السبت 12 أيار (مايو) 2012

حكومة باجندات ايديولوجية حربية....!

السبت 12 أيار (مايو) 2012 par نواف الزرو

في الخريطة السياسية «الإسرائيلية» اتفاق نتنياهو وموفاز حول حكومة «الوحدة الوطنية» يعتبر مفاجأة من العيار الثقيل، فبعد أن هيأ «الكنيست الإسرائيلي» نفسه لانتخابات مبكرة، جاء الاتفاق ليقلب الحسابات والمعادلات، وليحمل دلالات وأجندات داخلية وخارجية، وفي مقدمتها ان نتنياهو نجح في تشكيل حكومة «وحدة» تحظى بأوسع قاعدة برلمانية في تاريخ «إسرائيل»، ما رفعه وفق تعليقات «إسرائيلية» عديدة الى مرتبة ملك «إسرائيل» التي لم يحظ بها سوى شارون قبله، وعلى المستوى الحزبي فان حزب «كاديما» بزعامة موفاز إنما يعني عودة الفصل - «كاديما» - الى الأصل - «الليكود» -، وبذلك يعود «الليكود» ليسود المشهد السياسي «الإسرائيلي» بثقل كبير يصل الى 56 مقعداً برلمانياً، ما لم يحققه حزب «العمل» في أوجه.

كنا نقول دائماً أن «هناك إجماعاً سياسياً «إسرائيلياً» يمتد من أقصى اليمين الفاشي الى أقصى اليسار المعتدل على الأهداف والثوابت الإستراتيجية الصهيونية»، مع أننا كنا نستثني أحياناً بعض قوى ورموز اليسار الحقيقي وهم قلة قليلة اليوم في «إسرائيل».

أما اليوم وقد اطل علينا المشهد السياسي «الإسرائيلي» بحلة يمينية فاشية صافية، بعد هذا الاتفاق بين نتنياهو وموفاز صاحب اكبر سجل في الاغتيالات الإرهابية، وقبل ذلك مع العنصري الفاشي السافر افيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، ومع الجنرال باراك صاحب اكبر قدر من «الأوسمة البطولية» التي حصل عليها مكافأة له على حروبه ومجازره واغتيالاته التي اقترفها على الفلسطينيين، ثم مع حزب «شاس» الديني المتشدد، ومع حزب «البيت اليهودي» الديني المتطرف، فيمكننا أن نثبت بالبنط العريض ان «إسرائيل» أصبحت اليوم دولة بقيادة رباعية ورؤوس أربعة رئيسية من نتنياهو وباراك وليبرمان وموفاز، وهي أول حكومة في «إسرائيل» تتشكل من ممثلي كافة الأطياف السياسية الصهيونية، ففيها الجنرالان باراك وموفاز عن المؤسسة العسكرية الأمنية، وفيها نتنياهو وليبرمان عن الايدولوجيا الصهيونية العنصرية الإرهابية، وفيها عن التيار الديني المتطرف من «شاس» و«البيت اليهودي»، إذاً نحن عملياً أمام حكومة صهيونية شاملة الأطياف السياسية كافة باستثناء طبعاً «أقصى اليسار» والأحزاب العربية...!

من حيث الجوهر تعتبر هذه الحكومة حكومة يمينية فاشية استيطانية سافرة، ببرنامج ايديولوجي متطرف، وأجندة حربية صارخة، ولذلك يمكن ان نوثق أنها ستكون عملياً حكومة حروب عسكرية عدوانية واستيطانية تهويدية، فلن نرى في ظل هذه الحكومة عملياً سوى لغة القوة والغطرسة والاخضاع والتهديد والوعيد...!

هكذا كانت حكومات «إسرائيل» من قبل أيضاً : شارونية مثلاً أو بن غوريونية أو ديانية أو بيغنية أو شاميرية، ليتبين لمن ما زال الغشاوة تغطي على عيونهم وما زالوا يتحدثون عن احتمالية السلام مع «إسرائيل» بحكومتها وأجندتها الراهنة أننا بتنا عملياً وبمنتهى الوضوح أمام خريطة سياسية «إسرائيلية» يمينية عنصرية إرهابية أكثر من أي وقت مضى.

فهي بالتأكيد ليست حكومة تصريف أعمال داخلية بهذه القاعدة البرلمانية العريضة، ولن تكون بالتأكيد حكومة مفاوضات وسلام إلا ما يتعلق بالإعلام واستهلاك الرأي العام...!.

وهي كذلك حكومة اللاءات الكبيرة تجاه كل ما يتعلق ليس فقط بالالتزام بالاتفاقيات السياسية الموقعة مع الحكومات «الإسرائيلية» السابقة، وإنما تجاه كافة العناوين الكبيرة من الدولة الفلسطينية الى القدس الى تفكيك تكتلات المستعمرات الى ترسيم الحدود، الى هضبة الجولان...!.

ويجمع الأربعة في هذه الحكومة على مواصلة الحصار على غزة وشن المزيد من الحروب على أهلها تحت زعم محاربة «الإرهاب»، وهي حكومة أصبحت تتبنى بالإجماع قرار «ضرب إيران» بعد أن غير موفاز موقفه قبل أيام، في الوقت الذي يعتبرون فيه أيضاً حتى الرئيس أبو مازن بأنه «غير ذات صلة ولا يصلح لأن يكون شريكاً للسلام»...!

الى كل ذلك، فان الحقيقة الكبيرة التي تحظى بأوسع إجماع هي أن هؤلاء الأربعة الذين يمثلون وجه «إسرائيل»، «يذكرون بموسوليني كظاهرة فاشية» كما جاء في «يديعوت احرونوت» مثلاً.. وهم «اخطر صقور اسرائيل» ارهابية وعنصرية، وهم «الوجه الحقيقي لـ «إسرائيل» والوجه الحقيقي للمجتمع «الإسرائيلي»».

لا شك أن ضم موفاز الى حكومة نتنياهو إنما جاء لتعزيز مكانة نتنياهو كملك لـ «إسرائيل»، ولإتاحة الفرصة لموفاز نفسه للملمة أوراقه حتى نهاية ولاية الحكومة، ولإطالة عمرها لأطول فترة ممكنة، ولكن لانضمامه للحكومة أيضاً رسائل أخرى بليغة منها أن ذلك الحزب الكبير الذي أنشأه وقاده شارون قد بات وفق المؤشرات «الإسرائيلية» في غرفة الإنعاش، بينما يؤشر انضمامه الى أن الحكومة «الإسرائيلية» بصدد أجندة إستراتيجية خفية ربما تتعلق بحرب ضد إيران أو غزة أو لبنان.

فكيف يمكن لـ «إسرائيل» بهذه الرؤوس الأربعة إذاً وهذا هو وجهها أن تسير نحو التفاوض والسلام ؟!.

فاللغة السافرة لها هي لغة القوة والغطرسة والقصف والتدمير والترانسفير العنصري فقط....

ولغة ان تكون «إسرائيل» أو لا تكون بالمضامين الحربية الصهيونية المعروفة ....!

فهي إذاً بالتأكيد حكومة «الأفق السياسي المغلق تماماً»، وحكومة الحروب والاستيطان والتهويد في الضفة الغربية والمدينة المقدسة....!.

وهي حكومة حروب عدوانية في الأفق والمسألة دائماً بالنسبة لهم مسألة وقت وتوقيت...؟!

ما يعني من جهة أخرى أن على الفلسطينيين والعرب ان يعودوا الى رشدهم وان يستعيدوا إرادتهم وان يقوموا بترتيب أولوياتهم السياسية من جديد بما يتناسب مع «إسرائيل» الصهيونية العدوانية الاستيطانية...؟!!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 112 / 2165540

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165540 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 3


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010