرت الامبريالية الانجلوسكونية حصانها الامبريالي من بريطانيا الى الولايات المتحدة أصبحت قيادة الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين أيضاً .

بعد الحرب العالمية الأولى، فقدت بريطانيا معطياتها المكونة للقوة الامبراطورية، فتمّ ترتيب مُمنهج لانتقال الدور الامبراطوري للرأسمالية الأنجلوساكسونية ليصبح في الولايات المتحدة . وأثناء الحرب العالمية الثانية، تم تشكيل لجان اسمها (لجان الحرب والسلم) لتضع تصوراتها وتوصياتها للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من توصياتها قيام مؤسسات تُهيمن عليها الولايات المتحدة وتدير نظام ما بعد الحرب بواسطتها وهي (أمم متحدة)، وكذلك (بنك دولي)، و(صندوق دولي)، ومنظمة لنظام (تجارة حرّة عالمية) وهكذا كان .

كان قيام نظام صرف ثابت للعملات يعتمد على سعر ثابت بين العملات العالمية والدولار، ثم تعهد الولايات المتحدة بصرف أونصة ذهب لكل من يقدم لها 35 دولاراً وبذلك تتم طباعة الدولار بقيمة احتياطات الولايات المتحدة من الذهب . وبقي هذا النظام يعمل بشكل مقبول إلا أن اختلالات قد طرأت عليه منذ سنة 1957 إلى أن ألغي نهائياً سنة 1971 من الرئيس نيكسون .

بداية تفكك نظام بيرتون ودز

كان عام 1957 هو أول عام يكون فيه ما يخرج من دولارات من الولايات المتحدة يزيد عمّا يدخلها ذلك لأن الشركات عبرالقطرية، وكذلك البنوك، قد نقلت جزءاً مهماً لعملياتها خارج الولايات المتحدة متبعة العمالة الرخيصة بالخارج . يضاف إلى ذلك أن أمريكا قد أنهكتها حروبها ومصاريفها العسكرية، ففي الستينات كان للولايات المتحدة 600000 جندي في أنحاء المعمورة عدا عن 589000 جندي في فيتنام، و600 قطعة بحرية موزعة على الأساطيل الأمريكية في كل مكان .

شك الأوروبيون في صدق الولايات المتحدة حسب تعهدها والتزامها بألا تطبع دولارات أكثر من احتياطها من الذهب وفق قاعدة نظام الصرف الثابت في بريتون ودز . طالب ديغول بأن تثبت الولايات المتحدة ما لديها من ذهب لكنها لم تفعل، وقامت مظاهرات الطلبة بعد ذلك بقيادة “كوهين” مما نتج عنه في النهاية خروج ديغول من السلطة . إلاّ أن مشكلة الدولار والذهب لم تنته، وأخيراً اعترفت الولايات المتحدة بالحقيقة، بأنه ليس لها من الذهب ما يكفي لغطاء الدولار حسب تعهداتها في بريتون ودز، فقام نيكسون بإلغاء نظام الصرف الثابت وتَعهُد الولايات المتحدة بتبديل الدولارات بالذهب عند الطلب، ما جاء بنظام اقتصادي جديد آخر هو النظام المقامر في العملات وفي السلع والبورصات وكل شيء .

استهلاك مفرط للنفط

بين عامي 1930 و1946 زاد استهلاك الولايات المتحدة للنفط 300%، وزاد بعد ذلك حتى سنة 1970 ب 300% أخرى . كل ذلك بعهد النفط الرخيص والذي كانت زجاجة لتر الماء تكلف حقيقة أكثر من غالون من البنزين .

سنة 1956 قدم جيوفيزيائي يعمل في شركة شل اسمه king M . Hubbert ورقة لمؤتمر معهد البترول الأمريكي المنعقد في سان أنتونيو تكسس، ورقة بين فيها أن الولايات المتحدة ستصل إلى ذروة إنتاجها النفطي حوالي عام 1970 ويبدأ إنتاجها بعد ذلك بالهبوط التدريجي، وهكذا كان . فأصبحت الولايات المتحدة مستوردة للنفط ابتداءً من سنة 1971 ما أدى إلى بداية العجوزات التجارية مما زادَ وضع الدولار كعملة احتياط عالمية حرجاً . ففي سنة 1970 وصل استهلاك النفط إلى 11،3 مليون برميل يومياً وبقى في زيادة إلى أن وصل حوالي 20 مليون برميل يومياً هذه الأيام، في حين وصل إنتاج النفط إلى 11،3 مليون برميل سنة 1970 إلى أن بدأ بالهبوط إلى أن أصبح اليوم 5،34 مليون برميل باليوم فقط .

سنوات عقد السبعينات الأولى

لعل تلك السنوات الأولى من سبعينات القرن العشرين كانت سنوات تحويلية في النظام المالي والاقتصادي والنفطي العالمي . ففي تلك السنوات الأولى من ذلك العقد :

تم إلغاء سعر الصرف الثابت حسب اتفاقية بريتون ودز من طرف واحد .

وتهدد وضع الدولار كعملة احتياط عالمية .

وأصبحت الولايات المتحدة مستورداً للنفط بدلاً من مصدر له .

وبدأت العجوزات التجارية في تلك السنوات نتيجة لذلك .

وزاد الطين بلّة ما جاء في دراسة قامت بها جامعة MIT العريقة سنة 1971 تحت عنوان Limits to Growth والتي بينت أن النموذج الاقتصادي الرأسمالي الذي يعتمد على نمو مستدام سنة فسنة معتمداً على ديمومة المصادر الطبيعية غير قابل الاستمرار في ظل تنامي السكان ومحدودية المصادر الطبيعية، وتنبأ بخلل صارخ منتصف القرن الحادي والعشرين .

كذلك كان أكثر الاكتشافات النفطية في اليابسة قد استنفد، فأصبحت الاستكشافات البحرية هي السبيل الجديد، كما تم في كل من آلاسكا وبحر الشمال، إلا أن التكلفة للإنتاج كانت خمسة دولارات للبرميل في ألاسكا وسبع دولارات للبرميل في بحر الشمال في وضع كان فيه يباع النفط بدولارين للبرميل .

الاحتلال

حينما بدأت “قناة الجزيرة” بإنتاج كتابي “أمريكا بعيون عربية” قدمتُ للمخرج أسماء من ينبغي مقابلتهم ممن جاء ذكرهم في كتابي . كان أحد هؤلاء James Akins سفير أمريكا السابق في المملكة العربية السعودية وخبير الطاقة في البيت الأبيض . ولقد جاء هذا في المقابلة التي تمّت والتي تم بثها على قناة الجزيرة:

“كيف يمكن السيطرة على نفط الشرق الأوسط؟ لقد تحدثنا عن ذلك في الماضي . كيسنجر تحدث عن ذلك . والواقع أن هذا كان سبب طردي من وزارة الخارجية . عندما جاء كيسنجر بخططه للاستيلاء على حقول النفط وقد سألت عن ذلك عندما تم نشر المقال في مجلة هاربر، كُتب المقال تحت اسم اللاتيني المستعار بمعنى الجندي المجهول . لم يعرف أحد من كان الجندي المجهول ولوقت طويل . اقترح احتلال حقول النفط العربي من الكويت حتى دبي واحضار موظفي من تكساس وأوكلاهوما لإدارة هذه الحقول وطرد العرب إلى منطقة نجد . وستكون المنطقة من الكويت إلى أبوظبي خالية من العرب . ونقوم باستخراج النفط خلال 50-70 عاماً . عندما ينضبُ النفط يمكن للعرب العودة من نجد إلى الكويت وأبوظبي لكن الحقول ستكون فارغة . خطة بارعة . وتحدثت إلى ارامكو في الموضوع وأصيبوا بالذُعر من الفكرة، لكن أن يكون الأمر بهذه السهولة والسرعة كان حلماً ساذجاً . وقد سُئلتُ عن ذلك من الإعلام وكنت حينها سفيراً لأمريكا بالسعودية، قلت للتلفزيون الأمريكي من يفكر في حل مشاكل الطاقة الأمريكية بهذا الأسلوب إما أن يكون مجنوناً أو مجرماً أو عميلاً للاتحاد السوفييتي، لكن هذه الخيارات لم ترق لكاتب المقال . كنت أعتقد أنه أحد المجانين من المخابرات المركزية أو من وزارة الدفاع . لم أكن أعرف من هو . كثيرون ظنّوا أنني كنت أعرف لكنني لم أكن أعلم شيئاً . كان كيسنجر هو بذاته” .

حالات الدراسة التي تُعلّمها جامعة هارفارد لطلابها تُقر بأن احتلال منابع النفط العربية كان أحد الخيارات الجدية لدى الإدارة الأمريكية في أوائل السبعينات لكن عالماً ثنائي الهيمنة لم يجعل من ذلك الاحتمال أمراً مقبولاً، فتم التخطيط للاستيلاء على النفط العربي (بالوكالة) عن طريق أصدقاء أمريكا إلى أن جاءت الأحادية والانفرادية فتمت السيطرة عن طريق الاحتلال أيضاً، ولتنفيذ خطة السيطرة والاحتلال خطوةً خطوةً نفطياً وسياسياً .

مسرحية حرب 1973

كان أول اجتماع بين كيسنجر وحافظ اسماعيل مبعوث السادات ومستشاره للأمن القومي في 25 فبراير/ شباط 1973 في بيت سرّي في نيويورك لبحث عملية “السلام” بين “إسرائيل” ومصر . وتم الاتفاق على الخطوط العريضة . كان الاجتماع سرياً لدرجة أن كيسنجر لم يُعلم حتى وزير الخارجية الأمريكي عن الاجتماع أو ما تم خلاله في الخفاء .

اُعلمَ السعوديون في 6 مارس/ آذار 1973 بما تم ما بين كيسنجر وحافظ اسماعيل . كان الملك فيصل جاداً على أن يصلي في المسجد الأقصى بالقدس بعد تحريره من الاحتلال، ولقد أخذ تعهداً من الرئيس نيكسون بأنه إذا ما قام السادات بطرد السوفييت من مصر فسوف يضغط على “إسرائيل” للانسحاب من كل الأراضي المحتلة .

جولة الاجتماعات السرية الثانية بين كيسنجر وحافظ اسماعيل تمت في 11 ابريل/ نيسان 1973 وتم وضع الخيوط النهائية لمسرحية حرب اكتوبر ،1973إلا أنه كان يتوجب عمل إجراءات أخرى للسيطرة على نتائجها الحربية والسياسية والاقتصادية . قام كيسنجر بجمع 84 من رجالات المال والاقتصاد والنفط العالمين المنضوين تحت ستار مجمع Bilderberg السرّي في مايو/ أيار 1973 . كان ذلك في بيت العائلة السويدية اليهودية عائلة Wallenbergs . حضر الاجتماع الرؤساء والمديرون التنفيذيون لشركات النفط العملاقة مثل BP،Shell ،Exxon الخ، ورؤساء ومديرو البنوك العالمية الكبرى وذلك لبحث :

رفع أسعار النفط 400% ليصبح بذلك نفط ألاسكا وبحر الشمال مجدياً .

وإعادة تدوير البترودولارات الناتجة عن ذلك من دول أوبك عموماً والعرب خصوصاً إلى البنوك الأمريكية والغربية . قام بتقديم هذه الورقة WalterLevy - وتم الاتفاق على التفاصيل .

بعد ذلك بستة شهور قامت حرب رمضان 1973 وتم بعدها رفع أسعار النفط ب 400%، كما تم فرض الدولار كعملة وحيدة للدفع لمشتريات البترول ما أجبر الدول على شرائه واقتنائه . قال أحد وزراء النفط العرب السابقين في مقابلة مع William Engdahl إنه عندما سأل ذلك الوزير شاه إيران عن أسباب رفع أسعار البترول أجابه: “اسأل زعيمك بأن يسأل هنري كيسنجر فالجواب عنده” .

بعد أن ألغت الولايات المتحدة نظام سعر الصرف الثابت حسب اتفاقية بريتون ودز، جاء نظام جديد سمّاه أحد الاقتصاديين الاوروبيين بأنه “نظام اللانظام”، حيث أصبحت العملات تتذبذب كل لحظة ما فتح باب جنة المضاربة للممولين العالمين . ونشأ نظام مالي مضارب لا يدخل فيه المال دورة الإنتاج وإنما يُوظف المال للمضاربة وجلب المزيد من المال، ما جعله متطفلاً على الاقتصاد المنتج وأكبر منه عشرات المرات وعبئاً عليه .

بعد حرب التحريك لسنة ،1973 ورفع أسعار النفط أصبحت نفوط الاسكا وبحر الشمال ذات جدوى حيث فاق السعر تكلفة الإنتاج لتلك الحقول . وهكذا ففي سنة 1974 بدأ نفط بحر الشمال يتدفق إلى بريطانيا، وكذلك استكملت الولايات المتحدة مدّ خط الأنابيب بين ألاسكا والولايات السفلى الثمانية والأربعين للولايات المتحدة، وفي سنة 1978 بدأ مليون برميل يومياً من النفط يتدفق من ألاسكا .

النظام الاقتصادي المالي المقامر الجديد

لم يكن هناك تجار مضاربة على النفط قبل عام 1973 حيث كانت العلاقة مباشرة ما بين المنتج والمستهلك، اللهم إلاّ لقله من تجار السوق الذين كانوا يمتهنون أعمالاً مخالفه للقانون مثل كسر الحصار المفروض على جنوب إفريقيا و”إسرائيل” . وكان من بين هؤلاء مارك ريتش Marc Rich الذي كان يعمل مع شركة Philbro وهي أكبر شركة للمتاجرة في السلع ومركزها نيويورك . وعندما اكتشف أمره هرب من الولايات المتحدة حيث أسس شركة للمضاربة والمتاجرة بالنفط عموما في أوروباً . ولقد انتُقد الرئيس كلينتون لأنه شمل ريتش بعفو رئاسي ما اضطر كلينتون لأن يدافع عن نفسه، بقوله إنه عفا عن ريتش بعد أن طلب منه ذلك كافة رؤساء “إسرائيل” الأحياء ورؤساء وزارئها وكذلك رؤساء الجمعيات اليهودية الأمريكية وذلك لخدماته الجليلة ل “إسرائيل” والمُوساد .

حسب ما جاء في كتاب صدر لسنة 2009 (ص 38) لTom Bower اسمه: Oil: Money, Politics and Power بأن “ريتش ادعى في بدايات سنة 1973 أنه يمتلك معلومات تفيد أن هجوماً عربياً على “إسرائيل” هو وشيك وأن مقاطعة عربية ستلي تلك الحرب، ما سينتج عنها أرتفاع كبير في اسعار النفط . كان ذلك قبل 6 شهور من حرب اكتوبر سنة 1973 كان لريتش علاقات مميزة مع فاسدين كثيرين في شركات النفط بما في ذلك في إيران الشاه، ولقد اشترى عقوداً ل “إسرائيل” وجنوب افريقيا عن طريق تلك القنوات، وزاد مشترياته للمضاربة تحسباً للمقاطعة المتوقعة وما سينتج عنها من ارتفاع الأسعار . لاحظت Philbro ذلك فقررت إدخال النفط إلى قائمة السلع التي تتاجر بها . وفي نفس الوقت قامت شركتا بريتش بتروليوم BP وشل Shell بتأسيس شركتين للمتاجرة بالنفط خصوصاً وأن الشركات العاملة في بحر الشمال قد بدأت بتخليص حصص لنفطها للبيع في spot market روتردام .

-  محاضرة ألقيت في جامعة كولومبيا (مركز أبحاث الشرق الأوسط) يوم 30/5/2010



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 159 / 2165477

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ملفات  متابعة نشاط الموقع قضايا اقتصادية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165477 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010