الأربعاء 4 نيسان (أبريل) 2012

قمة مكافحة الإرهاب النووي أم قمة التسويات الدولية؟

الأربعاء 4 نيسان (أبريل) 2012

أكثر من 25 ألف شرطي تولوا أمن القادة الذين حضروا قمة مكافحة الإرهاب النووي، وأمن المنشآت النووية، التي انعقدت في سيؤول، عاصمة كوريا الجنوبية في 26 و27 مارس/آذار 2012. إلا أن أبرز المُشاركين وخاصةً رؤساء الولايات المُتحدة الأمريكية وروسيا والصين أخذوا الحيز الأوسع من الرقابة الأمنية، لأنهم انصرفوا عن الموضوع الأساسي للقمة، وانشغلوا في تنفيذ أجندة خاصة بهم، تركزت على لقاءات في ما بينهم، عالجت موضوعات دولية عالقة، كما قاموا بزيارات إلى خارج مقرّ المؤتمر في فندق هيلتون، أهمُها كانت انتقال الرئيس أوباما إلى منطقة «خط العرض 38» الفاصلة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، حيث يرابط 18 ألف جندي أمريكي منذ الحرب الشهيرة التي وقعت في عام 1950.

التهديد النووي يبقى الأخطر على البشرية من أي تهديد آخر، على حد ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر، لكن البيان المذكور جاء خالياً من الإجراءات التي يُمكن أن تتخذها المجموعة الدولية للحدِ من تلك الأخطار. وهي كانت مجرد توصيات عامة، تجنبت مقاربة المسائل الحساسة في هذا الملف، لاسيما موضوع تقليص المخزون من المواد الانشطارية، والاسلحة الفتاكة، ولم يتحدث البيان بكلمة واحدة عن الدول التي لا تُخضِع منشآتها لرقابة وكالة الطاقة الذرية الدولية، وخصوصاً «إسرائيل».

ورُغمَ أن التشريعات الدولية تمنع انتشار الاسلحة النووية، والاتجار بها، من خلال أحكام مواد «معاهدة حظر الانتشار للعام 1968» فقد تَفلتت مجموعة من الدول من ضوابط المعاهدة، وامتلكت أسلحة نووية، ومنها «إسرائيل» وباكستان والهند وكوريا الشمالية، وهناك شكوك في أن يكون للبرنامج النووي الإيراني جوانب عسكرية . كما أن أمن المُنشآت النووية ليس في أفضل حال، فقد وقَعت مجموعة من الكوارث في هذه المنشآت، أبرزُها التسرب الإشعاعي من محطة تشرنوبيل في أوكرانيا عام 1996، وانفجار مُفاعل فوكوشيما في اليابان، إثر زلزال توهوكو الذي وقع في 11 مارس/آذار 2011. بالمقابل لا يوجد في التشريعات الدولية ما يمنع استعمال الأسلحة النووية، سوى ما جاء في معاهدة عام 1925، وهي مُخصصة لحظر استخدام الأسلحة السامة، وحينها لم تَكُن الاسلحة النووية قد خرجت إلى النور.

قمة سيؤول أوصت بالتقليل من الاعتماد على اليورانيوم العالي التخصيب، والبلوتونيوم، في الاستخدام المدني للمفاعلات النووية، ونصحت باستعمال اليورانيوم «المُنضب» الذي لا ينتجُ عنه صُنع أسلحة نووية. لاسيما أن التمييز بين الأنشطة النووية السلمية والأنشطة العسكرية صعب جداً، في ظل عدم الثقة التي تحكُم العلاقات بين الدول، وغياب حسن النية.

غياب حسن النية في العلاقات الدولية، حولَ قمة سيؤول من محطة للأمن النووي إلى محطة للتسويات الدولية، فكان لون بيانها الختامي حول موضوعها الأساسي باهتاً جداً، بينما شكلت اللقاءات التي حصلت بين كبار القادة، والتسريبات الإعلامية، لاسيما عن لقاء أوباما والرئيس الروسي مدفيديف، حدثاً أوقد نار الصحافة العالمية ولم يَنطفِئ لهيبها حتى اليوم.

[bleu marine]ما أهم التسويات الدولية التي حصلت على هامش قمة سيؤول؟[/bleu marine]

أولاً : الهدنة الأمريكية - الروسية إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. فالرئيسان الأمريكي (الذي يتطلع إلى ولاية جديدة) والروسي (المُنتهية ولايته) اتفقا على ما يُشبه الهدنة الانتخابية في علاقات بلديهما، من دون أن يكون للتصريحات الانتخابية صدىً على مسار تطور الأحداث، في العديد من المناطق الساخنة في العالم، خصوصاً الدرع الصاروخي الأمريكي، وتطورات أحداث الثورة السورية، وفقاً لما تم اعتماده قبل انتخابات الرئاسة الروسية التي فاز فيها فلاديمير بوتين في4 مارس/آذار الماضي.

ثانياً : الاتفاق الصيني - الأمريكي على تهدئة التوتر بين البلدين. وقد برز هذا الاتفاق في تجاهل واشنطن لذكر التهديد النووي الكوري الشمالي، مقابل انتقاد بكين لقرار حليفتها بيونغ يانغ ، إطلاق صاروخ بالستي بعيد المدى الى المدار، يوم 16 إبريل/نيسان المقبل، الذي يثير المخاوف عند كوريا الجنوبية واليابان.

ثالثاً : انهاء القطيعة بين واشنطن وإسلام آباد، التي حصلت بعد الضربات التي نفذتها طائرات من دون طيار أمريكية ضد أهداف على الأراضي الباكستانية، أعقبت قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على أيدي قوات أمريكية في باكستان، ومن دون علم السلطات الباكستانية. وقد تم الاتفاق بين الرئيسين أوباما وزرداري على استئناف مرور الامدادات الأمريكية إلى أفغانستان عبر الأراضي الباكستانية.

رابعاً : بروز المحور الروسي - الصيني إلى العلن، في أروقة المؤتمر، وشكل الأمر حدثاً لا يُستهان به، كرس تجربة حصلت خلال الأشهر الماضية في مجلس الأمن الدولي، عندما استخدمت العاصمتان الفيتو ضد قرار يهدف إلى وقف نزيف الدماء في سوريا.

صحيح أن قمة سيؤول سلطت الضوء على مخاطر التَفلت النووي على البشرية جمعاء، ودعت إلى التشدد في منع وصول مواد انشطارية إلى إرهابيين، ولكن الصحيح أيضاً أن هذه القمة كانت قمة التسويات الدولية بامتياز.

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية | د . ناصر زيدان (أستاذ العلاقات الدولية).[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4 / 2178386

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178386 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40