الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2012

المؤامرة على سورية ومخاطر إسقاط حق العودة

الأربعاء 15 شباط (فبراير) 2012 par ياسر السيلاوي

لا يختلف اثنان أن من أهم أهداف التدخلات الغربية في الشرق الأوسط خلال ستة عقود، حل مسألة اللاجئين بإلغاء حق العودة عبر “سناريوهات” تبدّلت وتنوّعت عدة مرات بتبدل الحالة السياسية في المنطقة والعالم، ولا شك أن الحلول التي كانت مطروحة نظرياً جاءت من دول تريد تكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين كالولايات المتحدة بإدارتيها الديمقراطية والجمهورية، والاتحاد الأوروبي كذلك الذي لم يتوقف عن إطلاق إشارات تأييد ومساندة للسياسات الأميركية وإدارة أوباما ومن سبقه من الرؤساء، وللأسف، اليوم أصبح هناك محور عربي يعبّر عن انسجامه مع هذه الأطروحات بطريقة مباشرة وغير مباشرة، من خلال الدعم والتأييد لمواصلة المفاوضات الفلسطينية – الصهيونية على قاعدة إهدار حق الشعب الفلسطيني اللاجئ بالعودة إلى وطنه المحتل.

بالنسبة للجانب الفلسطيني المفاوض والمُصاب بـ“فيروس” استئناف المفاوضات، فإن حق العودة أصبح يقع في أسفل القضايا المطروحة للنقاش والتفاوض، بعد أن نجح المفاوضون الصهاينة خلال عقدين من المفاوضات العبثية بإسقاط حق العودة إلى أسفل القائمة تمهيداً لإلغائه.

اليوم، استبدل المتفاوضون المقايضة على حق العودة بوقف الاستيطان الذي زادت بؤره أضعاف ما كانت عليه عند انطلاق العملية التفاوضية عام 1990، حين بدأت المساومة بالتنازل عن حق العودة مقابل موافقة الغرب على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع، تلك الدويلة التي لم ترى النور لغاية اليوم.

وبالرغم من كل ذلك، لم يسقط حق العودة بل سقطت كل تلك “السيناريوهات” التآمرية على حقوق الشعب الفلسطيني الصامد ومن وراءه دول الممانعة والمقاومة التي مازالت ترفع راية علم فلسطين على المستويين الشعبي والرسمي، بالرغم من شلالات الدم المستمرة منذ شهور في ما يسميه البعض “الربيع العربي”، ذلك الذي امتد ليشكل نقطة التحوّل في قيام الدويلات الدينية في الشرق الأوسط من خلال تقسيم سورية ومصر والعراق ولبنان وليبيا.. إلى دويلات مقابل دولة يهودية تسعى القيادة الصهيونية إلى إعلانها في أقرب فرصة.

لقد أدركت قيادة العدو الصهيوني أن إسقاط حق العودة مرتبط بالاعتراف بالكيان الصهيوني كدولة يهودية وإقامة سلام مع جميع الدول العربية، خصوصاً دول الممانعة وعلى رأسهم سورية، وعلى الخلفية ذاتها، وجدت بعض الدول العربية أن الفرصة متاحة لإغلاق الملف الفلسطيني وإقامة سلام مع الكيان الغاصب، وقد بدأت بوادر ذلك مع الإعلان عن مبادرة السلام العربية منذ بضع سنوات، مروراً بالأحداث التي شهدتها المنطقة وتأجيج النعرات الطائفية في العراق ولبنان، وصولاً إلى الأحداث الدموية في سورية والسعي الدائم إلى ترتيب الأمور على أساس هذه التغييرات تخدم الكيان الصهيوني وتكرس سياسة القطب الواحد الذي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا والعالم العربي.

أما بالنسبة للدولة الفلسطينية التي يرفض الغرب الموافقة على عضويتها، فإن ترتيبات قيامها اليوم لا تشير من قريب ولا من بعيد إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، كما لا تشير إلى مدينة القدس التاريخية أيضاً، وقيام تلك الدولة يحكم بالموت على قضية اللاجئين، وحالة التأرجح الغربي في الموافقة والرفض على قبولها عضواً في الأمم المتحدة فضحت السياسات الغربية التآمرية على الشعب الفلسطيني وحقوقه، وبالرغم من ذلك لم تتم الموافقة على قيامها لغاية اليوم، لماذا؟ لأسباب كثيرة لم يعلن الخطير منها:

أولاً: لأن المماطلة تعطي فرصة أكبر لاستئناف قيام المستوطنات على أرض فلسطين، مما يرفع السقف الصهيوني في أية مفاوضات مستقبلية، واستمرار الحملة على سورية والمقاومة يحوّل الأنظار عن ممارسات الاحتلال الصهيوني وعبثه بحقوق الشعب الفلسطيني (تزايد البؤر الاستيطانية، تهويد القدس والعبث بمعالمها الدينية، استمرار العدوان على قطاع غزة والتنكيل بالفلسطينيين في الضفة وأراضي 48).

ثانياً: لأن احتمال قيام شرق أوسط جديد، ممكن أن يؤدي إلى تنازلات أكثر لصالح الكيان الصهيوني باعتبار أن حق العودة وقيام الدولة أوراق تفاوضية في المرحلة المقبلة.

اليوم، هناك ضرورة وحاجة ملحة إلى الرفع بخطاب حق العودة الموجه إلى جمهور معني به الفلسطيني مباشرة واللبناني والسوري والأردني وغيرهم بعده، كذلك كل الذين عايشوا المشكلة منذ انبثاقها في 1948، ثم إلى جمهور الدول العربية والغربية وشعوبها، والذي صيغ من الثورة الفلسطينية المعاصرة، وعلينا إعادة التأكيد عليه في كل المحافل واستعادته وإجبار الأطراف الأخرى لطرحه كبند على جدول أعمال حل المسألة الفلسطينية، وتكريس الرفض الشعبي الفلسطيني والعربي لمحاولات إلغائه أو تناسيه أو التغاضي عنه وتجاوزه.

إن الممانعة الشعبية الفلسطينية ووقف سورية إلى جانب المقاومة وكل حركات التحرر والتحرير تمثل اليوم خط الدفاع الأول الذي يصون حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها.

والجماهير الفلسطينية والعربية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أخذ المبادرة للدفاع عن حق العودة وصيانة المقاومة في سبيل الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2178753

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178753 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40