الثلاثاء 22 أيار (مايو) 2012

بين النكبة والانتخابات المصرية ضاعت فلسطين

الثلاثاء 22 أيار (مايو) 2012 par أميمة الشريف

تمر هذه الأيام الذكرى الرابعة والستون للنكبة،التي تسببت ولاتزال تتسبب في تشريد عدد هائل من الشعب العربي الفلسطيني ،وإبعاده عن أرضه، وتشريده في أقطار اللجوء، في الوقت الذي يرتكب المحتل أبشع وأفظع الجرائم بحق من بقي منهم رافضا الخروج منها ،فمنهم من قاوم فاستشهد أو أُسر، ومعاناة الأسرى غير خافية على أحد، كما تتعرض المقدسات الإسلامية منها والمسيحية لأشرس هجمة لتهويد البلاد.

بدأت النكبة في عام 1948، لكنها انتكست وانتكبت فوق نكبتها نكبات منذ عام 1970 ، ففي ذلك التاريخ ، وتحديدا في الثامن والعشرين من شهر سبتمبر /أيلول ،غاب عن المشهد السياسي العربي ،زعيما عرف بمواقفه الوطنية والقومية التي أفزعت العدو الصهيوني، والتي عجزت قوى الهيمنة المساندة للاحتلال الصهيوني في احتوائه، فقد كانت القضية العربية الفلسطينية همه وشغله الشاغل فخسرت بفقده الكثير.

كانت مصر القوية في عهد عبد الناصر، مصدر قوة للمقاومة الفلسطينية الباسلة ،التي أفزعت العدو ومنذ غياب الزعيم فقد انتهى الدور المساند والداعم الذي تقوم به الشقيقة الكبرى تجاه القضية الفلسطينية والعربية وتخلف دورها الريادي إسلاميا وباتت خاضعة لقوى الهيمنة مما أفقد القضية الكثير طوال العقود الماضية.

تجدد الأمل باستعادة مصر العربية القوية ذات السيادة ،بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني2011، وبالفعل بدأت تتبوأ مكانتها التي فقدت طويلا فظهر ذلك في صفقة تبادل الأسرى الشهيرة بصفقة شاليط ، وأيضا في اتفاقات المصالحة ،ما أقلق العدو الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة ،فكان تدبير قوى الثورة المضادة وأصحاب المصالح للقضاء على استكمال الثورة واستنهاض مصر القوية والقضاء على البعد القومي العربي الذي بدا واضحا فيما اتخذه المصريون من مواقف حاسمة سجلت أن القضية الفلسطينية هي قضية مصرية عربية ،وأن المصريون يكنون العداء للكيان الصهيوني المحتل ،عازمون على تحرير البلاد .

تقترن ذكرى النكبة في هذه الأيام بحدث كبيرعلى الساحة المصرية، فقد بدأ العد التنازلي للموعد المقررلانتخابات الرئاسة، لأول مرة ، والتي يتنافس فيها 13 مرشحا رئاسي، الأمر الذي جعل مصر قبلة أنظار شقيقاتها .

يعد أمر اختيار الرئيس المصري حدثا هاما خاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية ،ما جعلنا نحاول أن نتعرف على اهتمام كل من المرشحين وأين تقع فلسطين على خارطة اهتمام المرشح الرئاسي ،ليس من خلال فحص النوايا أو ضرب الودع ولكن باستقراء برامجهم الانتخابية .

ففي برنامج المرشح القومي الناصري حمدين صباحي، جاء بوضوح أنه بالنسبة لـ " الكيان الصهيوني فلن نسمح أبدا بأن يكون لديهم رئيسا يمثل كنزا استراتيجيا في مصر ،وسنوقف تصدير الغاز للكيان الصهيوني إحتراما لأحكام القضاء المصري ،وسنسعي لاستعادة كرامتنا والحفاظ على مصالحنا والانحياز لحقوق أمتنا العربية ، دون أن يعني ذلك أن نخوض حروبا ، فحربنا الأولي ضد الفقر والفساد ومن أجل النهضة والتنمية في مصر .

أما فيما يتعلق بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية فهي محل التزام وإحترام في إطار ما تقرره مؤسسات الدولة المنتخبة ديمقراطيا ،وما يقرره الشعب المصري في استفتاء شعبي على أي من المعاهدات التي قد تحتاج مراجعات بما يحافظ على مصالح مصر ويصون حقوقها ويضمن استقلالها .

وفي أحاديثه التليفزيونية أكد صباحي على أن الكيان الصهيوني “عدو”، وأكد حرصه على عروبة مصر، وعلى استعادة مكانتها العربية والأفريقية والإسلامية والعلمية ،تأكيد سيادتها، وعدم خضوعها للهيمنة.

تناول برنامج المرشح أبو العز الحريري ،"إستقلال القرار الوطني، وإستعادة السيادة الكاملة علي سيناء، ووقف تصدير الغاز إلى« إسرائيل» وغيرها واسترداد فروق الاسعار، وكل مظاهر التطبيع وتعديل اتفاقية كامب ديفيد.

فلسطين عربية، لا لتهويد القدس والضفة الغربية، وتصفية المستوطنات وحق العودة إلي فلسطين .. ديمقراطية علمانية علي كامل التراب الوطني الفلسطيني.
البدء في خطة قومية لتعمير سيناء والتأكيد علي حق ابنائها في ملكية أراضيها".

تناول المرشح الإسلامي ،محمد سليم العوا ،في برنامجه العلاقات المصرية مع أمريكا«وإسرائيل»،حيث يرى العوا أنه يجب اعتبارهما بلدا واحدا بالنسبة للمصرين والعرب، واعتبر التفرقة بينهم دليل علي عدم علم بالسياسة الدولية .ولم يتناول برنامج العوا أي إشارة للقضية الفلسطينية، كما لم يعلن موقفا محددا من اتفاقية السلام مع العدو الصهيوني.

جاء في برنامج هشام البسطويسي ،مرشح حزب التجمع أن : "أهم ما يهدد الأمن القومي المصري من الخارج:

1- قيام دولة دينية فاشية عنصرية على حدود مصر الشرقية ما زال علمها وعقيدتها يعدان شعبها بدولة من النيل إلى الفرات بدأت بالتفكير في استئجار سيناء ثم تحولت الفكرة إلى اقامة الدولة في العريش ثم استقر بها الأمر إلى الاستيلاء على جزء من فلسطين ثم تطور إلى ابتلاع فلسطين كلها.

2- وجود قوة نووية على حدود مصر الشرقية خاصة وأنها لم توقع على أي معاهدات ذات صلة ولا تقبل بالتفتيش على منشآتها النووية ولم تتعهد بضمان سلامة شعوب دول الجوار".

ورغم أن البرنامج حدد أن أهم خطر يواجه مصر يتمثل في وجود الكيان الصهيوني، على الحدود الشرقية لمصر،فإنه أغفل أي ذكر لفلسطين باعتبارها قضية العرب ،ولم يذكر كيف يتعامل مع الاتفاقيات مثل اتفاقية الغاز ، اتفاقية السلام التي أبرمها السادات مع العدو الصهيوني.

ومن المرشحين المحسوبين على النظام السابق ،ذكر برنامج عمرو موسى“العودة إلى الثوابت المصرية التاريخية والمشرفة في التعامل مع القضية الفلسطينية كأحد أولويات أمن مصر القومي، بعد سنوات من التراخي، وكذلك من منطلق أخلاقي، لتقديم كافة أنواع الدعم السياسي والاقتصادي والقانوني للشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع للحصول على حقوقه وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أساس حدود 4 يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، بما في ذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والمساندة للجهود الفلسطينية في المحافل الدولية، فضلاً عن الإلتزام بالمبادرة العربية المحددة للموقف العربي الجماعي من النزاع العربي« الإسرائيلي»، وصولاً إلى حل الصراع وليس إدارته، فضلاً عن التخفيف من معاناة الأشقاء الفلسطينيين تحت وطأة الاحتلال، وربط تطوير العلاقات المصرية «الإسرائيلية» بمدى تجاوب الطرف« الإسرائيلي» في إنهاء الصراع، تقدماً بتقدم والتزاماً بالتزام”.

ويعد وزير خارجية مبارك ،هو من تناول بوضوح القضية الفلسطينية في برنامجه ، ليس إيمانا منه بأهميتها ولكن لأنها الورقة الرابحة التي تجذب أصوات الناخبين.

لم يتناول برنامج أحمد شفيق، الذي لم يشمله قانون العزل السياسي ،في مخالفة واضحة للقواعد التي وضعت لإبعاد فلول النظام السابق عن الحياة السياسية ، بعد الثورة، أي إشارة للعلاقات المصرية مع الدول العربية ،أو الدولية ،كمل لم يشر إلى كيفية التعامل مع الكيان الصهيوني أو تحديد موقف من القضية العربية الفلسطينية ، فالفريق لم يعد برنامجا إلا عندما كثرت الانتقادات له فأعد برنامجه درا للرماد في العيون.

لم يشر برنامج حسام خير الله من بعيد أو قريب إلى قضيتنا الفلسطينية فهو ابن النظام الذي اغتيلت بمعرفته القضية ووصف قيادات الكيان الصهيوني الغاصب رأس النظام بأنه كان كنزا استراتيجيا لهم ، فلم يعر القضية اهتماما.

كذلك غابت فلسطين ،عن برنامج محمد فوزي عيسى ،مرشح حزب الجيل الذي عمل ضابطا بوليسيا ، منذ العام 1964 وحتى نهاية السبعينيات، ولا المرشح المستقل محمود حسام جلال، وكذلك المرشح المتنازل عبد الله الأشعل.

تناول برنامج مرشح جماعة الإخوان المسلمين ،الدكتور محمد مرسي، فيما يخص القضية الفلسطينية ‫ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻧﻀﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻨﻴﻞ ﺣﻘﻮﻗﻪ ﻭ ﺑﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﻭ ﺗﺤﺮﻳﺮ‬ ﺃﺭﺍﺿﻴﻪ ﻭ ﺩﻋﻢ ﻣﻮﺍﻗﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﻣﻊ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ‬ ﻭ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻬﺎ‬ ﺍﻟﻤﺆﻳﺪﺓ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ وعلى الرغم من ذلك فإن المواقف العملية تعكس عدم تبني هذا الاتجاه لدى أعضاء الجماعة ولا حزب الحرية والعدالة ، الذي يمثل جناحها السياسي، فقد تقاعس كليهما عن المشاركة في كافة الفعاليات والأحداث الداعمة والمؤيدة للقضية اللهم إلا بعض المؤتمرات داخل القاعات المكيفة المغلقة ،فيما لم يشترك أيا منهم ضمن مسيرات الزحف المليونية التي تمت الدعوة إليها لنصرة الأقصى في ذكرى النكبة في العام الماضي ولا في ذكرى يوم الأرض من العام الحالي ، وذلك في تناقض واضح بين الهتاف الذي طالما رددوه “ع القدس رايحين شهداء بالملايين” ، وبين تقاعسهم الواضح عن المشاركة .‬

من الواضح أن أغلب برامج المرشحين تعاملت مع القضية الفلسطينية على أنها أداة دعايا انتخابية ، حيث تم استخدامها لجذب أكبر عدد من المؤيديين لمرشح ما دون غيره ، فالقضية الفلسطينية تمس مشاعر أغلب أبناء الشعب العربي في مصر،الذي أظهرت الثورة أن هواه قوميا عروبيا مهما حاول حكامه تغيير ذلك على مر السنوات التي زادت عن الأربعة عقود الماضية.

وبين النكبة وبرامج المرشحين تاهت معالم قضية العرب التي تنشد ناصرا يعيده للاهتمام العربي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2178945

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2178945 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40