الخميس 3 أيار (مايو) 2012

حينما يتهدد الإغلاق مستشفى المقاصد المقدسي!

الخميس 3 أيار (مايو) 2012 par نواف الزرو

العناوين المتعلقة بالمشهد المقدسي تفاصيلها كثيرة كثيرة، ربما تحتاج الى مجلد موسوعي كبير للإحاطة بها، فما تتعرض له المدينة المقدسة في هذه الأيام ربما يكون الأخطر منذ احتلالها عام 1967، وهذا ليس كلاماً إعلامياً او للاستهلاك العام، فحملات الإخلاء والإجلاء والتهويد التي تشنها دولة الاحتلال في المدينة حقيقية وخطيرة ومتلاحقة وفي إطار مخطط مبيت مع سبق الإصرار، ترمي تلك الدولة من ورائه الى إحكام سيطرتها الإستراتيجية على المدينة المقدسة، وإخراجها من كافة الحسابات الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية، وذلك عبر إقامة ما يطلقون عليه «حقائق الأمر الواقع على الأرض» التي لا يمكن من وجهة نظرهم اقتلاعها في ظل أي ظرف تسووي او غيره مستقبلاً...

الإجراءات والخطوات الاحتفالية الهجومية على القدس وأهلها واسعة متصلة لا حصر لها، بل ان المشهد المقدسي بات يصرخ وجعاً على مدار الساعة، فالمدينة المقدسة تتعرض وفقاً لكم هائل من المعطيات والوقائع الموثقة الى التهويد الشامل في كافة مجالات ومناحي الحياة المقدسية، في الوقت الذي باتت فيه الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية على حد سواء عرضة للاعتداءات المختلفة بلا توقف، في الوقت الذي أصبح فيه الأقصى والحرم القدسي الشريف على وجه حصري في خطر جدي شديد.

غير ان ما تشهده المدينة من تصاعد ملحوظ في عمليات إغلاق المؤسسات الوطنية المقدسية هو الأخطر، ذلك ان هذه المؤسسات هي عمود وعماد البقاء والصمود المقدسي في وجه ليس فقط حملات التهويد الجارفة التي تشنها دولة الاحتلال على مدار الساعة، إنما في وجه مخططات التفريغ والتهجير المبيتة لأهل المدينة.

ففي الآونة الأخيرة أقدمت سلطات الاحتلال على إغلاق نحو ثلاثين مؤسسة وطنية مقدسية، فلا يخفى ان نجاح مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية المقدسية في خدمة المواطن المقدسي، وتدعيم صموده في وجه مخططات التهويد وتفريغ المدينة، دفع الاحتلال إلى إصدار أوامر إغلاق بحق هذه المؤسسات الوطنية تحت ذرائع ولوائح اتهامية مزيفة.

ويذكر هنا ان الاحتلال في إطار حربه الشرسة على القدس، وفي عهد شارون تحديداً، كان قد أغلق بيت الشرق الذي كان يعتبر قلعة وطنية مقدسية ورمزاً من أهم الرموز الوطنية المقدسية، إذ كان عنواناً سياسياً دبلوماسياً اجتماعياً للداخل الفلسطيني والخارج العربي والدولي.

وكذلك مستشفى جمعية المقاصد الخيرية العريق الذي يعتبر من ابرز واهم القلاع الوطنية المقدسية الشامخة... هذا المستشفى الصامد في وجه رياح الاقتلاع الاحتلالية والذي تستهدفه سلطات الاحتلال منذ عام 67، يواجه في هذه الأيام تهديداً حقيقياً بالإغلاق، ولكن لأسباب داخلية، فحسب المسؤولين في المستشفى فان «أزمة مالية خانقة يمر بها المستشفى حالياً قد تؤدي الى إغلاقه في القريب العاجل».

ويعتبر مستشفى المقاصد في جبل الزيتون من اعرق المؤسسات الصحية الصامدة في القدس، وهو يقدم الخدمات للفلسطينيين من جميع أنحاء الضفة الغربية، ويعمل فيه 750 موظفاً بينهم 48 طبيباً اختصاصياً ومستشاراً، و74 طبيباً مقيماً ضمن برنامج التدريب الذي يرعاه المستشفى، و344 ممرضة وممرضاً، 77 فنياً يعملون في أقسام المستشفى الإدارية، و164 إدارياً، و40 مستخدماً.

وفي التفاصيل جاء في بيان صادر عن الهيئة الإدارية للمستشفى وُجّه للرأي العام الفلسطيني، وقعه رئيس الهيئة الإدارية لجمعية المقاصد الدكتور عرفات الهدمي، ومدير المستشفى الدكتور بسام ابو لبدة، وامين سر نقابة العاملين الدكتور علي الحسيني: «ان مستشفى المقاصد الذي يفترض ان يكون المركز التحويلي الرئيسي للمرضى المحولين من وزارة الصحة الفلسطينية من كافة أرجاء الوطن (الضفة والقدس والقطاع) وذلك حسب الاتفاقيات المبرمة مع الجهات الرسمية الفلسطينية، إلا ان وزارة الصحة الفلسطينية عجزت عن الإيفاء بالتزاماتها المالية المستحقة عليها مما أدى الى تراكم الديون عليها بعشرات الملايين من الشواقل، الأمر الذي ترتب عليه عدم قدرة المستشفى على الوفاء بالتزاماته المالية سواء عدم القدرة على دفع رواتب العاملين لمدة شهرين متتابعين، وعدم القدرة على توريد وتسديد ثمن الأدوية والمستهلكات الطبية واللوازم الأخرى».

واختتم البيان بتوجيه نداء للرأي العام: «إننا نضع بين أيديكم صورة الوضع الصعب الذي يعاني منه المستشفى وأسبابه واضعين المسؤولية بين أيدي الجميع، خاصة أصحاب القرار لتحمل التبعات الكارثية التي قد تنتج لا قدر الله ان لم يعمل الجميع لحل هذه الأزمة متعددة الجوانب».

فهل يصل هذا النداء الاستغاثي يا ترى الى آذان المسؤولين والرأي العام...؟

أم نقول: هنيئاً لك يا «إسرائيل»...؟!

فالقضية بمنتهى الجدية والخطورة، وهذه القلعة الوطنية المقدسية المهددة بالإغلاق تحتاج الى وقفة حقيقية جادة ومسؤولة، وتحتاج الى الدعم الحقيقي كي تبقى واقفة صامدة في وجه رياح الاحتلال الاقتلاعية التهويدية...؟!.

فحينما يتهدد الإغلاق جمعية مستشفى المقاصد الخيرية المقدسية، فذلك جرس خطر حقيقي وإنذار شؤم لما هو آت على مستقبل المدينة المقدسة...إذا لم تتحرك كافة القوى والجهات الفلسطينية والعربية الحريصة على بقاء هذا الصرح الصحي الوطني المقدسي لإنقاذه!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2165810

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165810 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010