الأربعاء 9 حزيران (يونيو) 2010

أدنى البدايات

الأربعاء 9 حزيران (يونيو) 2010

- مايكل كراولي

في الرابع من حزيران 2009، أحضر باراك أوباما الوعود الكبرى لرئاسته الشابّة إلى مسرح في جامعة الأزهر في القاهرة، من أجل خطاب مبشّر للعالم الإسلامي. بلغة مؤثّرة، تعهّد أوباما «السعي إلى بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم». لكن، كما لاحظ بعض المعلّقين، ومنهم أنا، كان ردّ فعل جمهور أوباما المصري كتوماً، إذ كان يردّ بتصفيق مهذّب، إنّما هادئ.

ربما يعود ذلك لأسباب ثقافية. أو ربما كان جرس إنذار. فبعد عام، تمكّن أوباما من أن يحرز تقدماً قليلاً وثميناً نحو هدفه لتحسين وضع أميركا في العالم الإسلامي. ويُظهر استطلاع جديد للرأي أجرته مؤسسة غالوب في دول معظم قاطنيها مسلمون أنّه في لبنان، العراق، الجزائر، مصر والأراضي الفلسطينية، لا تزال أميركا في مرتبة منخفضة للغاية، وهي تراوح بين مستوى مقبول فقط لدى المراهقين (عند الفلسطينيين) و30 في المئة (في الجزائر). (الاستثناء الجيد الوحيد بين المستطلَعين كان في موريتانيا، وهي غير ذات صلة). وأسوأ من ذلك، بعد صعود هذه الأرقام في منتصف 2009، ربما بسبب الإثارة المبكرة المتعلقة بمجيء أوباما ورحيل جورج بوش الابن، انخفضت كلّ هذه الأرقام مجدّداً إلى المستويات المعهودة في عهد بوش. وفي دول أخرى مهمّة ذات أغلبية مسلمة استطلعتها غالوب، مثل تركيا وباكستان، هناك دليل ضعيف على النظرة الجيدة تجاه أميركا.

في هذا الوقت، لا تزال نار الحقد الإسلامي المتطرف تجاه أميركا تستعر. هذا واضح من خلال محاولات الاعتداء الإرهابية الخاصة بعمر فاروق عبد المطلب، نجيب الله زازي ومحاول تفجير ساحة تايمز سكوير فيصل شاه زاد، وكذلك الرائد نضال حسن، الذي تبين أنّ إطلاقه النار في قاعدة فورت هود قد حفّزته تعاليم إسلامية متشددة.

إذاً لماذا فشلت هذه البداية الجديدة في أن تبدأ؟ الإجابة واحدة، وهي أنّ أوباما فشل في تنفيذ بعض وعوده الأساسية التي أطلقها في القاهرة. فقد كرّر أوباما تعهده السابق إغلاق غوانتنامو بحلول نهاية عام 2009. لكنّ هذا التعهّد أصبح اليوم متأخّراً خمسة شهور والوقت يمرّ، مع بروز فرص ضئيلة جداً للحل في الأفق.

الوضع مشابه في ما يتعلق بحديثه الطموح عن سلام الشرق الاوسط. «أنوي أن أتابع هذه النتيجة شخصياً مع كلّ الصبر الذي تتطلّبه هذه المهمّة»، قال أوباما. لكنّ عبارة أخرى هي التي أثارت تصفيقاً حاداً من الجمهور: «الولايات المتحدة لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية»، أعلن أوباما. «حان الوقت لهذه المستوطنات أن تتوقّف». أعلنت هذه الكلمات تركيزاً جديداً في مقاربة أميركا للمشكلة، وهذا ما أغضب القادة الإسرائيليّين (وأسعد العرب). لكنّ الإسرائيليّين سرعان ما أخبروا أوباما أنّهم لا يهتمون لما يمكن أن يفعله. وعندما ردّ أوباما بالقليل في ما يتعلق بعواقب جدية، رأى العديد من العرب أنّ ذلك تأكيد لرؤيتهم القديمة من أنّ الولايات المتحدة تعامل إسرائيل بقفّازات ناعمة.

فشلت البداية الجديدة التي وعد بها أوباما في القاهرة لأنّه أخفق في تنفيذ الوعود التي أطلقها من هناك «تحديداً في القضايا الإسرائيلية ـــــ الفلسطينية، وهو المنظور الأول الذي تحاكَم عبره الولايات المتحدة (في العالم الإسلامي)، هناك إدراك أنّه رغم التوقّعات الكبيرة التي أثارها الخطاب، فإنّ إدارة أوباما هي كسابقاتها»، يقول مايكل هانا، الخبير في الشرق الأوسط في «سانتوري فاوندايشن». ويضيف «عبر رفع التوقعات رفعت الإدارة مخاطر عدم فعلها شيئاً».
لكن، في نقاط أخرى، خفض أوباما التوقّعات، منذراً بوجود مصاعب في المستقبل. فقد حذّر من أنّ قوات الولايات المتحدة ستقاتل في أفغانستان طالما «أنّ المتطرفين العنفيّين في أفغانستان، واليوم في باكستان، مصمّمون على قتل أكبر عدد من الأميركيّين». وقد أمر بزيادة عدد الجنود في هذه الأرض المسلمة بمقدار 30 ألفاً بعد ذلك بشهور عدّة. وعرض أوباما الإشارات الأخفّ في ما يتعلق بحقوق الإنسان والديموقراطية، وهي قضايا مهمّة في الشرق الأوسط المستبد خصوصاً، لكنّها قضايا جملتها سياسته الخارجية الواقعية باسم الاستقرار وربما مقابل ثمن استراتيجي.

في شهادة أمام الكونغرس أخيراً، حذّر رئيس «مركز بيو للأبحاث»، الذي عمل كثيراً على استطلاعات في الدول المسلمة، من أنّ مركز أميركا في العالم الإسلامي لن يتحسّن فعلياً إلى أن يراها المسلمون «منصفة» في التزامها بعملية السلام، ويقتنعوا بأنّ الجهود الأميركية لمحاربة الإرهاب ليست في الأساس مناهضة للإسلام، ويروا أنّ القوات الأميركية ليست بعد اليوم في حالة حرب في الأراضي المسلمة.

إنّ أياً من هذه الأمور لن يحدث في المستقبل القريب. صدِّقوا أوباما من أنّه يسعى نحو بداية جديدة. لكنّ خطابه في القاهرة كان أدنى البدايات وحسب. ومن الصعب تخيّل نهاية سعيدة قريباً.

- عن مجلة «تايم».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2180733

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180733 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40