الجمعة 27 كانون الثاني (يناير) 2012

هل تنجح أطراف الاتفاق الخليجي في إجهاض الثورة وتعويم النظام؟

الجمعة 27 كانون الثاني (يناير) 2012 par حسين العطوي

بعد احتدام الخلاف والجدل حول مشروع قانون منح الحصانة للرئيس اليمني علي عبدالله صالح ومعاونيه، أقر البرلمان اليمني نصاً جديداً معدلاً صادقت عليه حكومة الوفاق، وقضى بمنح الرئيس الحصانة التامة من الملاحقة القانونية، وإعطاء العاملين معه حصانة سياسية محددة، تحمي المسؤولين الذين عملوا مع صالح، في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، من الملاحقة الجنائية والأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم الرسمية، لكن هذه الحصانة لا تنطبق على أعمال الإرهاب.

ويبدو من الواضح أن إقرار القانون بهذه الصيغة، جاء بعد أن وضع صالح وحزبه، حزب المؤتمر، العراقيل في طريق تنفيذ المبادرة الخليجية، ما دفع المبعوث الدولي جمال بن عمر للمجيء إلى صنعاء لإيجاد تسوية للأزمة، وكذلك إلى تدخل دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً السعودية، لإخراج الصيغة الجديدة المعدلة التي أرضت الرئيس اليمني وحزبه، ودفعتهم إلى إزالت اعتراضهم، وتسهيل إقرار مشروع قانون الحصانة في البرلمان.

غير أن هذه التطورات واكبها، وسبقها انكشاف المخطط الهادف لإجهاض ثورة الشباب اليمني من قبل القوى المضادة، والتي ترى في المبادرة الخليجية فرصة للسيطرة على الحكم، بدعم أميركي خليجي، يستهدف إعادة تعويم النظام، عبر تطعيمه بقوى سياسية جديدة بالشراكة مع حزب المؤتمر الذي يرأسه صالح، بعد تنحي الأخير وضمان استمراره في العمل السياسي كرئيس للحزب من دون أن يتعرض لأي ملاحقات في المستقبل، على أن مؤشرات هذا المخطط تجسدت بالوقائع الآتية:

- استمرار المرتكزات الأساسية للرئيس اليمني وحزبه، في مؤسسات الدولة الرئيسية، إن كان في حكومة الوفاق التي جرى تشكيلها مناصفة بين حزب المؤتمر، وأحزاب اللقاء المشترك، أو في الأجهزة العسكرية والأمنية، من خلال توفير الحماية السياسية لأعوان الرئيس وأولاده الذين يتولون قيادة هذه المؤسسات، ومثل هذه المرتكزات هي التي تجعل الرئيس، بعد تنحيه، يمارس السلطة الفعلية من خلف الستار.

- الحرص الأميركي الخليجي على حماية صالح، ومرتكزات حكمه، والذي تمثل في رعاية الصيغة المعدلة لمشروع قانون الحصانة، وعبّر عنه باجتماع للملك السعودي عبدالله مع رئيس حكومة الوفاق باسندوه، وأعضاء بارزين في حكومته، وفي تجديد واشنطن دعمها لصالح بالتأكيد على منحه الحصانة كجزء من الاتفاق، رغم معارضة منظمة العفو الدولية، وأغلبية الشعب اليمني لذلك.

- إقدام القوى المضادة للثورة على محاولة تغذية وإثارة التناقضات داخل صفوف شباب الثورة في الساحات، والسعي إلى أحداث الانقسام في صفوفهم بهدف إضعاف موقفهم المتمسك بمحاكمة الرئيس وأعوانه، وإحداث تغيير جذري في نظام الحكم وسياساته، وظهر ذلك بشكل واضح من خلال الاشتباكات بالعصي بين شباب اللقاء المشترك، وشباب ساحة التغيير بكل منوعاتهم، على خلفية الموقف من المبادرة الخليجية.

لكن هل هذا المخطط المضاد للثورة، الذي يحاول شق طريقه عبر تنفيذ المبادرة الخليجية، سيتمكن من إجهاض الثورة، وإنهاء الأزمة على القاعدة التي تبقي اليمن في فلك التبعية لسياسات الولايات المتحدة، وأنظمة مجلس التعاون الخليجي؟

المتتبع لمسار تطورات الأزمة يلحظ بأن مثل هذا المخطط، وإن كانت له مرتكزات أساسية وقواه السياسية، إلا أنه ليس سهل التحقيق، للعديد من الأسباب:

1- إن الأزمة في اليمن أزمة عميقة، فهي أزمة نظام حكم، وسياساته الخارجية والداخلية، والتي لا يمكن أن يوضع حداً لها من خلال إعادة تعويم النظام بإدخال قوى سياسية تسعى إلى السلطة، فيما القوى الثورية، والمعارضة الحقيقية للنظام ترفض ذلك، وتدعو لإسقاط المبادرة الخليجية، وما نتج عنها.

2- إن القوى الثورة والراديكالية التي تقاوم التدخل الخارجي في شؤون اليمن الداخلية هي قوى وازنة شعبياً، وتسيطر على العديد من المناطق التي هي عملياً خارج سلطة الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية، وبالتالي لا يمكن أن ينجح اتفاق المبادرة الخليجية مادامت القوى ترفضه، والقوى المضادة للثورة عاجزة عن فرض سيطرتها على الأرض، وعن كسب تأييد غالبية الشعب اليمني.

3- إن الاتفاق الخليجي تحدى إرادة الغالبية الشعبية، وتجاهل آمالها، ومطالبها، ولذلك شكل استفزازاً لها، الأمر الذي سيؤدي إلى تصعيد الصراع والتوتر في الشارع، ويدفع حركة شباب الثورة من جهة، والحوثيين في الشمال من جهة ثانية، والحراك الجنوبي من جهة ثالثة إلى تصعيد تحركاتهم، وهو ما يجعل البون شاسعاً بين ما يجري على صعيد السلطة، وبين ما يجري على الأرض، بما يصعب معه إمكانية تنفيذ الاتفاق.

وعليه فإن كل المعطيات لا توحي بأن اليمن يسير في اتجاه الخروج من الأزمة، بل تشير إلى أن الاتفاق الخليجي وما نتج عنه سيؤسس إلى تصعيد الصراع والأزمة، ودفع البلاد إلى مخاطر الانزلاق نحو حرب أهلية، خصوصاً إذا ما لجأت أطراف الاتفاق على محاولة فرض تنفيذه بالقوة، في ظل تجذر حركة شباب الثورة الذين ردوا، على محاولات إجهاض ثورتهم، بتصعيد الاحتجاجات المنددة بالموقف الأميركي والخليجي، وإعلان اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية في جمعة عزيمة الثوار، عن مواصلة المشوار للمطالبة بمحاكمة صالح ومعاونيه، والقصاص منهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2180675

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2180675 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40