الاثنين 9 نيسان (أبريل) 2012

دير ياسين ومسيرة الدم

الاثنين 9 نيسان (أبريل) 2012 par أمجد عرار

اليوم يطبق الزمن الفلسطيني الدامي أربعة وستين عاماً على ارتكاب العصابات الصهيونية واحدة من أبشع مجازرها العديدة. كانت تلك في التاسع من إبريل/ نيسان 1948، ومن نصيب قرية دير ياسين الصغيرة الواقعة على مشارف القدس. في تلك المجزرة الرهيبة التي ارتكبها الصهاينة بعد مرور أقل من أربعة وعشرين ساعة على استشهاد القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل، قضى ثلاثمئة وستون شهيداً برصاص تلك العصابات الإجرامية وبإشراف من زعيم عصابة الأرغون مناحيم بيغن الذي أصبح بعد حوالي ثلاثين سنة رئيس حكومة يلتقيه قادة العالم، وبضمنهم زعيم أكبر دولة عربية الذي وقّع معه أول معاهدة لـ «السلام»، ولم يكن لنا من اسمها أي نصيب، وكانت مناسبة لحصول بيغن على جائزة نوبل لـ «السلام» وخروج الدولة الكبرى من دائرة الصراع.

أربع وستون سنة مرت على تلك الجريمة ومشاهدها يتناقلها أبناء فلسطين، وبخاصة أبناء القرية، وحملت تلك الروايات المنقولة ممن عايشوا المجزرة ونجوا بأرواحهم، لا رحمة من القتلة بل لأنهم انسحبوا إلى مناطق أخرى، أو لأنهم صبغوا أجسادهم بالدم وتمدّدوا بين الضحايا للتمويه.

في ذكرى تلك المجزرة، من المفيد أن يدرك المؤرّخون المخلصون من غير الباحثين عن مجد شخصي أو شهرة أو جائزة، أن ينتبهوا إلى أن كثرة الاهتمام والتركيز على مجازر معروفة، كانت بمثابة وجه آخر للتعتيم على مجازر أخرى عديدة ارتكبها الصهاينة، بعضها كان أشد ترويعاً وبشاعة من مجزرة دير ياسين وشقيقاتها التي باتت معروفة لدى كل العالم، مثل مجزرتي كفر قاسم وصبرا وشاتيلا.

من الجدير بالأهمية أن نخبر العالم أو نذكّره بقرابة أربعين مجزرة موثّقة ارتكبتها «العصابات الصهيونية» بحق الفلسطينيين والعرب قبل النكبة وبعدها، وقبل مفاوضات واتفاقات بعض الفلسطينيين والعرب مع الكيان الصهيوني وبعدها، وبالتأكيد سترتكب مثلها وأبشع منها بعد المفاوضات المقبلة. على المخلصين لمبدأ حماية الذاكرة العربية أن يلقوا الضوء على جرائم ارتكبتها العصابات الصهيونية وبقيت قيد التعتيم. لقد كان أمراً مؤسفاً أن تمر أكثر من خمسين سنة على مجزرة ارتكبت في قرية اسمها الطنطورة، إلى أن أتى طالب «إسرائيلي» ليكشفها في رسالة ماجستير، لنكتشف أن عدد شهدائها يزيد عن أربعة أضعاف ضحايا مجزرة شهيرة مثل كفر قاسم. هناك مجزرة الدوايمة التي ارتكبها الصهاينة في الثامن والعشرين من أكتوبر 1948 وذهب ضحيتها خمسة وسبعون شهيداً وعدد آخر من الجرحى. وهناك مجزرة شبه مغيّبة ارتكبها الصهاينة في قرية صلحة الواقعة على الحدود الفلسطينية اللبنانية. وقبل أن يمسحوا القرية من على وجه الأرض، قتلوا أكثر من مئة إنسان من أبناء القرية الذين لم يكن عددهم يزيد على مئتي نسمة.

مجازر هذا الكيان التي وصلت إلى مدرسة بحر البقر المصرية وحمامات الشط التونسية وقانا اللبنانية مرتين، تتجاوز قدرة مقال على استعراضها وتحتاج لعمل جماعي من المخلصين والشرفاء في العالم، ليصار إلى تحويل دماء الشهداء إلى طاقة تعيد الحقوق المغتصبة.

استذكار هذه الجرائم لا يستكمل جدواه مالم يتحرّك الأفراد والمؤسسات بمعزل عن الدول، لكي يهيئوا لِسَوْقِ مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة عندما تتوفّر أدوات العدل لأن الجرائم لا تسقط بتقادم الزمن، أياً كان مرتكبوها.

هذه المهمّة الإنسانية الجبارة تحتاج إلى «خطوة عملية واحدة خير من دزينة برامج» ومن طن مزايدات، وإذا كانت أنظمة تستخدم دماء الشهداء شعارات للمزايدة، فإن بعض الناس والجهات تستخدمه للمتاجرة وأجندات أخرى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2181936

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2181936 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40