الأحد 8 نيسان (أبريل) 2012

بمشاركة الجميع... حفلة تهويدية مستمرة!

الأحد 8 نيسان (أبريل) 2012 par عبداللطيف مهنا

تتسارع متوالية الكشف عن مخططات الحملة التهويدية للقدس وما تبقى من أراض الضفة الغربية المزدادة سعاراً. لكأنما تسريباتها ثم من بعد الإعلان الرسمي عنها باتت سياسة تحدٍ مقصودة هدفها انتزاع التسليم بما تفرضه وقائعها وقبولها كقدرٍ لا راد له. لم يمض أكثر من يومين على الكشف عن مخطط لزرع بؤرة استعمارية في قلب أبو ديس على أطراف المدينة الشرقية حتى تلاه الإعلان عن قرارات ببناء 872 وحدة سكنية مضافة في مستعمرة «هار حوما» في جبل أبوغنيم جنوبها تقطع صلتها ببيت لحم، و180 وحدة في «جفعات زئيف» في الضفة، و69 وحدة في الجولان السوري المحتل، والإيعاز بإصدار أحكام احتلالية «بتشريع» مستعمرات «بروخين وساسانا وريحاليم» وبؤرة تهويدية رابعة بمحاذاة مستعمرة «بيت أيل» شمالي القدس بالقرب من رام الله. هذا كان بالتوازي مع هدم أربعة منازل وإزالة 52 عامود كهرباء في بيت جالا مما أدى الى تعتيمها، للربط بين مستعمرة «هارجيلو» بكتلة «كفار عتصيون» الاستعمارية الممتدة حتى مدينة الخليل، ذلك بمصادرة أراضٍ مساحتها تمتد لعشرة كيلو مترات مربعة، أي الواقعة فيما بينهما... وكان قد سبق كل هذا، وبما لا يزيد على الأسبوع فحسب، الشروع في هدم مطار قلنديا الواقع ما بين رام لله والقدس بذريعة بناء مدينة صناعية على أرضه...

لعل أكثر هذه القرارات التهويدية حظاً من حيث ما لاقاه من صدى لدى الأسلويين الفلسطينيين وبعض عرب «السلام خياراً استراتيجياً وحيداً» هو ما يتعلق بأبو ديس، ولدرجة أنه بدا وكأنما قد فاجأهم ... لماذا؟! لأن الحي التهويدي المراد غرسه في أحشاء أبو ديس اختير له مكان ذا مغزى ألا وهو مقابل مبنى «المجلس التشريعي»، الذي كانت حكومة سلطة الحكم الذاتي الإداري المحدود زمن رئيسها أحمد قريع قد شيَّدته مقراً مستقبلياً لبرلمانها، فيما يفترض أنها عاصمة دولتها العتيدة، تلك التي يفترض أن تمنحها لها «المسيرة التسووية» الأوسلوية، أو المفترض تسميتها بـ«القدس الفلسطينية»، التي قد يتنازل عنها أو يسمح بها الإحتلال. حينها، لمن شاء أن يتذكر، ثار الجدل وكثرت التكهنات والتسريبات حول ما عرف بـ«وثيقة أبو مازن - بيلين»، التي تمحورت حول تلك القدس!

الإعلان التهويدي الأخير المتعلق بأبي ديس، والتي سبق وأن أقيمت على أراضيها المصادرة تجمُّع «معالي أدوميم» التهويدي، أجهز الآن نهائياً على ما زال باقياً من أوهام «قدس أبوديس» تلك، لذا بدا وكأنما كان مفاجأً لمعشر التسوويين، على الرغم من أنه ليس سوى مخططٍ قديم العهد يرقى إلى أيام أولمرت وجاء الآن فحسب دور تنفيذه، وهو ليس بمعزلٍ عن ذات الاستراتيجية التهويدية الصهيونية الشاملة لكامل فلسطينً، والتي غدت القدس وباقي الضفة أولويةً راهنهً فيها. حتى الآن عملياً تم تهويد المدينة جغرافياً ويتم الشروع فيه ديموغرافياً بسبلٍ ومخططاتٍ متعددة تسعى لإفراغها من أهلها. فمنذ العام 1999 بدأوا في زرع الأحياء اليهودية في قلب الأحياء العربية، والتي بلغت تسعاً... في رأس العامود، الشيخ جرَّاح، جبل المُكبِّر، جبل الزيتون، سلوان...الخ. هذا بالتوازي مع إقامة حزامٍ تهويديٍ ملتفٍ حول المدينة من أربع جهاتها عبر إنشاء التجمُّعات الاستعمارية الكبيرة المحيطة بها، والتي جاء الآن دور سد الثغرات الصغيرة القائمة ما بين حلقاتها الخانقة وفق ما بينَّا بعضه آنفاً...هم عادةً لا تعوزهم الحاجة الى ابتداع الحج والذرائع، فمرة لإقامة حديقةً توراتيةً، وأخرى لإنشاء مدينةٍ صناعيةٍ، أو حفر نفقٍ أو مد جسرٍ أو شق طريقٍ إلتفافيةٍ، أو لأسبابٍ أمنيةٍ ... من ذلك، مثلاً، رفض محكمتهم لدعوى قدمها محامي ورثة مفتي فلسطين الراحل الحاج أمين الحسيني الذي قام مستعمروهم باحتلال منزله وفندق شيبرد، والذريعة ؟ كانت التأخر في رفع الدعوى!

هذه العربدة التهويدية لا تأتي من فراغ، وتنسجم مع استراتيجية صهيونية وضعت مع بدايات المشروع الصهيوني ولم ولن تتبدل وهى غير خاضعة للمراجعة بالنسبة لهم. إنها ببساطة إفراغ فلسطين من أهلها بشتى الوسائل وإحلال يهودٍ يستقدمون من أربع جهات الكون وإحلالهم محلهم. وفي مثل هذه المرحلة الكارثية فلسطينياً، والمنحطة عربياً، والأكثر تواطؤاً وانحيازاً لهم دولياً، لا يجدون ثمة ما يمنعهم من المضي قدماً في تطبيقها والتسريع فيه... اتفاقية تصفوية كارثية أسست لمسيرة تنازلات مشينة ومدمَّرة للقضية الفلسطينية، وأعطت الذريعة المنشودة لمن يريدها من عرب الهوان لينفض يده من القضية المركزية للأمة العربية، وسهلت الأمر على كل من أدار ظهره لها، وزادت فشجَّعت من لم يعد يخجل من التآمر مع أعداء أمته لتصفيتها. وسلطة بلا سلطة وتحت الاحتلال وتنسِّق أمنياً معه، ويشكِّل وجودها ونهجها غطاءً للمسيرة التهويدية على مدار العقدين الأوسلويين وغدت مجرد شاهد زور على وقائعها... مثلاً، تأكد الآن صحة التسريبات التي سبق نفيها، إذ قريباً سيعقد لقاء تقرر بين نتنياهو وسلام فيّاض «للبحث في مستقبل المفاوضات» وتسليم رسالة من ابو مازن لنتنياهو بهذا الخصوص... وعربياً، وإسلامياً، الأولون بدوا في حال من نسوا عروس عروبتهم ومن تلاهم كأنما هي لم تعد عندهم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين...أما دولياً، فإلى جانب من يرعى كيان التهويد ويغطي جرائمه ويعصمه من المساءلة الجنائية ويمنع عنه المحاسبة ويمده بكافة وسائل العربدة والبقاء، ومن يشيح بوجهه ويصم أذنيه حتى لا يرى ولا يسمع متجاهلاً فعائله، اليكم هذا الخبر: أوقف مكتب المدعي العام للمحكمة الدولية، المعنية بملاحقة من يوصفون في الغرب انتقائياً، أو عند اللزوم، بمجرمي الحرب ومن ضمنهم الموسومون بالمارقين عليه، التحقيق الأولي في جرائم الحرب «الإسرائيلية»، بناءً على طلب فلسطينيٍ قدم قبل سنتين ... لماذا؟! تعلة ذلك، أجملها مكتب هذا المدعي العام بالتالي: «رأي المحكمة أنه يعود إلى الهيئات الدولية المختصة في الأمم المتحدة البت قانونياً فيما كانت فلسطين دولة أم لا، للنظر في إمكانية انضمامها إلى اتفاقية روما» ... جميع من أتينا على ذكرهم آنفاً هم مشاركون بشكل أو بآخر في الحفلة «الإسرائيلية» التهويدية!!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 62 / 2165494

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165494 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010