السبت 28 كانون الثاني (يناير) 2012

يجب أن يكون الرهان السوري على الذات

السبت 28 كانون الثاني (يناير) 2012 par غالب فريجات

يخطئ من يرهن مواقفه على الآخر، او يعتمد على الغير، او ان يضع بيضه في سلة واحدة، حيث ان كثيراً من المواقف قابلة للتغير بتغير الظرف او الحالة، وفي السياسة لا يجوز ان تثق بالآخرين ثقة مطلقة، ولابد من الآخذ بعين الاعتبار ان كثيراً من العوامل قد تدفع بهؤلاء الآخرين لتبديل مواقفهم مئة وثمانون درجة، اي من الموقف الحالي الى نقيضه، ومن التأييد المطلق والانحياز الايجابي الى الموقف المعادي او الانحياز السلبي.

الحالة السابقة تفرض ان تكون المواقف مبنية على القدرات الذاتية، حتى وان كانت هناك مواقف تأييد ومناصرة، مع وجود الاصدقاء والحلفاء في القضية التي نتعامل معها، فلا بأس ان نقوم بالحشد لقضيتنا، وان نجمع من حولنا المناصرين والمؤازرين، ولكن دون ان يكون الثقل لهؤلاء، بل ان تكون حالة الاعتماد على الذات في اعتباراتنا، خوفاً من ان نفاجأ وقد تركنا عراة، وان نلتفت حولنا فلا نجد من حولنا احدا.

في الوضع السوري علينا ان لا نراهن كثيراً على الموقف الخارجي، مثل مواقف الاتحاد الروسي والصيني على الرغم من ايجابيتهما، لان المصالح الدولية هي التي تحكم المواقف، وهذه دول لها مصالح، ولها اعتبارات تختلف في احيان عن مصالحنا، وفي مقاييسها للامور، حتى الموقف الايراني فمن يمنع الايرانيين ان لا يقايضوا لتحقيق مكتسباتهم مع الغرب على حساب سوريا، وماهي الضمانات ان لا تتبدل هذه المواقف في ضوء الاعتبارات المصلحية لهذه الدول.

فقط التعامل مع الداخل في القضية السورية يساهم في تفكيك عناصر الازمة، ويطفئ شراراة المواجهة، تجنباً للحرب الاهلية ووقوفا، في وجه اي تأزيم للمشكلة، ومنعاً لاي استغلال في الوصول لتحقيق اهداف عناصر الجبهة المعادية، سواء اكانوا محليين فيما يسمى بالمعارضة، او اقليميين كأطراف النظام العربي الرسمي و تركيا، او دوليين كالاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.

النظام السوري يستطيع ان يعمل على تهدئة الاوضاع، وسحب البساط من تحت اقدام ما يطلق عليهم بالمعارضة، سواء الذين يطالبون بالتدخل الاجنبي، او اولئك الذين يعارضون ممارسات النظام، ولكنهم يرفضون التدخل الاجنبي، وهؤلاء الذين يعارضون التدخل الاجنبي لابد من الدخول معهم في حوار على ثوابت وطنية، تصب في المصلحة الوطنية، آخذين بعين الاعتبار التعامل معهم بدون استعلاء او فوقية، لا بل من خلال الندية، فليس هناك غالب او مغلوب في المصلحة الوطنية، لان الرابح الوحيد من نجاح الحوار هو الوطن، الذي هو وطن الجميع.

سوريا مستهدفة من الخارج ومن اعداء الامة، ويجب على النظام ان يفهم ذلك جيداً، الى جانب انه بات من الضروري حشد الطاقات العربية الشعبية لحماية سوريا، على الرغم ان اثرها لن يكون بذات الفعالية، وقد يذكرنا ذلك بالوفود الشعبية التي كانت تتقاطر على العراق قبل الغزو، وذابت جميعها بعد ان نفذت الادارة الاميركية وحلفاؤها عملية الاحتلال، وسوريا تحتاج الى مواجهة الاعلام المعادي بندية قوية،من خلال حشد كل الاصوات العربية المؤيدة، والعمل على تعرية المواقف الاعلامية المعادية، وسوريا تحتاج الى حركة اصلاح قوية، تقنع الشارع السوري، وتعمل على حشد الطاقات الشعبية، صاحبة المصلحة في الاصلاح والمحافظة على امن الوطن والمواطن، لعزل المتمردين حملة السلاح، الذين يمارسون القتل والاجرام، والتحدي امامها ان تجري عملية الاصلاح في مثل هذه الظروف، لانه يؤشر على عزم النظام على الاصلاح من جهة، وعلى قدرته على العمل من خلال دخان الازمة من جهة اخرى، وهو ما يفقد جبهة الاعداء بكل تلاوينهم زمام المبادرة.

مرة اخرى الرهان على الجبهة الداخلية بتحصينها، من خلال ان تلمس الجماهير اجراءت الاصلاحات، والفعاليات على الارض، افضل بكثير من الرهان على الدعم والتأييد الخارجي، فالمثل الشعبي يقول ما حك جلدك مثل ظفرك، ونحن لا نملك الا الدعاء بحماية سوريا، والوقوف معها ضد كل القوى العدوانية التي تستهدفها، لانه لا خيار لنا الا ان نكون مع انفسنا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 41 / 2178243

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178243 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40