الأحد 19 شباط (فبراير) 2012

لماذا هدم رعاع الناتو تمثال الزعيم العربي جمال عبد ناصر؟

الأحد 19 شباط (فبراير) 2012 par زياد أبو شاويش

لكل أمة رموزها وقادتها الذين تحفظ تاريخهم ومآثرهم التي قدموها لخدمة وطنهم وأمتهم، ويأتي القائد القومي الكبير جمال عبد الناصر في مقدمة هؤلاء الرموز والقادة الذين أعطوا شعبهم وبلدهم وأمتهم أفضل ما في تاريخها المعاصر.

وإذا كان المقياس في هذا مصالح وكرامة الشعب والوطن فقد كان الرجل خير من ينطبق عليه هذا المقياس بما قدم لشعبه المصري العظيم ولمصر وللأمة العربية التي ستحفظ له الحب والإكبار على مدى الزمن وحتى يوم يبعثون.

ستجد في بلدان العرب مشرقها ومغربها سجلات التكريم والوفاء لرجل خاطب العالم باسمها فأحسن الخطاب، ورد على محاولات الإمبريالية والرجعية العربية لضرب فكرة الوحدة والعروبة في أشد خصومات الصراع من أجل مستقبل أفضل للأمة فأحسن الرد والجواب.

ستجد في كل بلد عربي اسم ناصر سواء كان الأمر يتعلق بالأماكن والشوارع أو بالفكرة والقوى الاجتماعية وتعبيراتها السياسية. وسنجده كذلك في قلوب الناس ووجدانها اسما كريماً يدعو للفخر والاعتزاز وتلهج به الألسن.

عندما قامت الاحتجاجات (ثورة الناتو) في ليبيا ظننا أنها ستكون ظهيراً للحقوق العربية ولمصر في ثورتها المباركة، كما اعتقدنا أنها كمثل ثورة مصر أو تونس اللتان عبرتا في لحظات انطلاقها عن ضمير الشعب العربي وأحلامه في كل مكان من الوطن العربي، وإذا بنا نتفاجأ بدخول الخليجيين وأضرابهم على خط التحرك الشعبي الليبي في بنغازي الطامحة للحكم ولتكون العاصمة بدل طرابلس، وأصابتنا الدهشة من الانتشار السريع للسلاح في شوارعها وأزقتها وبهجوم غريب من المدنيين المسلحين على قواعد الجيش النظامي ليحاصروها ويقتحموها فيقتلوا من يقتلوه ويستولوا على السلاح ويوزعوه على عناصر من كل صنف ولون لتبدأ الحرب الشعواء المسنودة من دويلة قطر وجزيرتها ومن دول عربية رجعية آثرت التحالف مع الغرب واستدعت تدخله وفي ظنها أن ذلك سيوقف المد الثوري العربي ويحمي عروشها من الانهيار الحتمي. لقد سجلنا في بدء الحراك الليبي تأييدنا بلا تحفظ لتحركات الجماهير الليبية في بنغازي وغيرها وطالبنا بلا مواربة أن يسلم العقيد القذافي (رحمه الله) السلطة للشعب وأن ينصاع لرأي الناس ومطالبهم لوقف تدهور الوضع الليبي من خلفية التأييد الطبيعي لخيارات الشعب وحقه في الحرية وفي تقرير أمور بلده بالطريقة التي يراها مناسبة.

كما شجبنا كل ممارسة عنيفة للحكومة الليبية والجيش النظامي ضد الناس واللجوء لمرتزقة أجانب في الصراع الداخلي، وأدنا بكل وضوح في مقالنا ”ليبيا على شفا جرف هارٍ.. القذافي الابن يصب الزيت على النار“ ما قاله سيف الإسلام في الرد على احتجاجات الناس ومطالبهم، واستهجنا بكل وضوح تهديداته الجوفاء وتمنينا على والده أن يسكته ولا يدعه يتدخل في شؤون الدولة كونه لا يحمل أي صفة رسمية أو تفويض من الشعب. كل هذا قلناه، لكننا غيرنا موقفنا وخطابنا فور صدور قرار مجلس ”التعاون“ الخليجي بالدعوة لحظر الطيران فوق ليبيا وفتاوى القرضاوي بقتل الزعيم الليبي، ولاحظنا تحريض قناة الجزيرة وانتشار مندوبيها وجواسيسها على رقعة كبيرة من الأرض الليبية. لقد كان واضحاً أين ستأخذنا هذه الدعوة لحظر الطيران وما خشيناه وما حذرنا منه وأوضحناه في خطابنا وقع، وسقطت الدولة الليبية في مستنقعين.. الأول الارتهان ولفترة طويلة للغرب الرأسمالي المتوحش وعدم القدرة منطقياً على الانحياز للعروبة ومصالحها كونها تتناقض مع مصالح داعميها من دول حلف الناتو، والثاني هو مستنقع العصابات المسلحة في المدن وبدء حرب أهلية ذات طابع قبلي كنا حذرنا منه في سياق تناولنا للشأن الليبي غداة انتصار الناتو على الشعب الليبي وقيادته الوطنية.

في ظل الحالة كما نراها وشرحناها أطلت علينا وجوه مشوهة وجماجم تحمل في ثناياها الحقد والرغبة في ضرب كل شيء نظيف ويشير لوجود الأمة العربية لتمعن في توتير الأجواء داخل ليبيا، كما النعرات الدينية المتطرفة التي تضعها ستاراً للتخريب وتشريع عمليات القتل والخطف وحرف الدولة والشعب عن حقيقة الوجود الاستعماري للناتو فوق الأرض الليبية واستيلاء هؤلاء على سماء ليبيا ومياهها ونفطها، وبدلاً من أن يبرأ الشعب العربي الليبي من آثار ما جرى ومن حجم الدمار الذي لحق ببلده عبر عودة الحياة المدنية وتسليم السلاح للسلطات المنتخبة من الشعب والعمل على دستور عصري للبلد والحفاظ على رموز الأمة وفي طليعتها نصب الرئيس والقائد جمال عبد الناصر، نجدهم قد تجمعوا لهدف وحيد في بنغازي هو للأسف هدم هذا النصب وسط صيحات الله أكبر التي يتبرأ منها كل عربي حر ومسلم متعلم لا تشده عصبيات الظلامية التكفيرية التي تستغل عواطف الناس وجهلها بالماضي لتحرف جيلاً كاملاً لم يعش لحظات العز والكرامة العربية التي جسدها جمال عبد الناصر في معاركه ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية، والذي كان محبوباً من المواطنين العرب من المحيط إلى الخليج.

عبد الناصر لم يكن نبياً أو معصوماً عن الخطأ، كما أن الرجل له الكثير وعليه غيرها، لكنه بما قدم للعرب وللتحرر العربي ولإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لا يمكن لزعيم أن يقدمه في ظل الحصار والتآمر الذي تعرض له من الحلف المذكور.

إن هدم الرعاع لتمثال الزعيم الكبير والعروبي بامتياز لهو رسالة لكل من يحلم بوطن عربي حر ولكل من يناضل من أجل التخلص من التبعية للغرب الرأسمالي العنصري الداعم للكيان الصهيوني، رسالة تقول أن عليكم أن تعرفوا معسكر العدو ومعسكر الصديق إن أرتم انتصار نهجكم الوحدوي وتحرير أرضكم، وإن كنتم تعملون من أجل ليبيا حرة... وسيبقى جمال عبد الناصر رمز هذه الأمة ومصدر فخرها واسماً يعتز به كل عربي حر وشريف.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 54 / 2165651

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165651 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010