الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2012

إعلان الدوحة ترنح ما قبل السقوط

الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2012 par عبد الرحمن ناصر

واضح أن الاتفاق الذي جرى توقيعه في الدوحة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل قد بدأ بالترنح. فالاتفاق المذكور، والذي توافق فيه حماس، على أن يشكل رئيس السلطة بنفسه حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية ، التي ستعد للانتخابات، وتدير مرحلة انتقالية، تشرف فيها على تطبيق اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة، يواجه رفضا متزايدا من قيادات أساسية ومؤثرة في الحركة. كما تتهدده احتمالات متزايدة لعودة عباس إلى المفاوضات الاستكشافية، بضغوط أردنية. ما يضع حماس أمام إحراج شديد، قد يدفعها إلى اعتبار ما بات يعرف بـ “إعلان الدوحة” لاغيا، بداية ونهاية. والإعلان كما بات معروفا، أغضب المصريين الذين ساءهم تنطح أمير قطر للتدخل في ملف هو في صلب الاهتمام المصري، وأزعجهم التجاوب الفلسطيني مع ضغوط حمد.

الأوساط الفلسطينية المتابعة، توقفت عند تصريحات د محمود الزهار، القيادي البارز في حماس، والتي أطلقها من غزة. حيث أشار إلى أن قيادة الحركة لم تستشر قبل توقيع “إعلان الدوحة”، وألحق ذلك بالتأكيد على تضمن الإعلان ما هو مرفوض من قبل الحركة، وهو“خطأ غير مقبول” على حد قوله. ووصف الإعلان بأنه تضمن تدليسا في بعض نقاطه متسائلا، حول إمكانية تطبيق باقي البنود حين يكون هناك تدليس في بعضها. وقد تنقلت انتقادات الزهار ما بين الشكل والمضمون، لينتهي إلى القول، بأنه ضد الاتفاق كما لا يرى أنه قابل للتطبيق.

وإذا كانت الإشارة دائمة إلى أن الزهار يعتبر“مشاكسا”. فإن الأوساط نفسها تتحدث، عن كونه يعكس في أقواله هذه المرة، مزاجا مسيطرا داخل قطاعات واسعة من الحركة، تعتبر أنه قد تم تقديم تنازلات كبيرة لمحمود عباس. ولهذا فإن حديث القيادي في حماس، عن جلسة هامة سيتم فيها بحث مصير إعلان الدوحة يكتسي أهمية كبيرة، حتى مع ميل قيادات حماس في الضفة، وبعض قياديها في الخارج، إلى السير مع مشعل في ما جرى التوقيع عليه مع عباس وأمير قطر. فقد ذكر العضو القيادي لحماس في الضفة“أحمد عطون” أن لا تراجع عن “إعلان الدوحة”، وما تم قد تم. مشيرا إلى أن الجميع في حماس يقف وراء هذا القرار الذي تم بموافقة المكتب السياسي، ومؤسسات الشورى في الحركة.

لكن الواقع قد لا يتماشى كثيرا مع هذا الكلام، وفق الأوساط ذاتها، والتي تتوقع أن الاتفاق سوف يكون موضع مراجعة جادة. خاصة إذا صح الكلام عن أن نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، د موسى أبو مرزوق يرفض هو الآخر الموافقة على اتفاق الدوحة. صحيح أن الوجهة العامة والأساسية داخل حماس، هي مع اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة، وعلى مرحلتين، ومع تمريره والسير فيه، ولكن ليس بأي ثمن. وقد أنجزت اللجنة القانونية في كتلة حماس البرلمانية، مطالعة في النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية، خلصت فيها إلى أن تفويض عباس بتشكيل حكومة السلطة يشكل مخالفة قانونية. ولكنها اعتبرت أنه يمكن “التضحية بالقانون لصالح المصالحة”. وفي هذا ما يعني أن الباب مفتوح على احتمالات كثيرة. ويمكن في أي وقت إبراز هذه المطالعة القانونية واستخدامها في التأثير على مجرى المناقشات، وإلا لانتفت الحاجة إلى وجودها أصلا.

ليس الموقف في حماس من “إعلان الدوحة”، هو الموقف الوحيد الذي يشكل تهديدا له. بل إن سلوك رئيس السلطة بذاته، يشكل خطرا على الاتفاق الذي حصل عليه، بضغوط قطرية واضحة، وصارت معروفة. ففي مقابل الضغط القطري، لتمرير إعلان الدوحة، خدمة للأمير الذي يزداد انتفاخا. ويريد تعويض الخيبات التي تلاحقه وتلاحق دور الإمارة الصغيرة، هناك الضغوط الأردنية على محمود عباس، للعودة إلى المفاوضات الاستكشافية في عمان، خدمة للملك الذي يريد إسداء خدمات للأمريكيين، هذه المرة.

الضغط الأردني كالعادة يأخذ مسارا واحدا، باتجاه السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. فمن المعروف أن الاقتراح الأردني لبدء المفاوضات المشار إليها، تأسس على تخطي عقبة تجميد الاستيطان. لكن الموافقة الفلسطينية على المشاركة فيها، مهدت الطريق أمام الحكومة الصهيونية للإعلان عن سلسلة خطوات استيطانية جديدة، في القدس وأماكن أخرى من الضفة الفلسطينية. وقد قوبل كل ذلك ليس بصمت عربي فقط، بل بالضغط على رئيس السلطة لمتابعة المفاوضات، وكأن أمرا لم يكن.

ولما كان التوقع بموافقة عباس على معاودة تلك المفاوضات مرتفعا جدا، فإن هذا سيضع إعلان الدوحة أمام اختبار جدي جدا. فليس بإمكان حماس السكوت على مثل هذا وقد منحت عباس تفويضا إضافيا. فضلا عن أن ما تحدث به رئيس الحكومة في غزة اسماعيل هنية، أثناء زيارته إلى طهران، عن تبني خط المقاومة، ومواصلة السير فيه، لا ينسجم وإعطاء تفويض مفتوح لعباس، ليس لتشكيل الحكومة وحسب، بل لإدارة الوضع الفلسطيني كله. في هذه الحالة، سوف يصبح “إعلان الدوحة”، وكأنه لم يكن. أو سيتم إعلان التراجع عن تطبيقه من قبل حماس.

الأوساط الفلسطينية التي رصدت الاستياء المصري مما جرى في الدوحة، تتوقع ألا يقدم المصريون جهدا إضافيا، لدعمه خلال اختباره التالي، والمتصل بالبحث في الأسماء المرشحة للحكومة، خلال الشهر الجاري، في القاهرة، إن صمد الاتفاق حتى ذلك الحين. وتتحدث الأوساط نفسها، عن أن البحث المذكور قد يمثل فرصة، أمام رافضي الإعلان لتفجيره. وهنا يتم لفت الأنظار إلى ما كان تحدث به نبيل شعث عضو اللجنة المركزية لفتح، بعد أيام قليلة، من توقيع إعلان الدوحة، بتأكيده أن الحكومة التي سيشكلها عباس، سوف تكون استجابة لشروط الرباعية.

هذا سيكون منطبقا على البرنامج، وعلى الشخصيات التي سيضمها عباس إلى حكومته، ويجب أن تحظى بموافقة الفصائل. فكيف سيتم هذا الأمر؟ بمعنى كيف سترضي الحكومة برنامجا وشخصيات، “الرباعية” والفصائل الفلسطينية معا؟

ليست واضحة بعد كيفية تقديم إجابات على هذه الأسئلة الصعبة، لكن ما واضح حتى الآن أن الاتفاق يواجه مخاطر جدية، وهو يترنح بحسب الأوساط الفلسطينية. والواضح أكثر أن ما هو صالح لقطر وحاكميها، أو لملك الأردن، ليس صالحا للقضية الفلسطينية، ولا هو في صالحها. العكس صحيح تماما.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2165364

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165364 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010