السبت 21 نيسان (أبريل) 2012

حول قصيدة غراس

السبت 21 نيسان (أبريل) 2012 par د. عبد العزيز المقالح

غونتر غراس روائي وشاعر ورسام ألماني، حاصل على جائزة نوبل في الأدب، وهو خصم لدود للأنظمة القمعية والدكتاتورية في العالم، منحاز بطبيعة تكوينه الأخلاقي والثقافي والفكري إلى الإنسان المضطهد المقهور، بغض النظر عن معتقد هذا الإنسان أو لغته أو مكانه. وقد أتاحت لي الظروف السعيدة فرصة الالتقاء به والتحدث إليه طويلاً من خلال مؤتمرين أدبيين، عقد الأول منهما تحت إشراف جامعة صنعاء والآخر بإشراف وزارة الثقافة ومركز الدراسات والبحوث اليمني. وقد جمع المؤتمر الأول نخبة من الشعراء العرب والألمان وبعض الروائيين الأوروبيين. وكان غراس نجم المؤتمرين، وإليه يعود الفضل في إحياء العناية بالعمارة الطينية في حضرموت اليمن، بعد أن شدته ناطحات سحاب مبنية من الطين فقط، فدعا إلى تأسيس معهد للمحافظة على ذلك المستوى المعماري من البنية المحلية.

والداعي إلى الحديث عن غراس في هذه الزاوية الآن ليس دوره في المؤتمرين المشار إليهما ولا اهتمامه بالمعمار الطيني، وإنما ما يتعرض له هذا الكاتب العالمي الإنساني من هجوم قاس وعنيف بتوجيه وتدبير من الصهيونية العالمية التي انزعجت من قصيدته الأخيرة التي أدان فيها الكيان الصهيوني، وما يشكله من خطر على البشرية والسلام العالمي من خلال ما اكتنزه من أسلحة نووية. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها غراس الكيان الصهيوني وعدوانه المستمر على أطفال فلسطين، كما أن موقفه من الهيمنة الأمريكية وإدانته لما قامت به من غزو للعراق كان موضع تقدير عربي وعالمي، يضاف إلى ذلك إدانته المستمرة لسياسة بلاده التي لم تكف عن تزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة للانتقام من الفلسطينيين وجيرانهم.

وليس جديداً الاتهام الذي تلقيه الصهيونية العالمية دائماً في وجه كل من يفضح أدوارها بكونه ضد السامية، وهو السيف المسلط على رقاب الذين يدينون ما يرتكبه الكيان الاستيطاني من جرائم وما تشكله دولته بأحقادها النائمة من خطر على العالم. وقد صار عدد من الكتّاب والمثقفين الأحرار في أوروبا يرون في تهمة اللاسامية نكتة تقادم عهدها وفقدت مفعولها، ومن هنا لا ضرر على غونتر غراس الذي يرى فيه أبناء وطنه ضميرهم الصاحي وصوتهم الذي يعكس مواقفهم الأخلاقية والإنسانية تجاه كل التصرفات التي تتنافى مع العدالة وتتناقض مع مبادئ الحرية والسلام.

غونتر غراس الذي اختار لقصيدته العنوان التالي: «ما ينبغي أن يقال» كأنه يعتذر عن صمته عن كثير مما ارتكبه الكيان الصهيوني بحق العرب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165911

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165911 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010