الاثنين 23 نيسان (أبريل) 2012

هل ستنسحب فرنسا من قيادة الأطلسي؟

الاثنين 23 نيسان (أبريل) 2012 par د. حياة الحويك عطية

اليوم تتقرر المرحلة الأولى من الانتخابات الفرنسية، وبنتيجتها ستقرر أمور كثيرة على رأسها علاقة فرنسا بحلف شمال الأطلسي. حيث سيكون أمام الرئيس الجديد ستة أيام فقط لإعداد ملفاته للمشاركة في اجتماع الحلف في شيكاغو. غير أن المواقف من ذلك باتت معلنة وتقع على رأس برنامج الحملة الرئاسية.

فبعد أن ظلت الديغولية لعقود تصر على مسافة من الحلف، بما في ذلك مرحلة جاك شيراك، جاء ساركوزي فألغى المسافات وادمج البلاد كلياً في قيادة الأطلسي.

اليوم يبدو أن أسهم ساركوزي ضعيفة مقابل فرانسوا هولاند، والمرشح الاشتراكي الذي طالما كان معارضاً لعودة فرنسا الى الاندماج في قيادة الحلف، يعد بأنه إذا ما وصل الى الاليزيه سيعيد النظر في هذا الالتحاق. مما يترجم عملياً بالتحرر من المشاركة التلقائية في العمليات العسكرية التي سيقررها الحلف، والانسحاب من المشاركات التي سبقت وعلى رأسها أفغانستان.

الانسحاب من أفغانستان يتعهد به كل من المرشحين ساركوزي وهولاند، مع فارق أشهر في تحديد التوقيت. وفي ذلك شهادة لصالح رصيد هولاند، لأنه هو من صرح منذ 2008: أنا مقتنع بأنه لم يعد هناك أي مهمة لنا في أفغانستان. غير أن الخبراء يقولون أن التنفيذ ليس بالسهولة التي يتصورها السياسيون، لأسباب لوجستية من أهمها عدم توفر طائرات نقل كافية لتنفيذ المهمة بالسرعة المطلوبة، ولا مجال للاستئجار لأسباب مالية. لكن هولاند يرى بان المهم هو القرار السياسي.

الترجمة الثانية تتعلق بالدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نصبها في أوروبا بحجة حماية القارة العجوز من الصواريخ الإيرانية - كما تقول - وواقع الأمر أنها موجهة الى روسيا والصين أكثر منها الى إيران. ويبدو أن هولاند لا يقتنع كثيراً بهذه العملية ويعلن أنها عملية مكلفة لا فائدة منها، وأنها تلغي أهمية الدرع النووية التي تمتلك فرنسا حيزاً مهماً فيها. ذاك أن حقيقة المشكلة أن واشنطن تريد من أوروبا أن تساهم في تمويل الدرع في حين يرى اتجاه أوروبي ومنه هولاند انه من الأفضل إنفاق المبالغ المطلوبة على تدعيم المحور الدفاعي الأوروبي المستقل الذي لم يتحقق بعد.

الترجمة الثالثة هي أن سياسة هولاند الأطلسية ستضع حداً للتعاون العسكري البريطاني الفرنسي، وذاك ما يقوله مستشارو الرئيس القادم أنهم سيسعون الى التوصل لحل وسط بشأنه.

استراتيجياً، تعني هذه النقلة، إذا ما تحققت، مفارقتين أساسيتين:

الأولى عودة الاشتراكية الى الرؤية الديغولية التي تخلى عنها اليمين. والثانية رداً فرنسياً متأخراً على إستراتيجية أوباما لتخفيض النفقات العسكرية الأمريكية.

حيث أن الرؤية المذكورة كانت تقوم على مبدأ الاستقلالية الأوروبية، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. أما إستراتيجية أوباما فقد دعت صراحة الشركاء الأوروبيين الى المشاركة في تحمل نفقات وأعباء سياسات وقرارات وعمليات الأطلسي، ومنها الدرع الصاروخية وأفغانستان (وكان من بينها أيضاً تكليف فرنسا بقيادة العدوان على ليبيا).

يبقى السؤال الأهم بالنسبة لنا: أية سياسات جديدة سيتبعها هولاند بشأن الأوضاع السياسية العربية، خاصة أن الاستقلالية عن الأطلسي، تعني أمرين: الأول هو الاتجاه بقوة اكبر نحو بؤر جغرافية أخرى، على رأسها المتوسط، والثاني أن الاستقلالية لا تعني أبداً الخصومة، لكنها تعني إمكانية الاختلاف، في إطار الإصرار على دور الحلفاء لا دور التابعين، كما قالت وزيرة خارجية جاك شيراك في اجتماع الأطلسي في فيينا عام 2003 قبل الحرب على العراق.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2165452

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165452 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010