الاثنين 28 أيار (مايو) 2012

لماذا اختاروا «شفيق»؟!

الاثنين 28 أيار (مايو) 2012 par محمد الرطيان

تعالوا لنحاول الإجابة على هذا السؤال الذي (يلعب برأسي) منذ أن صدمتنا - كعرب - صناديق انتخابات الرئاسة المصرية بنتيجتها المروعة : لماذا اختاروا «شفيق»؟!

(١)

المجتمع التقليدي المحافظ والذي يكره التغيير في أعماقه، وأنتجت ثقافته (اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش) اتجه للوجه الذي يعرفه .. حتى وإن لم يكن الوجه الأجمل!

البعض برّر اختياره لـ «شفيق» بأنه (خبرة) ... خبرة بماذا؟ .. وأين؟!.. وفي أي نظام تشكّلت هذه الخبرة؟!... كأنه يقول لك : أحتاج إلى رئيس خبرة في قمعي وكبتي واضطهادي!

إنها نفس النظرية (اللي تعرفه) فهو يخاف من التغيير، ويرعبه المجهول .. لهذا سيقبل «اليوم» الذي يعيشه رغم مساوئه خوفاً من «الغد» الذي لا يعرفه .. ويظن أنه أسوأ!

(٢)

سقوط (المستبد) سهل، مهما كانت قوته، وحدث هذا - في مصر وتونس - خلال أسابيع ..

بل يحدث خلال ثوانٍ في حالات الاغتيال!

سقوط ثقافة (الاستبداد) التي أنتجته هي الأهم، وهي الأصعب .. وهذه تحتاج إلى سنوات طويلة.

المستبد : في الزنزانة، الاستبداد : طليق .. وأدلى بصوته في الانتخابات!

(٣)

الثورة التي أسقطت المستبد لم تُسقط الجهل الذي كان يحميه ..

الجهل الذي سيعيده بصورة أخرى : حتى عبر صناديق الاقتراع!

أحد أولياء الله الصالحين رأى في منامه أن «شفيق» يمشي على الصراط المستقيم ودعا مريديه لترشيحه!

(فعلها صوفي .. وسبقه إلى فعلها سلفي)

لاحظتم المشهد الفانتازي :

يذهب لفعل (تقدمي) بتوصية (جاهلة) لا تتكئ على برنامج انتخابي .. بل على منام؟!

ويحدد خياره في الصندوق الانتخابي لكي (تصحو) البلد وذلك عبر (المنام)!

إنه الجهل، الذي قال عنه أحدهم : هو أكبر مصنع لإنتاج الطغاة.

(٤)

إحدى المحافظات، وهي محافظة الرئيس السابق (ربما لسبب عائلي وعشائري .. وما أنتجته هذه العلاقة من مصالح) اختارت أن ترمي بثقلها مع «شفيق» ومنحته أغلب أصواتها.

الأقباط (كأقلية دينية) أيضاً منحوا «شفيق» أغلب أصواتهم .. يُقال : أن الكنيسة طالبتهم بهذا الأمر!

لماذا حدث هذا؟.. لأن الاستبداد لم يسمح للهوية الوطنية الكبرى أن تتشكل، وكان يفتت ما يتشكل منها، لهذا - عند الأزمات - تلجأ كل أقلية لهويتها الصغرى خوفاً من هوية أكبر منها، لأنه لم يجمعهما (وطن) يتعامل معهما بنفس القدر، ولا (المواطَنة) التي تجعل كلاً منهما يثق بالآخر، ويشعر أن حقوقه محفوظة مهما كانت النتائج.

الاستبداد يعيش على هذه التقسيمات .. وهي - دون وعي منها - تعيد إنتاجه!

(٥)

هذا ما حدث في مصر بكل ما تعنيه مصر وما تمثله في العقل العربي، وبكل ما تمتلكه من قيمة وتاريخ وتجربة، فكيف سيكون الوضع في أي بلد عربي آخر؟!

اذاً، الثورة التي حاربت المستبد ونزعته، عليها أن تحارب قبل هذا وبعده الاستبداد الذي صنعه .. والذي هو بدوره صنيعة الجهل والثقافة السائدة والخوف والنعرات.

لا تظنوا أن خروج المستبد من النافذة يعني دخول الحرية والديمقراطية - في اليوم التالي - من الباب!

الثورة التي رمت المستبد من النافذة .. عليها أن تصنع الباب الملائم لدخول الحرية، ونزع المفاتيح من الجهلة، كي لا يفتحوا الباب لمستبد جديد.


[rouge]قبل الطبع :[/rouge] أتخيّل قارئاً مصرياً يقول لي «وأنت مالك يا أخينا»؟.. سأقول له : مصر مثل القاطرة التي تجر العربات وراءها، العربات : العالم العربي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165420

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165420 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010