الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2012

هل ستطيح “الثورة الخضراء” المؤيدة للقذافي بالمجلس الانتقالي؟

الأربعاء 25 كانون الثاني (يناير) 2012

لقد أذهلني أحد المسؤولين الليبيين الثلاثة السابقين رفيعي المستوى خلال حضورهم الإجتماع الذي عقد في المغرب أواخر الأسبوع الماضي، وهم من مئات المسؤولين المختبئين حاليا والذين ينظمون في دول متاخمة لليبيا، إذ سألني بجدية بالغة: “هل تصدّق أن ثورة مضادّة ستندلع قريبا في الجماهيرية؟”.

والسبب في دهشتي تلك هو أنني كنت على وشك أن أسأل مضيفيّ ذلك السؤال بعينه. وقد فكرت أنه وبالرغم من أمنهم وزوارهم الذكور الجديّين، إلا أن بعض الغربيين يأتون ويذهبون ويهمسون بالقول إن المعتقد هو أن مجموعات جبهة التحرير الليبية تنشط بعض الشيء بعد غيابها عن دائرة الضوء مؤخرا.

وكان لديّ، بالتأكيد، فكرة أولية عما إذا كانت تلك “الثورة الخضراء” قوية وقادرة على الإطاحة بالحكومة الحالية التي خلقها (الناتو) وفرضها على الناس.

ولا شك أن ثمة الكثير من الشكاوى في ليبيا حول “اللاحكومة” التي لا تفعل شيئا والتي تتزايد جرأة الشعب على التذمر منها في جميع مجالات الحياة. وما قد شاهدته شخصيا هو أن السواد الأعظم من التقارير المعروضة على بعض مواقع الإنترنت حول الأحداث في ليبيا زائف كل الزيف. وبصراحة، ينطلي هذا الواقع على ما كان يحصل هنا في ليبيا خلال الصيف الماضي إذ كان الزعم الزائف علنا بأن (الناتو) يستخدم قنابل عنقودية إسبانية الصنع من طراز (ماب 108) ضد المدنيين والأهداف العسكرية الموالية، واليورانيوم المستنزف، أو أن 150000 مدني ليبي قد قتلوا وتم نشر ذلك على أنه حقيقة “من مصادر موثوقة في ليبيا”. بالإضافة إلى مزاعم جنونية كالقول إن مصراتة وبعض المناطق واقعة تحت سيطرة الموالين للقذافي وإن الثوار قد استسلموا جماعيا وإنهم قد اعترفوا بالهزيمة في اليوم التالي.

ومن المزاعم الكاذبة التي انتشرت مؤخرا، نذكر:

تم كثيرا خلال الأسبوع الماضي تداول التقرير التالي: “ثمة رايات خضراء ترفرف فوق منطقة الزاوية، والثورة الخضراء قد أسرت المدينة”! وبمحض الصدفة، ومساء ذلك اليوم الذي قرأت فيه هذا التقرير على الإنترنت، كنت عائدا من صرمان وفي الطريق أخذني حرّاس نقاط التفتيش العاملين لدى المجلس الإنتقالي بجولة إلى مواقع المعارك خلال أحداث تموز/ يوليو - آب/ أغسطس في منطقة الزاوية. وقد رأينا هناك مواقع أكثر المعارك عنفا ومنها فندق القذافي والكثير من الأماكن الأخرى في منطقة الزاوية. ورأيت قرابة 35 دبابة حكومية مسلوبة ومركونة على طول الطريق العام ولا تزال صالحة للاستخدام، ولكن لم أر أي راية خضراء من رايات الموالين للقذافي. وللتّو عدت من إحدى المقابر الواقعة خارج صبراتة حيث رأيت أفراد من الشرطة/ الميليشيا المحلية وهم ينتزعون قطعا من القماش الأخضر من داخل قبور أولئك الذين قتلوا خلال معارك الصيف الماضي. وإذا ما صادف أن ظهرت الأعلام الخضراء في طرابلس، فسرعان ما تنتزع ويتم استبدالها بإعلام المجلس الإنتقالي الثلاثية الألوان.

بالإضافة إلى التقرير الذي ذكر أن سيف الإسلام القذافي قد تزوج من إمرأة تنتمي إلى قبيلة الزنتان، وشوهد يمشي مع آسريه الذين ارتدّوا عن زعامته. وبحسب القائد العسكري لمجموعة ميليشيا الزنتان مكان أسر القذافي، فإن ذلك لا معنى له، ويزعم أن أفراد لواء “الزنتان” لا يمنعون سيف الإسلام من رؤية محام ولكن الإذن يجب أن يصدر عن وزارة العدل في طرابلس (وتجدر الإشارة إلى أنه ما من أحد من أفراد هذه المجموعات هنا يفضّل تعريفه بفرد “الميليشيا” هذه الأيام). وبالتحديد من السيد عبد العزيز هزازي رئيس التحقيقات في وزارة العدل والرجل اللطيف الذي أنتظر منه موافقة لزيارة 11 سجينا.

وجميعنا يعرف أن إعطاء معلومات خاطئة أو الإمتناع عن التصريح بأي معلومات يحدث خلال أي نزاع مسلّح، وغالبا النزاعات الناتجة عن أسباب سياسية. إلا أن تلك المبالغة والمزاعم غير المثبتة إجمالا، فضلا عن النظريات التآمرية، كل ذلك يصب في مصلحة المعتدين، في هذه الحالة المعتدون هم (الناتو).

إن النشاط السياسي والعسكري لمؤيدي القذافي يتعاظم بشكل علني وذلك بسبب تحذير قائد المجلس الإنتقالي مصطفى عبد الجليل أبناء القذافي من تشديد السيطرة. ونظرا إلى أسر سيف الإسلام حاليا، فإن عائشة القذافي هي الزعيم الحالي تقريبا ذ لك أنها تتمتع بالذكاء والطاقة والالتزام القوي باستبدال “ثوار الناتو”، وتبرئة والدها، والمحافظة على ميراثه الصحيح، وتنظيم حركة إصلاحية بالتوازي مع بعض الخطوط التي كانت هي وبعض أفراد عائلتها والموالين لهم يعملون عليها، بموافقة والدها على حد تعبيرها.

وكل ليلة تتزايد النقوش المؤيدة للقذافي على جدران الطرقات والأبنية وحول الميدان الأخضر “ميدان الشهداء”. ويؤكد النشطاء المتزايدون يوميا على أن المجلس الإنتقالي لم يتعرّض لهم مؤخرا وهم يشعرون بالحرية في التعبير عن رأيهم وفي التنظيم. والرأي يعود لكل فرد على حدة في تقدير مدى طول هذه الحال قبل اتخاذ إجراءات صارمة وبدء القتال.
ومن الصعب تقدير المزيج بين المناهضين للمجلس الإنتقالي والمؤيدين للقذافي، فضلا عن الاتجاه الذي تسير نحوه الأحداث الغامضة في ليبيا بشكل متزايد.

ولكن، ومع رحيل معمر القذافي، الهدف الأول لقوات (الناتو) منذ 19 آذار/ مارس التي سيطرت على حملة قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة ضد ليبيا رقم 1973، فإن (الناتو) قد استنتج بشكل صحيح أنه ومن دون زعامة القذافي الساحرة في ليبيا والمنطقة، فإن أي “ثورة خضراء مضادة” ستكون غاية في الصعوبة. وهذا ما نشهده اليوم.

وفي حين يتململ الليبيون من الثورة على المجلس الإنتقالي لأسباب عدة، فإن حادثة تبوّل قوات (الناتو) على أجساد الأفغانيين تحتل الصحف والمناقشات في هذا البلد المسلم والمحافظ. ولقد ضيع (الناتو) الكثير من محاولات تفعيل علاقاته العامة على حد زعمه بعد انتهاء عمليات القصف في ليلة عيد جميع القديسين. ويشتبه المرء في أن ذلك ناتج عن تراكم القضايا الكثيرة المكتشفة مؤخرا حول قصف (الناتو) المدنيين في ليبيا فضلا عن تقارير الجنود الأبرياء الذين لا يشكلون تهديدا في باكستان والعراق وأفغانستان. وتتزايد مخاوف الشعب الليبي بسبب القضايا الكثيرة التي تظهر يوما بعد يوم حول الأعداد المرتفعة للأطفال الذين قتلهم (الناتو).

هذا وبالإضافة إلى السخط من تبوّل قوات (الناتو)، أصبح مسؤولو (الناتو) محط سخرية لاستنكارهم أن مهمات القصف في ليبيا التي فاق عددها 11000 عملية قصف قد أدت إلى مقتل المدنيين، ولزعمهم أن قوات (الناتو) تصرفت بحسب المعايير الأخلاقية والعسكرية الأسمى، وقد عرضوا أنفسهم للخطر في بعض الأحيان لتجنّب إيقاع ضحايا مدنيين. وتذكر هذه الإدعاءات البعض بحملة العلاقات العامة المثيرة للضحك التي تتعهد بها الحكومة الإسرائيلية بشكل منتظم.
أما الإشارات من ليبيا فتدل على أن هذا البلد يبقى متقلّب الأحوال، وأنه يتعارض ومزاعم (الناتو) حول إنشائه “ليبيا ديمقراطية جديدة” وأن الفصل الجديد المتوقع بدأ التصريح بأن نهاية المجلس الإنتقالي باتت وشيكة أي قبل انتخابات حزيران/ يونيو المقررة لاستبدال المجلس بحكومة أخرى.

- د. فرنكلين لامب / ترجمة: زينب عبدالله



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2165433

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165433 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010