الخميس 23 شباط (فبراير) 2012

التسخين «الإسرائيلي» في الملف الإيراني

الخميس 23 شباط (فبراير) 2012

يلحظ المتابع للداخل “الإسرائيلي” ارتفاع نبرة الأصوات الرسمية والحزبية “الإسرائيلية” المنادية بالقيام بعمل عسكري مباشر ضد المنشآت النووية الإيرانية بالتعاون مع الولايات المتحدة بشكل كامل، ومناداة الولايات المتحدة على اتخاذ الخيار العسكري بدلاً من الدبلوماسي في التعاطي مع الشأن الإيراني وملف طهران النووي. وقد ازدادت حدة النقاشات في “إسرائيل” بين تيار مندفع باتجاه القيام بهكذا عملية عسكرية جوية وبين تيار متحفظ أو رافض لها خوفاً من استتباعاتها القاسية على “إسرائيل” في ظل تهديد طهران برد صاعق على “إسرائيل” وإطلاق يد حزب الله في لبنان لإمطار “إسرائيل” بالصواريخ انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.

فما حقيقة الأمور، ولماذ التسخين “الإسرائيلي” في هذا الوقت بالذات، وهل من المتوقع أن تقوم “إسرائيل” بمغامرة عسكرية ضد إيران، أم أن الأمور لاتعدو سوى مناورة سياسية من قبل نتنياهو لأغراض مختلفة ...؟
في البداية، من المؤكد أن “إسرائيل” عاجزة تماماً عن القيام بأي عمل عسكري لوحدها ضد ايران، بل لاتستطيع أن تحرك حجراً ساكناً على الأرض دون موافقة وتغطية ودعم واشنطن سياسياً ولوجستياً.

وفي حقيقة الأمر فان التسخين “الإسرائيلي” الأخير بشأن الملف النووي الإيراني يأتي مندرجاً في نطاق أمرين وغرضين اثنين أرادت حكومة نتنياهو تحقيقهما :

أولهما تنشيط الحملة الدولية مع كل من واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي لبلورة عقوبات إضافية ونوعية جديدة ضد إيران، ومنها إمكانية أن يقود الأميركيون الأمور نحو إغلاق “السويفت” (التحويل المالي) أي شبكة الحواسيب المركزية لتحويل الأموال دوليا، في وجه الأموال من إيران. إضافة إلى لفت الأنظار مرة جديدة إلى الموضوع النووي الإيراني بعد أن غاب عن جدول أعمال المؤسسات الدولية المعنية بسبب حضور وسطوة الخبر المتعلق بما يسمى بـ “الربيع العربي” والتفاعلات اليومية التي مازالت تسحب نفسها على صعيد الاهتمام العالمي بما يجري في البلدان العربية خصوصاً في ظل الأزمة الوطنية الداخلية التي تعتمل داخل سوريا.

وثانيهما، إن إعادة إثارة الموضوع النووي الإيراني بهذا الشكل اللافت داخل “إسرائيل” يمتلك أساساً سياسياً داخلياً بامتياز، فهذا الموضوع المشحون انطلق مُسرباً وبشكل مقصود من داخل الغرف المغلقة في “إسرائيل” والمجلس الوزاري المصغر إلى النقاش العام والى الإعلام الخارجي بالرغم من الطابع والبعد الاستراتيجي المهم المتعلق بالحديث عن استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في سياق سعي نتنياهو لإشغال الرأي العام في “إسرائيل” بموضوع حساس من وجهة نظره، والهروب من أزماته الداخلية.

إلى ذلك، وفي إطار تلك السياسة “الإسرائيلية” بدأت جهات أمنية بتسريب معلومات ومعطيات مكثفة عن حال الملف النووي الإيراني. فالتقديرات “الإسرائيلية” تشير إلى أن أيران قاربت على انجاز القنبلة النووية، حيث لم تستطع الضغوط والمقاطعة الاقتصادية والمساعي الدولية سوى في تأخير البرنامج النووي الإيراني، خصوصاً بعد قيام الغرب ببعض الأعمال السرية كالهجوم (الفيروسي) الذي ألحق الضرر بأجهزة الطرد المركزي الإيرانية جراء فيروس “ستاكسنت” الذي زرع بشكل غريب في نظام تشغيلها، بالرغم من نجاح طهران في حل معظم المشاكل الفنية التي واجهتها.

وفي سياق التحريض “الإسرائيلي” فان الجهات الأمنية “الإسرائيلية” تعمل على تسريب المعلومات الكثيرة المتعلقة بإيران وملفها النووي بقصد إثارة المزيد من المناخات الدولية ضد ايران. فالمعلومات المنشورة “إسرائيليا” تقول إن لدى ايران الآن ما بين عشرة آلاف إلى أربعة عشر ألف جهاز طرد مركزي فاعل، ونحو خمسة أطنان من اليورانيوم المخصب بدرجة مخفضة، تكفي لإنتاج أربع قنابل نووية، ولديها أيضا مابين (70 ـ 100) كيلوجرام من اليورانيوم بدرجة متوسطة، حيث هناك حاجة إلى (230) كيلوجرام لإنتاج قنبلة واحدة.

وفي الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية يقدرون بان الإيرانيين يمكنهم أن ينتقلوا إلى تخصيب أعلى في مستوى عسكري بين (91 و 93) في المائة بشكل سهل نسبياً.

وحسب آخر المعلومات المسربة “إسرائيليا” وهي معلومات بحاجة لتدقيق، وقد جرى تسريبها لأغراض مدروسة، فان العلماء الإيرانيين نجحوا في أن ينتجوا ما يكفي من المادة المشعة على مستوى عال، وكذلك استطاعوا أن يحلوا مشكلة تقلص كتلة اللباب الداخلي مما سيسمح بتركيبه بآلية “العدسة المتفجرة”. وأن الإيرانيين سينجحون في غضون نصف سنة من تصغير المنشأة النووية لتركيبها على صواريخ شهاب التي بحوزتهم.

وعلى الضفة الثانية، فان الولايات المتحدة الغارقة في ملفات دولية ومحلية معقدة، تفضل في الوقت الحالي متابعة معالجة الملف النووي الإيراني بطريقة سياسية دبلوماسية، ولا تفكر في الوقت الراهن بأي خيار عسكري ضد إيران، فما زالت إدارة أوباما تؤمن بجدوى العقوبات المفروضة على ايران.، حيث تخضع طهران لعقوبات منذ زمن طويل. فقد بدأت الولايات المتحدة تفرض عقوبات اقتصادية في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن العقوبات الاقتصادية الأولى التي تم تبنيها في الأساس ردا على البرنامج الذري والتي حصلت على تأييد مجلس الأمن قد تم اتخاذها في 2007.

إن تقديرات وزير الدفاع الأميركي (ليون بانيتا) تشير أيضاً بأن الإيرانيين “على مسافة نحو عام واحد من إنتاج القنبلة النووية، وعام أخر لتنظيم أداة إطلاق القنبلة”، لكن الولايات المتحدة تفضل مواجهة ايران بالطريق السياسي الدبلوماسي بالرغم من التقديرات التي نشرتها وكالات الاستخبارات الأميركية التي سبق وأن تم تناولها في جلسة استماع للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ والقائلة بأن إيران ليست قريبة من هجر برنامجها النووي، وهو ما أكد عليه مرة ثانية مدير وكالة الاستخبارات في وزارة الدفاع الأميركية الجنرال (رونالد بيرجس) من أن لإيران “قدرة فنية، علمية وصناعية لإنتاج سلاح نووي في نهاية المطاف”، وأن الصواريخ التي تطورها إيران “يمكنها أن تصل إلى وسط أوروبا”، وربما تستطيع بعد سنتين أن تركب رأساً نووياً على صاروخ (شهاب 3) يستطيع أن يصل إلى أي نقطة في فلسطين المحتلة.

علي بدوان - الوطن العمانية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2181368

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2181368 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40