الأحد 22 نيسان (أبريل) 2012

السلطة الرخيصة ..!

الأحد 22 نيسان (أبريل) 2012 par د.امديرس القادري

على الأرض أو فوق هامات السحب، فليقل الرئيس محمود عباس ما يشاء، فنحن لم نعد نتوقع من سيادته إلا ما هو أسوأ، فالبحث عن جديد في تصريحاته قد أصبح ضربا من ضروب الخيال، وكلامه والديباجة الملاصقة له باتت محفوظة وعن ظهر قلب وعند الرضع من أطفال شعبنا قبل البالغين منهم، ولكنه وللأسف قام باستخدام مفردات ومعاني معيبة ومخزية هذه المرة وذلك في الحديث الذي جرى على متن طائرته الرئاسية أثناء تحليقها بين طوكيو وبانكوك مع موفد صحيفة «الأيام» التي تصدر من رام الله عاصمة سلطته و مقر إقامته.

السيد عبد الرؤوف أرناؤوط موفد الجريدة لم يترك لا واردة ولا شاردة إلا وقام بالاستفسار والسؤال عنها، فكان الحديث مع الرئيس عن المفاوضات المتوقفة، وعن حل الدولتين العبثي، والاستيطان، وحل الدولة ثنائية القومية التي كتب وروج لها رئيس وزراء أبو مازن السابق أحمد قريع، وتضمن الحديث كذلك ما يدور حول المصالحة الفاشلة التي تحولت من تشكيل حكومة وحدة وطنية إلى تعديل وزاري قريب على فريق سلام فيّاض، وسأل الموفد أيضاً عن ضعف السلطة وفرص حلها، وعن الأزمة المالية الخانقة، وهكذا وكما يلاحظ القراء فكل هذه الأسئلة ليست بجديدة ومكرورة وأعتقد أن الغالبية منا بات يحفظ إجابات رئيس هذه السلطة عنها.

ولكن الكارثة، والمهزلة، والاستخفاف، والسخافة بانت وظهرت عندما تطرق موفد الصحيفة إلى عنوان «التنسيق الأمني» بين العدو الصهيوني والأجهزة الأمنية التابعة لهذه السلطة، فجاءت هنا إجابة الرئيس وبطريقة لا تليق بتاريخ كفاح وتضحيات هذا الشعب، ولا تنسجم وسنوات عمره التي قضاها في ميدان العمل الوطني الفلسطيني، هذا أقل ما يمكن أن توصف به هذه الإجابة التي لم يبقى منبر إعلامي وطني واحد إلا وسجل اللوم والعتب عليها وهو ينتقد ما قاله أبو مازن بخصوص ملف هذا التنسيق المشين والمذل.

الرئيس يؤكد في إجابته على سؤال الصحفي بأن المطالبة بوقف التنسيق الأمني مع الصهاينة وأجهزتهم المجرمة ليست سوى كلام «فارغ» لأن هذا التنسيق يصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية، وبالتالي والحديث للرئيس فإن علينا أن نواصل الحرص على هذا التعاون والتنسيق الذي يخدم أمن المواطن الفلسطيني، وعليه، ودائماً حسب أقوال الرئيس فإن الدعوة إلى وقف هذا التنسيق ليست سوى مزايدات «رخيصة» يقوم بها بعض المغرضين الذين لا يريدون لهذا الأمن أن يتنامى ويزدهر.

لا تعلق على هذه الأقوال، لكن يكفي أن نذكر سيادة الرئيس بأن الأسير مروان البرغوثي كان آخر من طالب بوقف تنسيق «العار» هذا كرد فوري على السرقات الاستيطانية بحق الأرض الفلسطينية والتي تمارسها وتقوم بها عصابات هذا الكيان، وبدعم ورضى من حكومة نتنياهو المجرم الذي يقوم رئيس السلطة بتبادل رسائل الود والغرام معه في هذه الأيام، وعليه فإن الأسير الرمز مروان البرغوثي لا يستحق أن توصف مطالبته بأنها فارغة ورخيصة، ناهيك عن أن البعض من أعضاء اللجنة المركزية لحركة «فتح» التي يتزعمها أبو مازن يرفعون راية المطلب ذاته الذي ينادي به أخاهم المعتقل في أقبية القمع «الإسرائيلية».

التنسيق الذي يدافع عنه الرئيس ويتبناه بعنف وإصرار لا يخدم القضية ولا شعبها ولا يصب في صالح وحدتهم الوطنية، واسألوا عن ذلك كل محافظات الوطن المحتل ومدنه وقراه وبلداته ، فالجرائم التي يقوم بها هذا العدو، وبالتعاون والتنسيق مع أجهزة هذه السلطة يجب أن يندى لها جبين كل الأحرار والشرفاء، هذا التنسيق الذي يدافع عنه سيادة الرئيس وكأنه وسام على صدره لا يخدم سوى الغاصب المجرم وكل عصاباته التي لا ينقضي يوماً بدون أن ترتكب أفعال تعكس أبشع أشكال الظلم والقهر والقتل والحرق والتدمير والتنكيل التي عرفها وسجلها التاريخ، وهذا ما يريد له أن يستمر ويتواصل سيادة الرئيس!.

وبذلك، فالسيد محمود عباس إنما يقوم بوضع كل أملاح الأرض على جراح شعبنا النازفة والدامية، فهل من تفسير لهذه المواقف وللتصريحات التي غردت بها حنجرة أبو مازن؟

هل من عاقل واحد على سطح هذا الكوكب؟ يجيز لذاته أن ينطق بهذه المفردات التي تتنكر لكل التضحيات، وللشهداء ودماءهم، ولكل الثوابت الوطنية المقدسة التي انطلقت الثورة والمنظمة وكل الفصائل الوطنية بهدف الدفاع عنها وحمايتها والاستشهاد في سبيلها.

هذه السلطة التي يتزعمها أبو مازن وفريقه هي الميتة والساقطة والرخيصة، وعليه، فإن الذين يطالبون بحلها ليسوا سوى الشرفاء الذين يرفعون رايات الكرامة والعزة، وهم الأحرار الذين لن يقبلوا بالخنوع والذل لـ «إسرائيل» ولكل الذين يدافعون عنها ويعملون من أجل حماية أمنها واستقرارها، وليعلم الرئيس عباس أن ما تبقى له من العمر على وجه الدنيا أقل بكثير مما قد مضى، وهو بطبيعة الحال حُر جداً في اختيار خاتمة أعماله، ومواقفه وسياساته، والتي لم يجد لها سوى السماء بين طوكيو وبانكوك مكاناً لكي يكشف عن قبحها والرخص الذي يسيطر عليها ويلفها، فحسبنا الله فيه وفي ما قال ونعم الوكيل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165376

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165376 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010