الثلاثاء 10 نيسان (أبريل) 2012
ملف | 39 عاماً على جريمة فردان ...

«إسرائيل» تثأر لميونيخ بـ «ربيع الشباب»

الثلاثاء 10 نيسان (أبريل) 2012

تطلب الأمر بعض الوقت لتفيق «إسرائيل» من صدمتها إثر العمليتين النوعيتين اللتين هزتاها بفارق أشهر عام 1972، عملية طائرة «سابينا» التابعة للخطوط الجوية البلجيكية، التي اختطفها مناضلون فلسطينيون في الثامن من أيار، وحطوا بها في مطار اللد بالقرب من «تل أبيب»، وعملية ميونيخ الشهيرة التي قُتل فيها أحد عشر «إسرائيلياً» في الخامس من أيلول. تبنت منظمة «أيلول الأسود»، التي كانت أشبه بالذراع العملياتية لمنظمة التحرير الفلسطينية، المسؤولية عن العمليتين، مشكلةً بذلك مفاجأة للاستخبارات «الإسرائيلية»، التي اعتقدت أن المنظمة ناشطة فقط في مواجهة النظام الأردني.

اتخذت رئيسة الوزراء «الإسرائيلية» في حينه، غولدا مائير، قراراً باعتماد سياسة «المبادرة الهجومية»، وأمرت بمطاردة قادة المنظمة وتصفيتهم، إضافةً إلى الدافع الانتقامي الذي وقف وراء القرار، راهنت القيادة «الإسرائيلية» على أن يسهم هذا القرار في التشويش على الجهاز العملياتي لفصائل المقاومة الفلسطينية، والأهم أن يؤسس لسياسة ردع ضد قادته.

في مطلع عام 1973 تلقت الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» معلومات عن مصنع للألغام البحرية أنشأته منظمة التحرير في منطقة الأوزاعي جنوب بيروت. في أعقاب ذلك، أمر رئيس الأركان «الإسرائيلي» في حينه، دافيد إليعيزر، وحدة «سييرت متكال» بالتخطيط لعملية إبرار (إنزال بحري) بهدف تدمير المصنع. بعد أسابيع من التدريبات، وقبل يوم من الموعد المحدد للتنفيذ، أمر وزير الدفاع «الإسرائيلي»، موشيه ديان، بتجميد العملية بانتظار تبلور معطيات وردت عن أهداف إضافية يمكن استهدافها في إطار عمل أوسع، من ضمنها معلومات عن مكان سكن عدد من قادة «أيلول الأسود»، وعلى رأسهم كمال عدوان ومحمد النجار.

في التاسع من نيسان، وبعد ساعات من محاولة خطف طائرة مدنية «إسرائيلية» في مطار نيقوسيا في قبرص، وتعرض منزل السفير «الإسرائيلي» في المدينة لإطلاق نار، انطلقت قوة «إسرائيلية» مؤلفة من وحدات النخبة باتجاه الشواطئ اللبنانية لتنفيذ عملية «أفيف نعوريم» (ربيع الشباب) التي وصفها أحد الضباط «الإسرائيليين» بأنها «إحدى العمليات النوعية الكبرى في تاريخ الجيش «الإسرائيلي»».

على ما تفيد الرواية «الإسرائيلية»، تألفت القوة من خمس مجموعات أوكلت إلى كل منها معالجة هدف محدد تابع لمنظمة التحرير في مناطق مختلفة على الساحل اللبناني. أُلقيت على مجموعة «أفيفة» المهمة الأخطر في العملية، وهي الوصول إلى مبنيين سكنيين من سبعة طوابق في شارع خالد بن الوليد (تقي الدين الصلح حالياً) في منطقة فردان وسط بيروت، وتصفية ثلاثة قادة في حركة «فتح»: محمد يوسف النجار (أبو يوسف)، المسؤول عن العمليات الخارجية في الحركة، الذي كانت الاستخبارات «الإسرائيلية» تعتقد أنه المسؤول عن عملية ميونيخ، وكمال عدوان، المسؤول عن العمليات في داخل فلسطين المحتلة، وكمال ناصر المسؤول الإعلامي والناطق باسم منظمة التحرير الفلسطينية.

المجموعة المؤلفة من مقاتلي «سييرت متكال» (الوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان العامة) كانت بإمرة قائد السييرت، العقيد إيهود باراك، وكانت تعد اثني عشر مقاتلاً. وصلت المجموعة، التي تغلَّف أعضاؤها بطبقة من النايلون حتى لا تتبلل الثيات المدنية التي كانوا يرتدونها، عبر قوارب مطاطية إلى منطقة الإبرار على شاطئ بيروت، وهي منطقة جرى اختيارها تحت أحد الفنادق ليسهل تشخيصها من البحر. على الشاطئ كان ينتظر عدد من عملاء «الموساد» الذين وصلوا إلى بيروت قبل أيام بجوازات سفر أجنبية في انتظار المجموعة، وكان في حوزتهم ثلاث سيارات أميركية فاخرة جرى استئجارها قبل يوم لخدمة العملية. استقل المقاتلون السيارات متنكرين على شاكلة أزواج يعطون الانطباع بأنهم في طريقهم إلى الترفيه والسهر. وصلت السيارات إلى منطقة فردان، حيث رُكنت في باحة بين المبنيين الهدفين. خرج إيهود باراك، متنكراً في زي امرأة سمراء ومرتدياً تنورة، ومتأبطاً ذراع نائبه موكي تسور، فيما تأبط عميران ليفين (قائد المنطقة الشمالية منتصف التسعينات) المتنكر في زي امرأة شقراء ذراع أحد المقاتلين الآخرين. تحت الثياب المدنية حمل المقاتلون مسدسات حربية وبندقيات أوتوماتيكية من طراز «عوزي»، بعضها مزود بكواتم للصوت، كما حملوا عبوات من الغاز المخدر والمسيل للدموع. انقسمت المجموعة إلى ست خلايا ثنائية العدد: ثلاث خلايا أوكلت إليها مهمة اقتحام شقق القادة الثلاثة وتصفيتهم، خليتان لتأمين مداخل المبنيين، وخلية قيادة وسيطرة بقيت داخل السيارات مع السائقين للتنسيق بين المجموعات الخمس وبين غرفة العمليات المسؤولة عن العملية، التي كانت موجودة على إحدى السفن الحربية في عرض البحر برئاسة ضابط المظليين الرئيس، العميد عاموئيل شاكيد.

سريعاً صعدت خلايا التصفية التي كانت تمتلك مخططاً هندسياً تفصيلياً عن تقطيع المبنيين إلى الطوابق المحددة سلفاً: كمال عدوان في الطابق الثاني من أحد المبنيين، وفوقه في الطابق الثالث كمال ناصر، وأبو يوسف النجار في الطابق السادس من المبنى الثاني. اقتحمت المجموعات الثلاث شقق القادة الثلاثة الذين تصدوا للمهاجمين بإطلاق بعض الأعيرة النارية، إلا أنهم سرعان ما قُتلوا بعشرات الرصاصات التي وُجهت إلى أجسادهم ورؤوسهم.

[rouge]-[/rouge][bleu] المصدر : صحيفة «الأخبار» اللبنانية | محمد بدير.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165500

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165500 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010