الاثنين 2 نيسان (أبريل) 2012

عرض كتاب | الوقود على النار .. النفط والسياسة في العراق المحتل ... 3/3

الاثنين 2 نيسان (أبريل) 2012

يحتل النفط موقع القلب في رسم السياسة العراقية، رغم أن الحديث عنه منذ سنوات الاحتلال وحتى قبيل وقت قريب كان يقع في خانة المحظورات. والكاتب من خلال بحثه واطلاعه، يدخل في تحليل السياسة العراقية والمصالح المبنية على أساس النفط، يحاول أن يجيب عن السؤال الذي بقي غير مطروح وهو: «ماذا يحدث للنفط العراقي؟».

في الحقيقة، جرّت المصالح المتضاربة العراق إلى ساحة من العنف، والاقتتال والطائفية المقيتة، خلفت من الضحايا ما لا يعد وما لا يحصى، وستحتاج من السنوات كثيرها لتتخلص من هذا العبء الثقيل.

ما نراه الآن هو عراق مثخن بالجراح، عراق يرزح تحت صراع الطائفية والمحاصصة، إنه عراق مجرّد من اسمه ومن قوته. إنه العراق الضائع بين الإخوة المتصارعين، وتحت أنظار دول تعيش على دماء الشعوب وأرواحها، إنه العراق .. مرثية الألم والنجوى .. إنه المشهد العراقي بكل مآسيه، ويتجلى المشهد كاملاً أمام أعيننا في هذا الكتاب، حيث المصالح الأمريكية والبريطانية في حقل النفط، رغم أنهم لا ينفكون يرددون أمام العامة أنهم ينشرون الديمقراطية والعدالة الإنسانية في هذه الرقعة من العالم، التي كانت فريسة الطغيان وحكم الفرد الواحد لسنوات طويلة.

[bleu marine](الكتاب صادر عن دار النشر البريطانية «رودلي هيد» في 433 صفحة من القطع الكبير سنة 2011)[/bleu marine]

في القسم الثالث من الكتاب بعنوان (الديمقراطية والعنف: إبريل/نيسان 2004 - يوليو/تموز 2006) يتحدث الكاتب عن العنف الطائفي والمقاومة في وجه الاحتلال الأمريكي، ويتوقف على أفكار الديمقراطية العراقية على الطريقة الأمريكية، والتي كانت مرفوضة من العراقيين، إلا أن بول بريمر وزملاءه، وسط رفض أغلب العراقيين بخصوص وجود قوات الائتلاف، بقوا مقتنعين أن الإشراف الأمريكي على الوضع العراقي يمكن أن يجلب الديمقراطية إلى العراق، وادّعوا أن أغلب العراقيين يشتركون في هذه النظرة إلى مستقبل بلدهم، وهذا دفع القوات المعادية للديمقراطية التي تدعمها أمريكا بالعودة للالتزام بنهجها القديم، وهو النهج العسكري في رفض القرارات المصيرية التي تتعلق بمستقبل العراق، والذي يعد السبيل الأنجع للحيلولة دون تحقيق هذا النوع من الديمقراطية من وجهة نظرهم.

كانت المعارك الأكثر ضراوة في مدينة الفلوجة، التي تسمى «مدينة المساجد»، حيث يصل عدد المساجد فيها إلى ما يقارب 550 مسجداً، وهي واقعة على ما يقارب 60 كم غرب العاصمة بغداد، في محافظة الأنبار. يتذكر أغلب الأمريكيين والأوروبيين معركة الفلوجة الأولى والثانية، فقد حدثت معركة الفلوجة الأولى بتاريخ 4 إبريل/نيسان إلى 1 مايو/أيار 2004، ويرجع سبب حدوث المعركة إلى مقتل أربعة من المرتزقة في شركة بلاك ووتر بتاريخ 31 مارس/آذار 2004، وأحرقت جثثهم وعلقتها على جسر على نهر الفرات. وهذا العمل أثار السخط الأمريكي، ما دفع بالرئيس الأمريكي جورج بوش إلى تصعيد الهجوم على الفلوجة، لكن الكاتب يذكر أن عملية الهجوم على المدينة كان قد بدأ بتاريخ 26 مارس/آذار قبل مقتل أولئك الرجال، إلا أن مقتل هؤلاء أصبح ذريعة بيدهم للقضاء على المقاومة في هذه المدينة، وقد كان سبب المقاومة الشديدة هو رفض دخول قوات الاحتلال مركز المدينة، إلا أنهم دخلوا مدرسة للأطفال، فخرج الأهالي في تظاهرة سلمية منددين بوجود القوات في مركز المدينة، وتحولت التظاهرة السلمية حينها إلى مواجهة مسلحة، راح ضحيتها 17 عراقياً من أهالي الفلوجة، وكان ذلك من شأنه أن يدفع إلى إحداث سخط شعبيّ وتصعيد في المواجهة من قبل الأهالي، خاصة بعد خروجهم للاحتجاج على مقتل هؤلاء، إلا أن الأمريكيين أقدموا على قتل 3 آخرين. وعانت المدينة حينها أشد أنواع الحصار، وقد دعا العديد في هيئة علماء المسلمين إلى تقديم المعونة الإنسانية لأبناء المدينة، بعد أن طال الحصار عليهم، فقد سبّب هذا الحصار ترويعاً فظيعاً عند العراقيين، وهدد العديد من المسؤولين العراقيين المشاركين في مجلس الحكم بالاستقالة مع استمرار هذا الهجوم العنيف على الفلوجة، خاصة أنهم كانوا من المسلمين السنة، ووسط السخط الشعبي، أعلنت قوات الاحتلال الأمريكي وقف القتال بتاريخ 10 إبريل/نيسان بعد أيام من القصف الجوي ونيران القناصة . وفي أثناء الهجوم على الفلوجة، أغلقت القوات الأمريكية جريدة «الحوزة» لمقتدى الصدر، التي كانت تنشر انتقادات لاذعة للاحتلال، وبعد الإغلاق، خرج الآلاف في مسيرة احتجاجاً على إغلاق الصحيفة وكانوا يرددون: «قل كلمة يا مقتدى، سوف نعيد ثورة 1920»، في إشارة إلى الانتفاضة الكبرى في العراق ضد الاحتلال البريطاني، حيث شارك فيها المسلمون السنة والشيعة جنباً إلى جنب كإخوة يجمعهم الاختلاف الذي كان ائتلافاً في وجه المحتلين حينها.

[bleu marine]العودة إلى القتل[/bleu marine]

- بتاريخ 3 إبريل/نيسان 2003 اعتقلت القوات الخاصة الأمريكية مصطفى اليعقوبي نائب مقتدى الصدر، بتهمة اشتراكه في جريمة قتل أحد الشيوخ المؤيدين للاحتلال الأمريكي، وكان الرد على حادثة الاعتقال بانتفاضة في عدد كبير من المدن، وبتاريخ 5 إبريل/نيسان أصدر بول بريمر أمراً باعتقال مقتدى الصدر نفسه، بذريعة أنه يؤسس سلطة تريد أن تحل مكان السلطة الشرعية، وحدثت معركة مشابهة لمعركة الفلوجة في مدينة النجف، حيث التجأ إليها مقتدى الصدر، إلا أنه تم حدوث هدنة حالت دون اعتقال الصدر وحلّ جيش المهدي. يتوقف الكاتب على روح الأخوة التي سادت بين الشيعة والسنة في الفلوجة، حيث تم اعتبارهم كأبطال الوطن في وجه الغزو الأمريكي، وحصلوا على مساعدة كبيرة وإغاثات منهم، وقد توحدت المقاومة الشيعية والسنية في النجف، حيث انضم العديد من أبناء الفلوجة السنة إلى مقاومة الاحتلال مع الشيعة. واعتقد أغلبية العراقيين بحسب استطلاع للكاتب أن المقاومة في الفلوجة والنجف وحدت العراق أكثر. يقف بعدها الكاتب على الممارسات الشنيعة التي حدثت في سجن أبو غريب السيئ الصيت، والذي كان جزءاً من سياسة بول بريمر في كسر المقاومة في البلاد.

يشير الكاتب إلى أن الأمريكيين كانوا قلقين من الهدنة المؤقتة مع المقاومة في الفلوجة وفي النجف، حيث شعروا بأن في ذلك إضعاف للنفوذ الأمريكي، ووصفوا «الفلوجة» بالسرطان في جسد العراق، الذي يجب التخلص منه، وإلا لن يتم استتباب الأمن في العراق، ولكن كان همّهم هو تحقيق نصر عسكري من دون أن يكون هناك في المقابل أي معاناة من هزيمة سياسية بالنسبة إلى (الأمريكيين) هنا. وبالعودة إلى القتال في السنة التالية، كانت هناك ثلاثة أشياء تمت بشكل مختلف:

[bleu marine]أولاً:[/bleu marine] سوف يتم خوض المعركتين في توقيتين مختلفين، مع الصدريين في أغسطس/آب وفي الفلوجة في نوفمبر/ تشرين الثاني، المقاومون في الفلوجة سوف يشعرون بالقلق من هجمة قادمة أثناء الهجوم الأمريكي على النجف، إلا أن سكان الفلوجة لن يجدوا فائدة في تقديم الدعم للصدريين، على عكس ما حدث في إبريل، حينما كان الهجوم على المدينتين معاً، وكان التنسيق بينهما مفيداً للطرفين.

[bleu marine]ثانياً:[/bleu marine] سيكون هناك في هذا الهجوم الجديد وجه عراقي قوي في السلطة يدعم التحركات الأمريكية لردع المقاومة في الفلوجة.

[bleu marine]ثالثاً:[/bleu marine] أدرك القادة العسكريون الأمريكيون أن الدافع الأكبر وراء التكاتف العراقي هو معرفة العراقيين بمعاناة سكان الفلوجة عبر شاشات التلفزة، وإحدى شروط وقف النار في إبريل هو إجبار الصحافيين والمصورين على مغادرة الفلوجة، وخاصة مَنْ كانوا يبثون تقارير مباشرة ومنتظمة عن المعركة، وبالتالي ضمن خروجهم أن المعلومات لن تكون بمتناول العراقيين.

كان الهجوم الأول على النجف، بتاريخ 5 أغسطس/آب 2004، وحينها قدر المسؤولون أن ما يقارب من 72 محلاً وخمسين فندقاً وتسعين منزلاً وثلاثة مدارس دمّرت بالكامل، وجزءاً كبيراً من المدينة القديمة تضرر، وحينها خرجت الانتقادات اللاذعة خاصة من إبراهيم الجعفري، الذي وجد أن القتل لن يساعد في بناء العراق الجديد. والهجوم على الفلوجة بدأ بعد الانتخابات الأمريكية بستة أيام في 2004، بدأوا بقطع إمدادات المياه والكهرباء عن المدينة، كما أغلقوا مكتب قناة الجزيرة في العراق، إضافة إلى منع الإعلاميين الآخرين من دخول المدينة، حتى إن الكاتب يشير إلى أن الغذاء منع من الدخول إلى المدينة، ومنعوا المحال من تزويد الأهالي بالطعام والمؤونة في رغبة منهم إلى قتل الحياة في هذه المدينة، حيث وجدوها السبيل الأنجع لشلّ حركة المقاومة في هذه المدينة.

[bleu marine]بلاد غنية وشعب يتضوّر جوعاً[/bleu marine]

- في الفصل العاشر من هذا القسم، يقف الكاتب على كيفية تعامل حكومة رئيس الوزراء إياد علاوي مع النفط العراقي، والشركات العراقية والخارجية، وكيفية القيام بإصلاح حقيقي لجذب الاستثمارات الأجنبية، وحينها ذهبت سياسة علاوي إلى إقصاء الشركات العراقية من الاضطلاع بأي دور في الحقول الجديدة. كما يدخل في شرح تفاصيل اتفاقيات مشاركة إنتاج النفط. أما في الفصل الحادي عشر، يبدأه الكاتب بقول للمسؤول في وزارة النفط حسن جمعة يبين فيه عدم نجاح أسلوب الحكومة في التعامل مع قطاع النفط: «تقول السلطات إن الخصخصة سوف تطوّر قطاعنا، بحيث تعود علينا بالفائدة. لكننا لا نرى في الأمر أية تنمية أو تطوير، نرى أن أي خطة لخصخصة قطاع النفط هي كارثة كبيرة».

كما يقف الكاتب بحديثه على انطباعاته عن مدينة البصرة، التي زارها في 2003، لحضور مؤتمر عام حول خصخصة القطاع النفطي، وكانت زيارته الأولى إلى العراق حينها، ويتطرق بحديثه عن بعض التفاصيل التي حدثت في المؤتمر، كما يتناول حقوق العمال في حقول النفط، وأوقات عملهم وساعات العمل، حيث كان العديد منهم يطلب تخفيض ساعات العمل، في حين حسن جمعة كان يرى أن الاقتصاد العراقي في أمس الحاجة إلى ساعات إضافية من العمل خوفاً من الانهيار والوقوع بيد الشركات الأجنبية.

يتحدث الكاتب عن جمال مدينة البصرة، هذه المدينة التي شهدت الحروب، فقد كانت في خط المواجهة، كونها حدودية، ففي كل الحروب سواء مع إيران أو الكويت أو الولايات المتحدة وبريطانيا مؤخراً. كانت المدينة تعرف في وقت من الأوقات أنها «بندقية الشرق» في إشارة إلى شبه بينها وبين مدينة البندقية الإيطالية، لكنها على عكس المدينة الأخيرة، ليس هناك قنوات للمياه بل ركام وقمامة.

[bleu marine]النفط في الدستور[/bleu marine]

- يمكن أن نلخص أهم الفقرات من الفصل الثالث عشر في الكتاب بالفقرة التي استشهد بها الكاتب على لسان النائب في البرلمان الكردي في حكومة إقليم كردستان وعضو لجنة وضع مسودّة الدستور محمود عثمان: «يقول الأمريكان أنهم لا يتدخلون، لكنّهم تدخلوا على نحو عميق، فقد أعطونا اقتراحاً مفصّلاً، تقريباً نسخة كاملة من الدستور. يحاولون أن يضعوا تسوية بين الخيارات المختلفة لجميع الكتل السياسيّة. إن المسؤولين الأمريكيين مهتمون بالدستور العراقي أكثر من اهتمامهم بالعراقيين أنفسهم».

يشير الكاتب إلى أنه إذا ما كان هناك من وقت مناسب لحل طبيعة الدولة والاقتصاد العراقي، فإنه لابد وأن هذا الوقت هو أثناء وضع مسودة دستور البلاد، وعليه لابد أن يناقش دور النفط وأهميته الكبرى للاقتصاد، ويسعى لوضع حل يأتي على البلاد بالفائدة، هل سيتم تخصيصه أم يبقى ضمن القطاع العام للدولة؟ ويستنكر الكاتب تغيير فقرة مهمة في دستور عام 1970 في الدستور الجديد في عام 2005، والذي كان يقرّ: «إن الثروات الطبيعية ومستلزمات الإنتاج الأساسية هي ملك للشعب. وتستثمرها السلطة المركزية بشكل مباشر في جمهورية العراق، وفقاً لضرورات التخطيط العام للاقتصاد الوطني». يرى الكاتب أنه لم تكن الملكية العامة لقطاع النفط ولا من سيتحكم بثروة البلاد النفطية مثار حديث السياسيين أثناء وضع دستور 2005.

يشير إلى أن دور شركات النفط الأجنبية في العراق لم تكن قضية خلال المفاوضات الدستورية في تلك المرحلة، فخلال أكثر من سنتين من عمر الاحتلال الأمريكي، كانت الأصوات الناقدة غائبة بشكل كبير عن دهاليز السلطة. وفي النهاية ألزم الدستور دولة العراق بدور أجنبي في قطاع النفط بشروط مبهمة ومجحفة: الحقول لابد أن تتطور باستخدام التقنيات الأكثر تقدماً في مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار. ويتساءل الكاتب في الوقت الذي كان الدور الأجنبي في صناعة النفط لا يظهر في المفاوضات، القوى المعنية بقطاع النفط كانت في صميم المفاوضات ويقول: «هل الحكومة الوطنية أو الإقليمية تدير الصناعة، ومن بينها وضع السياسة، ومنح العقود للشركات الأجنبية والإشراف على العمليات؟ ومَنْ سيتلقى العائدات من إنتاج النفط وتصديره؟».

[bleu marine]خلافات تدمي قلوب العراقيين[/bleu marine]

- يتوقف الكاتب في الفصل الرابع عشر على معاناة العراقيين من الحواجز في بغداد خاصة، والإقدام على إطلاق النار من المشرفين على الحاجز، يذكر أنه في حال عدم الوقوف، كانت حياة العديد من أصحاب السيارات مرتبطة بدواسة البنزين والفرامل، أي خطأ يمكن أن يكلفه حياته . ثم يشير إلى قصة رجل يدعى علي، وهو مهندس معماري غادر بغداد في عام 2006، بعد تلقيه رسالة تهدده بالقتل، وبعد بضع أسابيع أخبر الكاتب في مقهى في عمّان عن تجربته عند التسجيل كلاجئ في الأردن، سأله موظف الأمم المتحدة: «ما دينك؟»، وعندما أجاب أنه مسلم، طلب منه تحديد مذهبه، رفض علي، وأصرّ على أنه مسلم، لكن موظف الأمم المتحدة أصرّ على مذهبه، يبين الكاتب هذه القصة نتيجة الإحباط الكبير على عليّ وعلى عموم العراقيين، هذا عدا عن السؤال الذي يثير إزعاجه أيضاً وهو عن العرق: هل أنت كردي أم عربي أم تركماني؟ علي يصرّ على أنه عراقي، والاختلافات الدينية والعرقية والمذهبية مصدر فخر لبلده العراق، وهم يكمّلون بعضهم بعضاً كلوحة جميلة، من شأنها أن تقدم الغنى الثقافي والمعرفي لبلد عريق شهد الحضارات الإنسانية على مر التاريخ، وهذه الخلافات التي يدّعون أنها دينية في العراق، هي سياسية، تخدم مصلحة السياسيين، والاحتلال الأمريكي.

يتحدث الكاتب عن قانون النفط في العراق، وعن الاستطلاعات التي أجريت حوله، يرى أن آراء العراقيين العاديين أقصيت من الجدال الدائر حول السياسة النفطية، وبدلاً من ذلك تم التفاوض بين الولايات المتحدة وشركات النفط المتعددة الجنسيات والبنك العالمي والنخب السياسية العراقية المتنوعة. حتى إن الكاتب نفسه كان مشاركاً في حملة مناهضة للحرب على العراق ومجموعات حقوق الإنسان، التي تطالب بقرارات تتخذ بشكل ديمقراطي عن نفط العراق من قبل العراقيين من دون تدخل خارجي. يشير إلى أنهم أجروا استطلاعات لآراء العراقيين وعممّوها، وكانت الاستطلاعات تنظر بشكل منظم إلى آراء العراقيين في سلسة من القضايا: الأمن والاحتلال وأداء الحكومة، لكن ما من أحد سأل عن النفط، الدافع الرئيسي للاقتصاد. كما يذكر أن الاستطلاعات في 2007 وجدت أن العراقيين أرادوا أن تقوم الهيئات العراقية الحكومية بإدارة النفط وليس الشركات الأجنبية بنسبة ثلثين لثلث. واعتبر ما يقارب 76% من العراقيين أن المعلومات التي قدمت لهم حول قانون النفط غير كافية.

[bleu marine]مراحل الاقتتال[/bleu marine]

- يقسم الكاتب تصاعد وتيرة العنف الطائفي في العراق إلى ثلاث مراحل وهي:

[bleu marine]المرحلة الأولى:[/bleu marine] دامت من صيف 2003 إلى أوائل 2005، كان يتم فيها الهجوم بشكل رئيسي على رموز الشيعة الدينيين من قبل الإرهابيين الجهاديين، وفي 29 أغسطس/آب 2003، انفجار سيارة مفخخة قتلت رئيس المجلس الأعلى للثورة في العراق محمد باقر الحكيم مع 100 آخرين، حين خروجه من ضريح الإمام علي في النجف. وبعد ذلك بستة أشهر في 2 مارس/آذار 2004، انفجرت على الأقل خمس قنابل انتحارية في مدينتي كربلاء والكاظمية أثناء إحياء عاشوراء، وكانت هذه الانفجارات من بين الأسوأ في الصراع كله، حيث قتل 270 شخصاً وجرح ما يقارب 570 شخصاً. وكلا الهجومين كانا من تنفيذ تنظيم التوحيد والجهاد، الذي أصبح جزءاً من القاعدة في 2004، وكان يرأسها أبو مصعب الزرقاوي. ويذكر الكاتب أن هذه الهجمات فشلت في تحقيق هدفها بإثارة ردة فعل انتقامية لدى الشيعة.

أما بالنسبة إلى أغلب الهجمات على المسلمين السنة، فقد كانت من قِبَل القوات الأمريكية، التي رأت في أي مقاومة، تهديداً للسلم والديمقراطية في العراق، وفي 2005 كان 75% من المعتقلين في السجون من السنة، اعتقلتهم القوات الأمريكية.

[bleu marine]أما المرحلة الثانية[/bleu marine] من الصراع الطائفي بدأ مع تعيين الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء إبراهيم الجعفري في إبريل/نيسان 2005، وحينها تم استبدال الكثير من القادة والموظفين بآخرين موالين للجعفري. وحينها حدثت مداهمات وهجمات بسبب التمييز الذي مارسته حكومة الجعفري بين أبناء الشعب العراقي. ووجدت حينها أجساد معصوبة العينيين في مقبرة جماعية، كانت عليها علامات الحرق والتعذيب. وفي عام 2005، تلقت مشرحة بغداد ما يقارب 1100 جثة، وما أثار القلق البريطاني والأمريكي حينها، اكتشافهم مخبأ سرياً في وزارة الداخلية، يحتجز فيه 170 معتقلاً في أسوء الظروف الإنسانية.

[bleu marine]أما المرحلة الثالثة[/bleu marine] من العنف الطائفي فقد كانت الأكثر دموية. ذلك أنه في المرحلتين الأوليتين كان المهاجمون معروفين، وفي المرحلة الثالثة تم التعرف على من هاجم بعض الضحايا، لكن في بغداد كان الخوف هو من الهجوم من أي جهة أو حي. حيث حدثت تفجيرات وهجمات على الجوامع ومواقع الأضرحة وأهمها ضريح علي العسكري، ومات فيها أكثر من 1300 شخص، وحينها انغمس جيش المهدي في هذه الصراعات، وبحسب الكاتب فقد كانت هناك إشارات على أن أجزاء كبيرة من جيش المهدي كانت خارج تحكم مقتدى الصدر، وحينها استخدمت وسائل تعذيب فظيعة كانت مستخدمة على أيام صدام حسين. ويذكر الكاتب أنه في عام 2006، قتل أكثر من 3400 مدني، وفي بغداد وحدها كان يقتل يومياً ما يقارب ستين مدنياً، كان العنف والقتل قد أصبحا روتيناً يومياً مثيراً للهلع في العراق، وكان الضحايا هم أبناء الأرض الواحدة.

[bleu marine]قوة العراق بأبنائه[/bleu marine]

في القسم الرابع من الكتاب، يبدأه الكاتب بتشكيل الحكومة الدائمة تحت قيادة نوري المالكي في ربيع 2006، يذهب الكاتب إلى ما وراء مشاهد المواجهة المباشرة بشكل كبير بشأن مستقبل نفط العراق. كما نجد في هذا القسم كيف أن الولايات المتحدة وبريطانيا تضغطان على السلطات العراقية لتمرير قانون جديد يسمح بالاستثمار الأجنبي في الصناعة النفطية للبلاد في وجه حملة شعبية تعارض القانون.

أما القسم الخامس والأخير من الكتاب، فيمتد من الفترة بين 2007 و2010 وشركات النفط تتولى السلطة تدريجياً من الحكومة الأمريكية في قيادة نضال الغرب لأجل نفط العراق. والنفوذ الأمريكي بات يتراجع بمجرد أن تسلم باراك أوباما زمام السلطة الأمريكية. وفي تلك الأثناء، تظهر اتجاهات جديدة، بعضها يبعث على التفاؤل والبعض الآخر لا يبعث على التفاؤل، ومن شأن هذه الاتجاهات أن تشكّل عراق اليوم.

يبقى أن نشير أن هذا الكتاب لا يدور حول قصة الحرب على العراق، بل هو يدور حول نضال الإنسانية في وجه القوة، يدور حول التصادم بين المصالح الاستراتيجية ومبادئ العدالة، حول أصداء عالم اليوم للماضي الإمبريالي، والفشل في التعلم من الدروس التاريخية.

يرى الكاتب أن الرسالة الأخيرة لهذا الكتاب هو الأمل بأن العراقيين يمتلكون القدرة الكافية للنهوض بأنفسهم وخلق مستقبل أفضل، إذا ما سنحت لهم الفرصة المناسبة، والقوى الخارجية من شأنها أن ترجع بالبلاد إلى الوراء، وتبث الفرقة والاقتتال بين أبناء البلد الواحد، العراق، بلد الحضارات والقوانين البشرية الأولى.

[rouge]-[/rouge] [bleu]تأليف : غريغ موتيت | عرض : عبدالله ميزر.[/bleu]

[rouge]-[/rouge] [bleu]المصدر : صحيفة «الخليج» الإماراتية.[/bleu]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 239 / 2178160

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178160 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40