الجمعة 2 آذار (مارس) 2012

على طريق الديمقراطية في مصر

الجمعة 2 آذار (مارس) 2012 par عبدالمنعم ابو الفتوح

مثل المصريين من كل مشارب الحياة، نحن أصحاب التوجه الإسلامي شاركنا في الانتفاضة الشعبية للإطاحة بديكتاتور قمعي. إن الأغلبية الساحقة من المصريين طالبت بإسقاط حسني مبارك وإسقاط نظامه.

وهذا كان مطلبا أساسيا، ونحن نسعى إلى المشاركة في الجدل والنقاش الذي يدور في البلد وسعينا إلى أن نكون جزءا من الثورة، التي نأمل في أن تتوج بشكل ديمقراطي للحكم. يريد المصريون الحرية والتحرر من الطغيان والاستبداد، وعملية ديمقراطية وحوارا شاملا لتحديد أهدافنا الوطنية ومستقبلنا، بعيدا عن التدخل الأجنبي.

على أننا حريصون وواعون ـ بوصفنا حركة إسلامية غير عنيفة (الإخوان المسلمون) خضعت لستة عقود من القمع ـ إلى أن الأكاذيب المحضة، وترويج الخوف والدعائية المغرضة كانت تُعد في قصر مبارك في الثلاثين عاما الماضية من قبل بعض من أتباعه في واشنطن. ولئلا تنجح المصالح الحزبية في الولايات المتحدة في إجهاض ثورة مصر الشعبية، فنحن ملزمون بأن ننكر بوضوح وبلا مواربة أية محاولة للالتفاف على إرادة الشعب. ونحن لا نخطط ولا نعتزم السيطرة خلسة على حكومة ما بعد مبارك. لقد قررت جماعة “الإخوان المسلمين” بالفعل ألا ترشح مرشحا لمنصب الرئيس في أي انتخابات قادمة. ونحن نريد أن نضع الأمور في نصابها حتى يتسنى أن تكون أي قرارات خاصة بسياسة الشرق الأوسط تتخذ في واشنطن قائمة على حقائق وليس أجندات مخزية ومشينة وعنصرية للتخويف من الإسلام.

وعلى العكس من تقارير ترويج الخوف، فإن الغرب وجماعة “الإخوان المسلمين” ليسوا أعداء. ومن التقسيم الكاذب ـ كما يقول بعض المتشائمين ـ طرح خيارات مصر على أنها إما الوضع السيئ في نظام مبارك أو تولي زمام الأمور من قبل “متطرفين إسلاميين”! أولا، يجب أن يميز المرء بين الاختلافات الأيديولوجية والسياسية التي يمكن أن تكون لدى “جماعة الإخوان المسلمين” مع الولايات المتحدة. بالنسبة للمسلمين، فإن الاختلافات الأيديولوجية مع الآخرين يُعلم أنها ليست السبب الجذري للعنف وإراقة الدماء لأن حرية الإنسان في تقرير كيف يحيا حياته الشخصية هو حق لا ينتهك أصيل في المبادئ الإسلامية الأساسية، وكذلك في التقاليد والأعراف الغربية. على أن الاختلافات السياسية يمكن أن تكون مسألة تهديدات وجودية ومصالح، ونحن رأينا هذا يتم اللعب به، على سبيل المثال، بالطريقة التي رد بها نظام مبارك بعنف على المتظاهرين السلميين.

[(ونحن نفهم تماما أن الولايات المتحدة لديها مصالح سياسية في مصر. ولكن هل تفهم الولايات المتحدة أن دولة مصر ذات السيادة، بسكانها البالغ عددهم 80 مليون نسمة، لديها مصالحها الخاصة؟ وأيما كانت المصالح الأميركية في مصر، فإنها لا يمكن أن تطغى على احتياجات المصريين أو تقلب إرادة الشعب بدون عواقب. ومثل تلك الأنانية لكارثة. وبقليل من الإيثار والغيرية، لا ينبغي أن تكون الولايات المتحدة مترددة في إعادة تقييم مصالحها في المنطقة، وخصوصا إذا كانت تناصر حقا الديمقراطية ومخلصة بشأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط.)]

إن جماعة “الإخوان المسلمين” وهي مجرد جماعة واحدة من بين مجموعات متنوعة من الفصائل والتيارات السياسية المتنامية في مصر، خاضت منافسة باحترام متبادل في انتخابات حرة ونزيهة. نحن شاركنا في “العملية السياسية” على عواهنها مثلما كانت في ظل حكم مبارك الديكتاتوري. وفي عقود من حكمه، تبنينا التنوع والقيم اليمقراطية. وتمشيا مع مجتمع مصري متعدد، أظهرنا اعتدالا في أجندتنا وأدينا بمسؤولية واجباتنا تجاه قاعدتنا الانتخابية وتجاه كل المصريين.

وسجلنا في المسؤولية والاعتدال هو علامة مميزة لأوراق اعتمادنا السياسي، ونحن سنبني على ذلك. وعلى سبيل المثال، من موقفنا ورأينا أن أي حكومة مستقبلية يمكن أن نكون جزءا منها ستحترم كل التزامات المعاهدات وفقا لمصالح الشعب المصري.

ولأننا حركة إسلامية وغالبية المصريين مسلمون، فإن البعض سيثير مسألة الشريعة الإسلامية. وبينما لا يكون هذا على الأجندة الفورية والمباشرة لأي أحد، من المفيد أن نشير إلى أن مفهوم الحكم القائم على الشريعة الإسلامية ليس ثيوقراطيا بالنسبة للسنة حيث إننا ليس لدينا كهنوت في الإسلام. بالنسبة لنا، فإن الإسلام هو طريقة حياة يحيا بها خُمس سكان العالم. والشريعة وسيلة لتطبيق العدالة، ورعاية وحماية الحياة، وتوفير الرخاء العام، وضمان الحرية وحماية وتأمين الملكية (الممتلكات). وفي أي حال، فإن أي تحول إلى نظام قائم على الشريعة سيتعين أن يحشد إجماعا في المجتمع المصري.

إن شعب مصر قرر وحدد ممثليه ونوابه، وسيقرر شكل الحكم الديمقراطي الذي يريده، ودور الإسلام في حياته. والآن، وفي الوقت الذي نطلب فيه التحرر الوطني من الطغيان والاستبداد، يأمل المصريون في كل أرجاء مصر من الأميركيين أن يقفوا بجانبهم في هذا الوقت المهم والعصيب.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2178102

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2178102 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 29


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40