الجمعة 25 أيار (مايو) 2012

لماذا هذا التهرب من قول الحقيقة؟

الجمعة 25 أيار (مايو) 2012 par حسن خليل

غبتُ طويلاً عن مشاهدة فضائيات عديدة في التلفاز إما بسبب المرض وآثاره المدمرة وإما بسبب انشغالي بالوضع في مصر ومتابعته من خلال قناتي المحور ودريم 2، حيث اكتشفت أنهما أقدر على تغطية الشأن المصري من كل القنوات الأخرى وبالنسبة لي فإن الهم المصري يعدّ الأول؛ ذلك لأن مصر هي قلب الأمتين العربية والإسلامية فإذا صلح هذا القلب وتعافى صلحت هاتان الأمتان وإذا ضعف ضعفت تلك الأمتان كما أن مصر الحبيبة بالنسبة لأهلي وأحبائي في قطاع غزة بمثابة شريان الحياة.

وكم يؤلمني ويزعجني وضع شعبنا في القطاع حيث انقطاع التيار الكهربائي في معظم الأيام ولعدة ساعات يومياً، وبالتالي صعوبة الحصول على الماء كما هو صعب جداً معالجة المرضى والجرحى ويتمزق قلبي وتسيل نفسي أسىً ولوعةً حينما أتخيل الأطفال يصرخون يريدون ماء أو دواء مسكّناً للآلام فلا يجدونه، فالصهاينة اليهود يحاصرون القطاع من كل مكان والطاغية المتحجر القلب يقفل على سكانه النوافذ كلها حتى لا يصل إليهم الهواء والماء والدواء فلما ابتلاه ربّه بسقوط حفيده جثة هامدة لم يستغفر الله ولم يندم ولم يتذكر أطفال غزة وإنما اعتكف وبكى دماً ودموعاً ثم خرج على الناس أشد قسوة وجبروتاً، وفوجئ أن الله له بالمرصاد لأنه لم يتعظ من درس الابتلاء فأصابه بما أصاب هو الآخرين في غزة. فجر البراكين تحته ومن حوله وحاصره في قلاعه ومخابئه فأوشك على الاختناق بينما كانت تصل إليه صرخات الجماهير الهادرة: ارحل.. ارحل.. والشعب يريد إسقاط الطاغية.

في هذه الأجواء الصاخبة عشت الأيام والشهور في قناتي المحور ودريم2، وبينما كنت أعبث بمؤشر التلفاز وجدتني أمام برنامج فلسطيني شدّني قليلاً ووقفت عنده متابعاً.. لم أعرف اسم البرنامج ولا اسم مقدم البرنامج لكنه كان في فضائية فلسطين صوت السلطة في رام الله، وكان المذيع شبه محايد ومنطقياً في طروحاته مع ضيفه الذي كان يجب أن يكون شخصية هامة.. إنه السيد عبد الرحيم ملوح الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي الجبهة التي وجدت أواخر عام 1967م لتنافس حركة «فتح» على المكانة الأولى عند الجماهير في كفاحها ضد الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، فإذا بها قد أصيبت بعد عدة شهور بمرض تناسخ الأرواح، حيث ولد من رحمها تنظيم الجبهة الشعبية القيادة العامة برئاسة أحمد جبريل، ثم تنظيم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بقيادة المنظر التاريخي الرفيق نايف حواتمة، ثم تنظيم الاستسلام الذي عرف اختصاراً باسم (فدا) وقد تزعمه حفنة من الشخصيات منها السيد ياسر عبد ربه وصالح رأفت وجمال زقوت ونوفل.. إلخ

لكن حظ هذه الجبهة في انتخابات فلسطين السلطة كان سيئاً فلم تفز في مرتين بأكثر من خمسة أعضاء مما دلل على هبوط شعبية هذه الجبهة التي بقيت رغم بروز حركتي «الجهاد» و«حماس» تحتل مكانة هامة في نسيج الشعب الفلسطيني، خاصة في معارضة أوسلو وسياسة سدنة أوسلو، ودار الحوار بين الأخوين المذيع وملوح حول الاحتلال اليهودي وسياسته القمعية والاستيطانية والتهويدية والاستنكار الشديد لها، وتساءل المتحاوران: ما العمل؟ وماذا يمكننا أن نفعل إزاء هذه السياسة الجائرة؟

وكان رد الأخ ملوح: إن أكثر ما يؤذي الاحتلال ويردعه هو الرد الأكثر فاعلية الذي لا يختلف عليه اثنان من شعبنا ألا وهو إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة إلى الصف الفلسطيني، وقد أيده المذيع في ذلك وقال: لقد كان اتفاق المصالحة الأخير في الدوحة هو الاتفاق رقم (15) لماذا يحدث هذا؟ وبدلاً من قول الحقيقة تحسس الأخ عبد الرحيم ملوح جيبه وتذكر العطاء الشهري أو السنوي له ولجبهته «مليون دولار» من السلطة وقال:

يا ليت الأخوة في «حماس» يتنازلون قليلاً كي تحل المشاكل.. وينسى الرفيق نائب الأمين العام أحمد سعدات الرجل العنيد الصامد القابع في سجنه.. ينسى ملوح أن «حماس» تنازلت في اتفاق القاهرة عن الكثير خاصة المشاركة الأمنية في الضفة وتنازلت في الدوحة عن الرئاسة لحكومة السلطة وأعطتها لمحمود عبَّاس بدلاً من شخصية مستقلة مكان فيَّاض.. فماذا يريد زعيم المرتدين في الثورة من هذا؟ لقد أصبح الرئيس الأوحد لفلسطين!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010