الأحد 13 أيار (مايو) 2012

أمريكا والثابت «الإسرائيلي»

الأحد 13 أيار (مايو) 2012 par أمجد عرار

ما من شك في أن «إسرائيل» تمثّل أهم قضية في محاور السياسة الخارجية التي لا يختلف بشأنها الحزبان المحتكران للحياة الحزبية في الولايات المتحدة، الديمقراطي والجمهوري. بإمكاننا أن نكون على يقين من أن «إسرائيل» تكون دائماً هي الخلفية الثابتة للموقف الأمريكي من القضايا الأخرى للسياسة الخارجية، وهذا ينطبق على السياسات الأمريكية المتبعة إزاء دول وأحزاب وقضايا دولية، وباستثناء المصالح الاقتصادية مثل مصادر الطاقة والأسواق وصراع النفوذ مع روسيا والصين، ليس سوى «إسرائيل» ما يشكّل محركاً للسياسات والقرارات الأمريكية، وفي كثير من الأحيان تتكلّف أمريكا أثماناً باهظة من دماء أبنائها وخزينتها وسمعتها، فيما تخرج «إسرائيل» هي الرابحة. أما تنافس الحزبين فلا يخرج من حلبة القضايا الداخلية، بعضها اقتصادي وأغلبها اجتماعي، وفي كليهما يلعب الصوت اليهودي دوراً فاعلاً.

قبل يومين مرر مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة من أعضائه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قانوناً جديداً يتيح المزيد من الدعم العسكري لـ «إسرائيل» وتعزيز التعاون الأمني معها، وتقوية التزام الولايات المتحدة تجاه أمن «إسرائيل» وضمان تفوّقها العسكري النوعي والكمّي في المنطقة. ربما لا يظهر في هذا القرار ما يشذ عن سياسة الدعم الأمريكي المتبعة بثبات إزاء «إسرائيل»، لكن ما يلفت في القرار المعلن هذه المرة، حديث تفصيلي ذو دلالة عن ماهية السلاح، ما يشير إلى النوايا وربما المخططات «الإسرائيلية» تجاه إيران. فالتشريع يوصي بتزويد «إسرائيل» بناقلات جوية للتزود بالوقود وقدرات أكبر في مجال الدفاع الصاروخي، وهناك أيضاً «الذخائر المتخصصة» التي تعنى بتفسير خبراء في واشنطن القنابل الخارقة للتحصينات تحت الأرضية. السعي للحصول على قدرة التزود بالوقود من الجو لا يعني سوى تغطية المسافة إلى إيران في حالة القيام بعملية عسكرية جوية.

اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لم يتأخر في الترحيب بالقرار، رغم أنه أتبع الترحيب بما يقول للأمريكيين «لا تمنّوا علينا، فأمريكا تستفيد بشكل كبير من تعزيز التعاون مع «إسرائيل»، وهذه إعادة تأكيد لما قاله رئيس وزراء «إسرائيل» مطلع التسعينات حين برز خلاف مسرحي حول مسألة «ضمانات القروض»، إذ رد على التردد الأمريكي «إذا كانت أمريكا تدعمنا بالمال فنحن ندافع عنها بدماء أبنائنا». اللوبي الذي أشاد بإقرار التوصية من الحزبين ما يعني بنظره آفاقاً جديدة أوسع للعلاقة بين الولايات المتحدة و«إسرائيل» في اطار تعزيز التعاون في مجال الدفاع الصاروخي والطاقة والاستخبارات، والأمن الإلكتروني، لم يرد تقديم تفسير لواقع لا جديد فيه، بل أراد أن يوجّه رسالة للفلسطينيين ومن يعنيه الأمر في المنطقة، أن لا يراهنوا مرة جديدة على أي مرشّح للرئاسة في أمريكا، لأن الأمر سيان أياً زياً كان الجالس في البيت الأبيض حين يتعلّق الأمر بـ «إسرائيل» ومهما كان سلوكها وقراراتها.

يذكر انه وبينما ينظر مجلس الشيوخ الأمريكي في اصدار تشريع مماثل برعاية السناتور باربرا بوكسر (ديمقراطية من كاليفورنيا) وجوني إيزاكسون (جمهوري من جورجيا إضافة لـ 32 عضواً آخر، وينتظر تمريره فقد لوحظ تصويت عضوين من أعضاء مجلس النواب ضد هذا التشريع وهما النائب رون بول (جمهوري -تكساس)، وجون دنغل (ديمقراطي من ميشيجان).

النظام العربي الرسمي لم يكن بحاجة لهذه الغمزة من اللوبي الصهيوني، فهو لا يعير اهتماماً للمياه التي تنساب بين قدميه، وهو شطب «إسرائيل» من اهتماماته وإن أبقاها في بياناته الجاهزة في كل اجتماع. لا يبدو أن هذه التركيبة العربية الغائبة عن الوعي تقدّر أن الاشتعال إذا اندلع وإن بين «إسرائيل» وإيران سيكون العرب وقوداً له، أم أن النائم لا يصحو إلا حين تشتعل النار بالفراش؟.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2166105

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2166105 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010