الجمعة 11 أيار (مايو) 2012

«إسرائيل» بين متغيرات الإقليم وجدار كفركلا

الجمعة 11 أيار (مايو) 2012 par د. حبيب فيَّاض

أوجدت الثورات العربية، عاملاً إضافياً في تمديد فترة ما قبل الحرب المرتقبة بين «إسرائيل» و«حزب الله». كما حجبت، هذه الثورات، بعض الأضواء عن الجبهة الهادئة على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. غير أن الحقيقة تقتضي الاعتراف بأن متغيرات الإقليم، إذ تشكل، مرحلياً، عامل كبت ولجم للعدوانية «الإسرائيلية»، فهي على المدى البعيد، من الممكن أن تكون عامل انفلات لهذه العدوانية. ذلك أن الحراك الشعبي العربي وما نتج عنه جاء متوجاً لمرحلة قصوى من الضعف الذي تشهده الدولة العبرية منذ تأسيسها.. «إسرائيل» المحاصرة والضعيفة والمهددة بوجودها، قد لا تكون أقل اندفاعاً نحو الحرب من «إسرائيل» القوية والمتفوقة.

انتهت حرب 2006 من دون أي تفاهم بين طرفيها، ومن دون قضاء احدهما على الآخر. هذا يعني أن ما أعقب هذه الحرب هو هدنة طويلة، تمهد لحرب أخرى. «إسرائيل»، بعد الهزيمة المشهودة التي تعرضت لها في حرب تموز، لم تكن مستعدة للدخول في مواجهة جديدة إلا في حال امتلكت ضمانات انتصارها، وذلك انطلاقاً من حسابات تتعلق بميزان القوى بينها وبين «حزب الله» وحلفائه. أما اليوم، وفي ظل متغيرات المنطقة، فلم تعد هذه المعادلة هي التي تتحكم بقرار الحرب لدى «الإسرائيليين»، لأن عوامل غير منظورة استجدت وفاقمت من اختلال التوازن في غير المصلحة «الإسرائيلية».

من الآن فصاعداً، لم تعد أي حرب محتملة من قبل «تل أبيب»، متوقفة على ضمان انتصارها فيها. الواقع الإقليمي المستجد، أدخل عناصر جديدة في المواجهة مع «إسرائيل»، ونقلها من حالة جلب «المنفعة» إلى حالة دفع «الضرر»، وبمعنى آخر، من موقع إثبات التفوق إلى الاكتفاء بتثبيت الوجود. فالعقل الاستراتيجي «الإسرائيلي»، سيجد نفسه مضطراً للتحول من حسابات تحقيق الحدّ الأقصى من الربح، إلى حسابات الحدّ من الخسارة. إن عامل الوقت في حالة اللاحرب، يدفع نحو المزيد من ضعفها مقابل تصاعد قوة خصومها: ذهاب نظام حسني مبارك الذي شكل دعامة إقليمية لـ «إسرائيل»، انحياز العراق الى محور الممانعة وانسحاب الأميركي منه، تصاعد غير مسبوق في قوة «حزب الله» العسكرية والسياسية، تفوق إيراني في الإقليم وإنجازات نووية مشهودة، حفاظ سوريا على موقعها، رغم الأزمة التي تعصف بها. ومهما قيل عن علاقة «حماس» بدمشق، فإن تموضع الحركة لن يكون إلا في صلب المواجهة ضمن محور الممانعة في حال حانت ساعة الصفر. ولعل أكثر ما يقلق «الإسرائيلي» هو أن فتحه لأي جبهة، قد يؤدي إلى فتح الجبهات كلها، بدءاً من غزة وصولاً إلى طهران.

يقول رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي» الجنرال بيني غانتس: «الظروف المحيطة بـ«إسرائيل» حالياً، أعادت الدولة العبرية إلى الأوضاع التي كانت سائدة العام 67». في ذلك العام، كانت «إسرائيل» مهددة من قبل الأطراف المحيطة بها. وإذا كانت الحرب التي خاضتها آنذاك شكلت لها ضمانة لاستمرارها وتفوقها، فإن «إسرائيل» في العام 2012 تجد نفسها في المحيط المعادي نفسه، لكن المختلف هذه المرة، هو افتقادها لظروف وعناصر الحرب التي أدت إلى انتصارها في حرب حزيران العام 67.

تلويح «تل أبيب» بضربة عسكرية لإيران، يحمل من الضعف «الإسرائيلي» أكثر مما يحمل من القوة. فبقاء «إسرائيل»، في خانة المتفرج على تعملق أعدائها وانهيار حلفائها، يضعها في خانة الخاسر، بينما لا يخلو ذهابها إلى الحرب، وفق حساباتها، من احتمال أن تكون من الرابحين. إن أي حرب «إسرائيلية» مقبلة هي أقرب إلى المغامرة. لم يعد بوسع «إسرائيل» في ظلّ الموازين الجديدة للقوى، الحديث عن حروب مضمونة النتائج. بينما لا يشك أعداؤها بحتمية زوالها من الوجود.

هل سيكون الجدار «الإسرائيلي» بين «المطلة» و«كفركلا»، عنواناً لمواجهة جديدة بين «إسرائيل» ولبنان؟ الاحتمال بعيد، ولكن...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165848

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165848 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010