الأربعاء 11 نيسان (أبريل) 2012

أين «إسرائيل» عند المرشحين للرئاسة؟!

الأربعاء 11 نيسان (أبريل) 2012 par د. رفعت سيد احمد

هذه هي الحقيقة الصادمة؛ فمن (عمر سليمان) إلى (خيرت الشاطر)، ومن (عمرو موسى) إلى (أبو الفتوح) وحتى تصل إلى رقم 23 من المرشحين لرئاسة مصر، لا تجد في برامج هؤلاء بنداً واضحاً قاطعاً العلاقة مع الكيان الصهيوني، طبيعتها، ومستقبلها، بعد ثورة أزالت من الوجود (الكنز الاستراتيجي لـ«إسرائيل») وفقاً لتصريحات مسئوليها، ونعني به هنا الرئيس السابق (حسني مبارك)، الجميع من هؤلاء المرشحين، وبلا استثناء واحد، يقدم كلاماً عاماً، ومواقف مائعة، لا أحد يقترب من القضية اقتراباً صحيحاً، فاهماً، لخطورتها، خاصة على مصر ما بعد الثورة.

إن (الغياب) «الإسرائيلي» عن برامج المرشحين للرئاسة، يستدعي تأملاً عميقاً وتحذيراً أكثر عمقاً، ودعونا نسجل ما يلي بشأن هذا الغياب عله يفيد :

أولاً : من المؤكد أن قضايا مصر الداخلية، تأتي - أراد المرشحون للرئاسة أو لم يريدوا - على رأس الأولويات لديهم إلا أن فهم طبيعة العلاقات التي كانت تربط رأس النظام السابق بالكيان الصهيوني، وتداخلها مع شئون مصر الداخلية، تؤكد أن ثمة تواصلاً، وتأثيراً متبادلاً بين الأمرين، ويخطى من يحاول تصور أنهما منفصلان، وأن ما يسمى بالأولوية لقضايا الداخل منفصلة عن قضايا الخارج الطامع أو الغاضب من هذه الثورة، هو من قبيل الأوهام؛ و«تل أبيب»، ومعها واشنطن، هي أول من يدرك هذا، ولذلك هي تعمل بكل أدواتها السياسية والمخابراتية والاقتصادية على اختراق مصر واستمرار تركيعها تحت ذلك الخيار البائس عديم الفائدة المسمى بخيار (كامب ديفيد)، إنها - أي «إسرائيل» - تتدخل في كل شئون مصر بعد الثورة، فلماذا لا يفهم المرشحين للرئاسة هذا الأمر ويتجاهلونه وكأن لا وجود أو تأثير لـ «إسرائيل» في قضايا الوطن، رغم أنه التأثير الأكبر والأخطر منذ 25 يناير 2011 وحتى يومنا هذا كان من «تل أبيب» وواشنطن؟! (ويكفي أن نعلم أنه قد تم ضبط 7 شبكات تجسس «إسرائيلية» في العام الماضي وحده وأن أغلب صراعاتنا الداخلية والفتن المتأججة سببها الأصابع الأمريكية و«الإسرائيلية» والشواهد عديدة!!).

ثانياً : في تقديرنا أن ما يسمى بالنفاق السياسي، أو البراجماتية السياسية هي السبب الرئيسي في ابتعاد برامج أغلب المرشحين عن ذكر «إسرائيل» وخطرها المدعوم أمريكياً، بل والإصرار منهم على إعلان - بدون لزمة!! - تمسكهم بـ «كامب ديفيد»، رغم أحقية مصر في تعديلها بل وإلغائها وفقاً للقوانين والمواثيق الدولية خاصة في البلاد التي تحدث بها ثورات. إن إرسال رسائل الطمأنينة لأمريكا التي مفتاحها (تل أبيب) ظل هو الهاجس الأول لأغلب المرشحين للرئاسة، وليس مصلحة الشعب، وأمن مصر والتزاماتها الدولية كما يدعون.

ثالثاً : في ظني - وليس كل الظن إثم - أن الواجب الأخلاقي قبل الوطني للمرشحين الذين قدموا أنفسهم باعتبارهم مرشحين لمصر ما بعد الثورة عليهم أن يعلنوا وبوضوح، وبلغة حازمة، أنهم (مع أو ضد) استمرار هذه العلاقات مع «إسرائيل» كما كانت في عهد حسني مبارك، حتى يعلم الناس مواقفهم ويبني الرأي العام تصوراً واضحاً عن مستقبل بلاده، وهل هو مستقبل بإرادة وطنية مستقلة وقرار سياسي حر، أم هو مكبل بذات القيود والاتفاقات التي تؤثر على التنمية والحريات في الداخل بأكثر مما تؤثر على قضايا الخارج؛ ومن حق الشعب المصري الذي قام بثورة نبيلة ورائعة أن يجني ثمار ثورته في حماية صحيحة لأمنه القومي بعيداً عن القيود المذلة للمعونة الأمريكية المرتبطة شرطاً بـ «اتفاقات كامب ديفيد» و«معاهدة السلام» مع «إسرائيل» .. ترى متى ينطقون؟ ومتى يكون (المبدأ) وليس البراجماتية السياسية هو الأساس الأخلاقي لمن يتصدى للعمل العام؟.

إن هذا جميعه يستلزم من المرشحين للرئاسة أن يقولوا لنا الآن وليس غداً، أين هم من قضية الصراع العربي الصهيوني؟ هل هم مع المقاومة أم مع ذلك الوهم الكبير المسمى بـ «السلام» الذي لم يجني العرب - وفي القلب مصر - منه شيئاً؟.

إن القضية غاية في الأهمية، خاصة إذا ما فهمت جيداً على أساس أنها قضية (أمن قومي)، والأمن القومي يتداخل فيه الداخل بالخارج في منظومة واحدة من التحديات والتهديدات، إن مصر مقبلة على مرحلة خطيرة للغاية، ومن الصواب أن نعلم كيف يفكر الرئيس القادم، في تلك المرحلة والتي لدينا يقين كامل أن المواجهة مع الكيان الصهيوني وواشنطن ستكون أبرز عناوينها .. فهل أعد الرئيس القادم إجاباته على تحدياتها تلك؟!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2177766

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2177766 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40