الأحد 27 أيار (مايو) 2012

عجيب أمرك يا سيادة الرئيس

الأحد 27 أيار (مايو) 2012 par حسن خليل

لقد سمعت عبارة «لن أسمح بقيام انتفاضة أخرى»، نعم سمعتها من الرئيس محمود عبّاس عدة مرات نقلتها عنه قنوات فضائية عديدة في مناسبات مختلفة، متباعدة كانت أو متقاربة، وكأنك تمتلك قنبلة ذرية وتعرف أنّها تخيف عدوك ولكنك بالمنطق المعكوس لغوياً تذكّره بها في نفس الوقت تطمئنه بأنّك لن تستخدم هذا السلاح مهما كانت الظروف.

نحن عرفناك ونعرفك جيداً ونعرف ماذا تقول، ولماذا أنت تقول هذا أو ذاك.

أنت هنا تريد أن تثبت لعدوك اللدود الذي لا يعرف للاتفاقات أيّ حدود، وليست له أيّ عهود يحترمها، أنّك فعلاً صادق فيما تقول، وأنّك تريد له أن يعرف أنّك إذا قلت بأنّك لا تعرف أن تستخدم المسدس فأنت كذلك، وأنّك إذا قلت لجنودك يوماً: «إن أنتم رأيتم واحداً منكم يوشك أن يطلق صاروخاً على «إسرائيل» فـ«طخوه» يعني اقتلوه، فأنت صادق وستفعل هذا إن حدث شيء من ذلك، أنت تريد أن يصدّقوك في كل حرف ممّا تقوله لهم وعليهم ألاّ يشكّوا ولو للحظة فيما تقول لهم، وتنسى أنّهم يهود، فهم في توراتهم يتحدّون الله ربهم، وقد لعبوا في نصوصها كثيراً وجعلوا من المومس جولدا مائير وخليفتها تسيفي ليفني قديستين، كما فعلوا مع «أستير» من قبل، وجعلوا من قتل الأطفال والنساء وحرق الشيوخ وهدم المساكن على رؤوس ساكنيها وإبادة الأشجار، جعلوا منها عقيدة؟! أتنسى هذا وأنت من يدّعي أنّك تعرف اليهود أكثر من غيرك! أم أنّك تتباهى يا قائد «فتح» أمام اليهود والعالم كله أنّك غاندي فلسطين، وأنّك تقبّل الحذاء الذي يركلك به عدوك؟ وهل تنسى أنّ عدوك هو الذي أدار لك ظهره ومعك أوباما رئيس أكبر دولة في العالم، ورفض أن يعطيكم أيّ شيء في المفاوضات، ويمضي ليقول للعالم إنّكم أنتم الذين ترفضون التفاوض وتعطّلون المسيرة السلمية؟

أتقف في وجه شعبك وتمنعه من القيام بمظاهرة سلمية تستنكر العدوان على إخوانهم في غزة قبل خمس سنوات، وتسحق كل محاولة لاستنكار ما يفعله اليهود ببني شعبك يوماً ليقال أنّك رجل سلام، وأنّك صادق النية؟

إذاً فلماذا لا تثبت لشعبك الذي اغتصبت رئاسته وجلست على رؤوس أبنائه قرابة سبع سنوات بأنّك فعلاً كنت صادقاً في ولائك لحركة «فتح»، وأنت كنت أحد قادتها المؤسسين المؤمنين بشعارها المقدّس «ثورة ثورة حتى النصر» و«ونصر من الله وفتح قريب»؟ لماذا صرت اليوم قائدها العظيم الذي يريد لها النصر؟! لماذا هذا التناقض يا زعيم «فتح»؟ صدق مع اليهود وعدم مصداقية مع شعبك؟!

أنت لم تصدق عدة مرات في محاولة المصالحة مع «حماس»، بينما تخلص إلى حد الانكسار للحوار مع اليهود! ماذا لديك من السلاح حتى تواجه «إسرائيل»؟ ألديك صواريخ أم دبابات وطائرات تقول لتغطي عجزك وفشل سلطتك في إيجاد حالة توازن من أيّ نوع مع قوة الاحتلال؟ أتنسى ما فعلته الانتفاضة بـ «إسرائيل» 1993، ألم يقل الجنرال اسحق رابين ومساعده شمعون بيريز: «نود أن ننام لنصحو صباحاً فنرى البحر قد ابتلع غزة»؟

إنّ الانتفاضة سلاح أمضى من أيّ سلاح، ولقد قايض بنو إسرائيل قيادة «فتح» باتفاق أوسلو وإعطائهم السلطة مقابل إخماد الانتفاضة، وقد حدث ذلك عام 1994، وامتلأت سجون غزة والضفة بأبطال تلك الانتفاضة، ثم أمن بنو «إسرائيل» وعادوا يزرعون الأرض المحتلة مستوطنات، بينما كانوا يستصرخون العالم لإنقاذهم من تلك الانتفاضة، ولقد هزّت الانتفاضة الثانية 2000 العالم وهي تتحدى «إسرائيل»، فلماذا نطمئن اليهود بأننا سنمنع قيام انتفاضة أخرى؟ لماذا نعطيهم الأمان ونتركهم يهوّدون أرضنا، ويصولون ويجولون أحراراً، بل ونسلّمهم اللصوص اليهود الذين نقبض عليهم في مدن الضفة الغربية؟

سيادة الرئيس، إنّك بقولك هذا تطمئن اليهود وتساعد في إدامة وجودهم، تماماً كما فعل الرئيس المصري محمد أنور السادات بتأكيده على أنّ حربه مع «إسرائيل» 1973 ستكون آخر الحروب، فإذا به يلتزم الخنوع بينما الصهاينة يقومون بالمناورات الحربية كل عامين أو ثلاثاً استعداداً للحرب! ولقد جرّبوا أسلحتهم وخططهم القتالية في حربهم على لبنان، لكن «حزب الله» أدّبهم، وجرّبوا في حرب الفرقان على غزة، ولم يتحرك الجيش المصري وهو المسؤول عن ضياع غزة 1967، لأن السادات واتباعه ناموا على فراش الوعد المقدس.

لتكن حرب أكتوبر 1973 آخر الحروب مع «إسرائيل»، هم يخططون وينفّذون ويتوسّعون، ونحن العرب نلهث وراءهم داعين للسلام أو الاستسلام وننام مخدوعين خانعين. وكان الله في عون المؤمنين الصادقين!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165818

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165818 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010