الجمعة 25 أيار (مايو) 2012

مصر: الكتلة الصامتة تحسم الانتخابات بعيداً عن المناظرات والوهج الإعلامي

الجمعة 25 أيار (مايو) 2012

بعيداً عن الوهج الإعلامي والمناظرات التلفزيونية، استطاع أتباع النظام السابق، ممثلين في أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء لمبارك، و«الإخوان المسلمين»، ممثلين في محمد مرسي، أن يلعبا على الكتلة الصامتة، والمقدرة بنحو 40 في المئة من إجمالي الناخبين، حيث بدا أنهما نجحا في استقطاب هذه الكتلة لمصلحتهما، فيما استفاد حمدين صباحي من استقطاب الأصوات الرافضة لكل منهما.

وبعيداً عن استطلاعات الرأي يبدو أن هناك من كان يعمل على الأرض أكثر من الظهور عبر الفضائيات، ولهذا استفاد من الأصوات الحائرة والمتقلبة والمتغيرة أيضاً.

وفي معرض تحليله أداء الناخبين، قال سعيد المصري لـ«السفير» إن «استطلاعات الرأي التي سبقت العملية الانتخابية كان عليها تحفظات عدا القليل منها»، فمعظم الاستطلاعات ذهبت إلى أن «من في المقدمة كان عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى»، لكنها ركزت على أمر مهم وهو أن «نحو 42 في المئة من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد»، وكانت النسبة هذه تزداد أكثر في بعض الاستطلاعات الأخرى لتصل إلى 50 في المئة، وقد وصلت قبل الانتخابات إلى 38 في المئة.

ويوضح المصري أن «هذه الكتلة الكبيرة هي رمانة الميزان، أو الصندوق الأسود الذي لا يُعلم لمن سيصوّت»، ولكن هذه الكتلة تجمعها مجموعة من السمات، «فهي الكتلة الأكثر فقراً، والأقل تعليماً، وهم النساء وسكان الريف، أي أننا نتحدث عن قطاعات تسمى الكتلة الصامتة والرهان قائم عليها».

ويرى المصري أن من دخل السباق الرئاسي «لم يعمل حساباً لهذه الكتلة، وأبرز هؤلاء على وجه التحديد عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو موسى»، فقد أخذتهما حالة الوهج الإعلامي والنشوة الفضائية إلى فخ التصور بأنهما سيكسبان كثيراً، بينما الآخرون، وهم على وجه التحديد أيضاً «محمد مرسي وأحمد شفيق اهتما كثيراً بهذه الكتلة الصامتة وكانا الأذكى في حساب المكسب والخسارة».

ويشير إلى أن بعض الناخبين، وخصوصاً المنتمين إلى الطبقة الوسطى والشباب بالتحديد، هم كتلة مؤثرة جداً ونسبتهم تتجاوز الـ45 في المئة، وهؤلاء ضاقوا بالنظام القديم، ولا يثقون في حكم الإسلاميين، خاصة بعد التجربة البرلمانية الأخيرة، وهم وجدوا أنفسهم أمام خيار ثالث لا هو تابع للنظام القديم، ولا هو تابع للإسلاميين، بل يكون أقرب للاعتدال... وهؤلاء اتجهوا أكثر نحو التصويت لمصلحة حمدين صباحي.

ويتوقع المصري أن تكون المرحلة المقبلة ساخنة جداً، وهي قد تتجه إلى الإعادة أو تحسم من الجولة الأولى للأقوى والأكثر قدرة على الوصول إلى الناس، ومن يداعب شعورهم بالقوة والقدرة، وإقناعهم بأنه الخيار الأفضل والأقدر على إدارة شؤون البلاد، مشيراً إلى أن الاستقطاب واضح جداً بين النظام القديم، الذي يسعى لإعادة تنظيم نفسه وتغيير طريقته في الحكم. وبين الإسلاميين الذي يرون أنفسهم أنهم الأحق بالسلطة لحماية مكتسباتهم وباعتبارهم ضحايا السلطة السابقة.

من جهته، يقول رئيس جمعية المشاركة المجتمعية مجدي عبد الحميد لـ«السفير» إن «التفسير معقد، ولكن يمكن توضيحه، حيث تتصارع في هذه الانتخابات ثلاث كتل رئيسية: كتلة الإسلام السياسي وهي منقسمة إلى شقين، أحدهما واضح وصريح مثل محمد مرسي، والثاني ضبابي مثل عبد المنعم أبو الفتوح، وهي تحاول اللعب على التيار المدني باعتبارها متميزة عن الإخوان والسلفيين». وهذه المنطقة الضبابية جعلت عبد المنعم أبو الفتوح يستمرّ لفترة طويلة متقدماً عن مرشحين آخرين، بيد أنه في اللحظات الأخيرة «بدأ الناخبون في تغيير وجهتهم باتجاه مرشح مدني صريح، فكان حمدين صباحي، حيث أنهم اكتشفوا في الأيام الأخيرة أن حمدين قد يكون هذا الشخص، وأن احتمالات الإعادة قد تكون أقرب إليه، ومن ثم اتجهت غالبية الأصوات المدنية باتجاهه»، حيث ظل الناخب طوال فترة طويلة يبحث عن رجل مدني، وظل متأرجحاً بينه وبين عبد المنعم أبو الفتوح، وهو ما ينطبق على القوى الثورية باعتبار أن صباحي وأبو الفتوح كانا من رموز الميدان، وقد ارتفعت أسهم حمدين بشدة على حساب عبد المنعم وباقي المرشحين المدنيين.

أما الكتلة الثانية، يضيف عبد الحميد، فهي موزعة بين أحمد شفيق وعمرو موسى، و«قد حسمت الأصوات القبطية أمرها واتجهت إلى أحمد شفيق»، حيث من المحتمل أن تكون «تعليمات قد صدرت من الكنيسة بانتخاب أحمد شفيق، وكذلك تعليمات رسمية وخاصة لسكان القرى والنجوع الموالين أكثر للحزب الوطني بأن يتم انتخاب شفيق».

ويوضح أنه إذا قسمنا الكتل فنجد أنها كتل ثلاث: «قريبة من الثورة وشعاراتها ويمثلها حمدين صباحي، وقريبة من النظام القديم ومعظمها مع أحمد شفيق وقلة منها مع عمرو موسى، والكتلة الإسلامية وهي منقسمة بين مرشح تنظيم الإخوان، وهو محمد مرسي، ومرشح تيار الإخوان، ويمثله عبد المنعم أبو الفتوح، والكفة صارت أرجح لمرشح التنظيم على حساب مرشح التيار»، فالكتلة السلفية قد وعدت أبو الفتوح بدعمها «بيد أنها لم تكن متحمسة كما لو كان لها مرشح من تيارها مثل حازم صلاح أبو إسماعيل، وهذا شكل نقطة ضعف كبيرة جداً قلصت من أسهمه».

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد فقال لـ«السفير» إن «علينا أن ننتظر لنعرف ما إذا كان قد حدث تغير أم لا، وبالإضافة إلى ذلك يجب أن نضع طبيعة الرأي العام في الحسبان، فهو بطبيعته متقلّب في ظل عدم وجود أحزاب قوية، وفي ظل أن الاتجاه الوحيد الموجود هو الاتجاه الديني.

ولعل التبديل هذا يعود أكثر إلى أداء المرشحين أثناء الانتخابات، بحسب السيد، «فالمناظرة الوحيد التي جرت لم تكن في مصلحة موسى وأبو الفتوح، وذلك بحسب المؤشرات التي ظهرت»، فيما ثمة مؤشرات إلى أنه «جرت عملية شراء الأصوات»، وبناء عليه «لا يمكن إغفال هذا الاعتبار. ويضيف «لقد حدث أمامي هذا الأمر مباشرة أثناء إدلائي بصوتي، حيث رأيت أحد المواطنين يقوم بتصوير بطاقة الاقتراع، إضافة إلى ظاهرة التصويت الجماعي المقترن بشراء الأصوات ونقل الناخبين عبر حافلات تابعة للمرشح، أضف إلى ذلك دور الدين في تغيير وجهة الناخب من مرشح مدني إلى مرشح ينتمي إلى التيار الديني، كما أن تعدّد المرشحين داخل كل تيار يدفع إلى خروج الناخب عن انتماءاته الفكرية.

ويوضح على سبيل المثال أنه «يمكن أن يغير الناخب وجهته من عبد المنعم أبو الفتوح إلى محمد مرسى، ويسري الأمر عينه على تغيير وجهته من عمرو موسى إلى أحمد شفيق»، لكن الانتقال الحقيقي بنظره كان من عبد المنعم أبو الفتوح إلى حمدين صباحي خاصة بعد المناظرة الشهيرة بين موسى وأبو الفتوح، والتي أضرت كثيراً بالأخير، بعدما «انتقلت شريحة الشباب المتعلم إلى صباحي تاركة أبو الفتوح وحيداً».

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : جريدة «السفير» اللبنانية | محمد القزاز.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2178935

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178935 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40