الأربعاء 18 نيسان (أبريل) 2012

كي لا يصبح حل السلطة ورقة يتهاداها المحتلون

الأربعاء 18 نيسان (أبريل) 2012 par نافذ أبو حسنة

منذ سنوات، ظل موضوع حل السلطة الفلسطينية موضوعاً على الطاولة، بشكل أكثر تحديداً من الوقت الذي اجتاحت فيه قوات الاحتلال مدن الضفة الغربية، في إطار عدوانها الوحشي لتقويض الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

كانت الفكرة - وربما ما زالت كذلك - في غاية البساطة.. هذه السلطة صارت عبئاً على الشعب الفلسطيني؛ لم تقدم له شيئاً، وهي صارت مريحة للاحتلال، وأعفته من مسؤولياته التي يرتبها القانون الدولي على قوة الاحتلال. ولكشف هذا الأخير وتعريته، لا بد من حل السلطة، ثم إن هناك ما هو أكثر أهمية، فقد نشأت حاجة ملحّة لإعادة القيام بتوصيف حقيقي للواقع الفلسطيني، وبدلاً من وهم “السلطة” وما يرتبه من أعباء على الشعب الفلسطيني، يجب وصف الأمور كما هي، والقول: إن الشعب الفلسطيني هو شعب تحت الاحتلال، ويعيش مرحلة التحرر الوطني، وله الحق بمقاومة الاحتلال القائم على أرضه، والذي هو آخر احتلال في العالم.

على مدى السنوات المنصرمة، تقدمت هذه الفكرة وتراجعت؛ حازت في أوقات كثيرة على تأييد قطاعات فلسطينية، وواجهت رفضاً من قطاعات أخرى، خصوصاً تلك التي تأسست مصالحها المباشرة على وجود السلطة، ومقابل المطالبة بإعادة التوصيف، وفق منطق حركة التحرر الوطني، كان هناك من يقول إن السلطة تمثل إنجازاً كبيراً لا ينبغي التفريط فيه.

لكن المفارقة الطريفة كمنت في حقيقة أن السلطة صارت تلوّح بحل نفسها، في تهديد جدي لحكومة الاحتلال، من أجل متابعة المفاوضات، أو تحسين شروط محددة فيها، والسؤال الذي يطرح ببراءة هنا: لو كانت السلطة شيئاً في صالح الشعب الفلسطيني، فلماذا يجري تهديد الاحتلال بحلّها؟ ولماذا يعتبر التمسك بها رسالة طمأنة للحكومات الصهيونية؟ الإجابة على هذا السؤال تعني أن الاحتلال يجد في بقاء السلطة مصلحة له، والمعادلة المنطقية البسيطة تقول: كل ما هو في صالح الاحتلال، هو بالضرورة في غير صالح الشعب الفلسطيني.

ثمة من يأخذ على هذه المعادلة تبسيطيتها، لكنها في الحقيقة ليست كذلك؛ هي بسيطة نعم، والفرق بين الصفتين واضح، لكنها واقعية وحقيقية تماماً، وليشرح لنا من يرفضها معادلة أخرى، تبيّن معنى أن يكون التهديد بحل السلطة تهديداً للاحتلال، وأن التمسك بها هو لخير الشعب الفلسطيني.

من دون الدخول في المثالب الكثيرة والمتشعبة للسلطة التي صارت اثنتين، فقد لوحظ في الآونة الأخيرة تحسس القيادات الفلسطينية المختلفة، حتى لا نقول استياءها البالغ، من كل طرح يقارب فكرة حل السلطة، وعندما تناولت وسائل إعلام معلومات نقلتها عن مصادر قريبة من القيادة الفلسطينية في رام الله، وتدور حول التفكير في حل السلطة، سارع أكثر من مسؤول فلسطيني لنفي مجرد التفكير في هذا الأمر، مع أن الخيار طرح في الحقيقة، وبالضبط في سياق الضغط على حكومة الاحتلال.

مؤخراً، ومع عودة الحديث عن الخيارات الفلسطينية المفتوحة، خصوصاً بعد فشل المفاوضات الاستكشافية برعاية الحكومة الأردنية والرباعية الدولية، برز الحديث عن خيار حل السلطة، لكن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سارع إلى نفي وجود هذا الخيار، وقال في تصريحات لـ“تلفزيون فلسطين” الرسمي: “إن خيار حل السلطة مستبعد تماماً”.

بعد هذه التصريحات بيومين، ظهر الوزير الصهيوني السابق يوسي بيلين، لينتقد “عدم قيام السلطة بحل نفسها”، معتبراً أنه كان يجب اللجوء إلى هذا الخيار لإحراج نتنياهو، وليتخلص الفلسطينيون من حال الانسداد القائم.

مفهوم أن الوزير الصهيوني أطلق هذه التصريحات في سياق الهجوم على رئيس حكومته، وفي إطار الصراع بين الأحزاب الصهيونية، مع تزايد الحديث عن إمكان اللجوء إلى انتخابات مبكرة في كيان الاحتلال.

السلطة الفلسطينية عبرت عن تقديرها لتصريحات بيلين، من دون التوقف عند مسألة حل السلطة، بل عند ما وصفته بوضوحه في شأن تحميل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو «مسؤولية تعثر العملية السلمية ووصولها إلى طريق مسدود»، وقال مستشار رئيس السلطة الفلسطينية؛ نمر حماد، إن السلطة «تُقدّر موقف بيلين ووضوحه في شأن تحميل نتانياهو مسؤولية تعثر العملية السلمية»، معتبراً أن «بيلين أوضح أن نتانياهو يريد كسب الوقت، وسياسته ستحول دون قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة»، و«ستشكل مستقبلاً خطراً على إسرائيل»، وأعرب عن أمله في أن يلعب بيلين والشخصيات المعتدلة في “إسرائيل” «دوراً ناشطاً في الولايات المتحدة الآن في مرحلة الانتخابات الرئاسية والكونغرس».

يبين هذا التعقيب أشياء كثيرة بعيداً عن موضوعة حل السلطة وموقف بيلين منها، إذ يعكس نمطاً مستمراً من التفكير العائد إلى مراحل المراهنة على الاعتدال في كيان الاحتلال، مع الحديث عن انتخابات مبكرة قريبة.

ما يهمنا هنا من كل ما يقوله بيلين أمر واحد، وهو أن حل السلطة أصبح واسطة تهديد بين الصهاينة أنفسهم، وعندما يدعو بيلين السلطة كي تحل نفسها في سياق الضغط على نتنياهو، نعرف تماما أين نقف، وأين تقف هذه السلطة، كما نعرف معنى وجودها بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني.

حلّوا السلطة.. ولن نقول إنكم استجبتم لنصيحة بيلين، بل لمصالح الشعب الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178436

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178436 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40