الجمعة 10 شباط (فبراير) 2012

فصائل فلسطين : من ترك النار الى اسدال الستار

الجمعة 10 شباط (فبراير) 2012 par د.امديرس القادري

لا داعي أبدا للحديث عن التاريخ الوطني الفلسطيني المقاوم ، ولا توجد أية ضرورة لوضع المقدمات لما نحن بصدد طرحه في هذه السطور القليلة التي يسمح بها هذا المقال ، ففلسطين التي لا يزال اغتصابها من قبل العصابات الصهيونية يشكل أكبر وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الذي يدعي الحرية ليست بحاجة لأي حديث أو تحليل يتعلق بالماضي الذي بدأ مع بداية نكبتها منذ ما يزيد عن ستة عقود .

فلسطين كان لها ثورتها الخاصة ، ومنظمة تحريرها التي انخرطت في صفوفها جميع الفصائل والحركات التي تأسست وانطلقت في ساحة النضال الوطني ، وصولا إلى ما بات يعرف بسلطتها التي انبثقت بموجب اتفاق أوسلو ، فلسطين اليوم هي في أمس الحاجة إلى من يمتلك القدرة والإمكانية للحديث عن زمانها الراهن ، ومستقبلها القادم ، لأنها وبصريح العبارة تعيش مجموعة من الأزمات الشائكة والمعقدة وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي والتي أصبح انتظار الخروج منها ضربا من ضروب العبث والخيال ومضيعة الوقت .

ولذلك فلن نرهق القارىء بالكتابة عن المفاوضات والسلام وحل الدولتان ، ولن نكتب عن تمثيلية المصالحة الهزلية التي أصبحت أسهمها تعلو وتهبط وكما تتغير الأرقام على لوحة أسوأ بورصة عرفها التاريخ ، ولن نعزف لحنا جديدا لموضوع الوحدة الوطنية التي يستلذ الجميع في الغناء والرقص أمامها في الوقت الذي لا يتوانى أحد من التنكر لها وطعنها في ظهرها وكلما لاحت في الأفق فرصة للإقدام على ذلك .

التجربة ” الفصائلية ” التي تمخضت عن الممارسة الوطنية العملية في إطار منظمة التحرير والتي ناضل الجميع من داخل مؤسساتها وعلى قاعدة كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، هو ما نريد أن نتناوله عبر هذه السطور، وعملا بمبدأ الإختصار والوضوح ، فلن نرهق القارىء أيضا في الحديث المكرور عن ماضي هذه الفصائل ، وعن الأيديولوجيات والبرامج والسياسات والمواقف التي سارت على نهجها هذه الفصائل ، فالتركيز سينصب هناعلى التمسك بسؤال رئيسي واحد يتعلق تحديدا بما تقوم به وتفعله هذه الفصائل في وقتنا الراهن ، وفي هذه الظروف العصيبة التي تمر بها القضية وعلى مختلف الصعد السياسية والوطنية .

الموضوعية والهدوء ومواجهة الحقائق و ليس التجريح هي القواعد التي سنطرح سؤالنا على أساسها ، وهي ذاتها التي سنستخدمها و نحن نحاول العثور على الإجابة التي قد تفيد في وضع الإستنتاج النهائي الذي قد يغني المستقبل القادم الذي وللأسف لم يعد يأبه له أحد أو يكترث به ، ولأننا نتناول مكونات خاصة بمنظمة التحرير ، فليكن السؤال موجها إلى حركة – فتح – وللجبهات الثلاثة الشعبية والديمقراطية والقيادة العامة ، فهذه الأطراف الأربعة كانت بمثابة العمود الفقري لنضالنا الوطني ودون أن يعني ذلك التقليل من شأن ودور وتضحيات الفصائل الأخرى .

ماذا تفعل اليوم هذه الأطراف الأربعة ؟ وأين هو تأثيرها في العملية السياسية السلمية التفاوضية ؟ و لماذا اصبح الصفر هو ناتج دورها على صعيد المقاومة ؟ أين هو وزنها وثقلها في المواجهات اللاعنفية ضد جدار الفصل العنصري ، والتهويد ، و التوسع الإستيطاني ؟ أين هو دورها الشعبي في مواجهة الجرائم اليومية التي تتوانى عن ارتكابها هذه العصابات الصهيونية ضد البشر والشجر والحجر ؟

إن على هذه الفصائل الاعتراف بأنها باتت تعيش في كنف حالة من التراجع والتدهور والتفكك الفكري والسياسي والتنظيمي ، و بالتالي فلم يعد بمقدورها تقديم ما هو أكثر من الإحتفال بذكرى مناسباتها الماضية حتى تقوم بالبكاء على أطلالها ، ولم يعد في جعبتها أكثر من بيان أو تصريح أو تعقيب أو إدانة وشجب لعنوان أو موضوع لا يروق لها ، ولم نعد نراها إلا على هذه الفضائية أو تلك وبأحاديث عافتها النفوس وملت من سماعها الآذان ، فلماذا وصلت إلى هذه الحال البائسة التي هي عليها اليوم ؟.

أليست النخبوية والإنعزال عن بحر الجماهير الفقيرة والمسحوقة في الداخل و الخارج هي السبب الأساسي الذي أدى بها لتكون على هذه الوضعية التي ما عادت تستحق سوى الصدقة والشفقة ؟ أليس في هجرانها للكفاح المسلح تاثيرا قاتلا لدورها و مكانتها ؟ أليس لخمولها و ترهلها و تراخيها التنظيمي الداخلي انعكاسا على بداية زوال وزنها و ثقلها الذي امتلكته في غابر الزمان الماضي ؟.

التاريخ لا يرحم ، و الحاظر دخل في الموت السريري ، و المستقبل لن يسامح ، و الإنعاش بحاجة ماسة لنهوض وطني جديد يقوم على أساس كل الثوابت الوطنية المحفوظة جيدا في عقول ما تبقى من قيادات و كوادر، و هذا ما سيفرح له المستقبل و يفتح ذراعيه لإستقباله ، و بغير ذلك فإن على الذين اطفؤا نار المقاومة من برامجهم و صدورهم أن ينتظروا و قريبا جدا إسدال الستار على نهاية الفصل الأخير من حياتهم ، فلا يوجد ما هو أوسع من أرفف التاريخ لكي تستريح عليها دروس التجربة !.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 88 / 2177505

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177505 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40