السبت 5 أيار (مايو) 2012

الأسرى الفلسطينيون والجرائم الدولية

السبت 5 أيار (مايو) 2012 par د. ناصر زيدان

يواجه الأسرى الفلسطينيون في السجون «الإسرائيلية» خطر الموت جوعاً، فالأمعاء الخاوية تُواجه بضمائرٍ خاوية، وبعقولٍ خاوية، وبمجتمعٍ دوليٍ خاوٍ من مشاعر العطف والإحساس، لا يكترثُ للانتهاك الصارخ للقانون الدولي الإنساني، جراء المعاملة الوحشية والبربرية التي تعامل بها «إسرائيل» الفلسطينيين.

أعلن نهار الخميس 3 مايو/ أيار 2012 «يوم التضامن مع الأسير الفلسطيني» بعد أن مضى على إضراب بعضهم عن الطعام، أكثر من 15 يوماً كما هي حال أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومنهم مَن تجاوز إضرابه هذه المُدة، مثل بلال ذياب وثائر حلاحلة. ويستعد كل الأسرى البالغ عددهم أكثر من 5000 أسير، إلى الالتحاق بمسيرة رفاقهم في تنفيذ خطة «الأمعاء الخاوية» حتى الموت أو الحرية.

المادة (6) من نظام المحكمة الجنائية الدولية، تُحدد الجرائم الدولية التي يُفترض بالمحكمة الاقتصاص من مرتكبيها، ومنها: «كل أفعال القتل العمد وسوء المعاملة، أو إبعاد السكان، وكذلك سوء معاملة أسرى الحرب، وكل عمل غير إنساني يُرتكب بحق المدنيين، وكل اضطهاد لأسباب سياسية أو عرقية أو دينية» وهي جرائم حرب، والحالة تنطبق على ما يجري بحق الفلسطينيين.

«إسرائيل» تعتقل آلاف الفلسطينيين، من دون وجهة قانونية، وبأوامر اعتقال إدارية مخالفة لأبسط قواعد حقوق الإنسان التي لحظها الإعلان العالمي لعام 1948، وهي تُشبه - أو أشد قسوةً - من أحكام محاكم التفتيش الإسبانية، السيئة الذكر. فلا تعترف بحقوقهم أسرى، ولا تُعاملهم معاملة السجناء، وليسوا بنظرها معتقلين من دون مُسوغ قانوني - كما هي الحال - كون معظمهم سُجِنَ لأنه كان يقاوم الاحتلال، ومقاومة الاحتلال عملٌ مشروع وفقاً لما تنصُ عليه المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

المُجتمع الدولي لم يُحرك ساكناً في مواجه الغطرسة «الإسرائيلية»، التي تحرم الأسرى الفلسطينيين من أبسط الحقوق التي تعترف بها الاتفاقيات الدولية للأسير، ولاسيما اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949. وإذا كانت «إسرائيل» ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، فإنها لا يُمكن أن تتفلت من قيد المسؤولية التي تترتب عليها جراء انتهاكها للقانون الدولي الإنساني، فيما لو أراد المُجتمع الدولي إخضاعها للمُحاسبة، لأن نظام المحكمة الجنائية الدولية يسمح باتهام مسؤولين أمامها، حتى لو كانت دولتهم ليست عضواً، وذلك عن طريق إحالة من مجلس الأمن الدولي، كما حصل مع المسؤولين الليبيين العام الماضي.

المُجتمع الدولي يتفرج، والأسرى الفلسطينيون يخوضون معركة «الأمعاء الخاوية» في الزنزانات «الإسرائيلية» وحدهم، وسط شريعة غاب دولية، لا تُطبق أحكامها إلا على الضعيف، وهي لا تُحرك ساكناً عندما لا تتعارض الجرائم مع مصالح القوى المُهيمنة التي تحمي العدوان «الإسرائيلي»، وتحمي عدوان الأنظمة القمعية على شعوبها.

ألا يستحق الانتهاك الفاضح الذي تُمارسه «إسرائيل» بِحقِ الفلسطينيين في السجون - على وجه التحديد - إرسال لجنة دولية لتقصي الحقائق عن هذه الانتهاكات؟

وكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يُبرر الصمت المُدقِع الذي يَلفُ أوساطه، ولم يُحرك ساكناً على مصير آلاف الأسرى المُهددين بالموت، بينما أقام، هذا المجتمع الدولي، الدنيا ولم يُقعدها حتى الآن على خطف الجندي الصهيوني «جلعاد شاليط». إن دفع الفلسطينيين الى الموت جوعاً، جريمةٌ دولية بكلِ المقاييس، وهي بالتأكيد ستدفع هؤلاء إلى الكُفرِ بحسابات الشرعية الدولية، وبكلِ ما تُنتجه المفاوضات التي لم تتمكن من إيقاف الاستيطان «الإسرائيلي» المتمادي حول القدس، وفي الضفة الغربية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165350

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165350 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010