السبت 14 كانون الثاني (يناير) 2012

صراع الانترنت

السبت 14 كانون الثاني (يناير) 2012 par ساطع نور الدين

هل هو الشكل الجديد من الصراع العربي «الإسرائيلي» الذي يستخدم أدوات العصر وأساليبه ويخوضه جيل جديد من العرب يستعد لوراثة أجيال حملت الهزائم وراكمتها، ويستكمل مسيرة الثورة العربية الراهنة، ويخصص لعدو الأمة بعض الجهد والوقت والمال لمقارعته؟

ما يدور بين قراصنة الانترنت العرب و«الإسرائيليين» هذه الأيام يعلن إدامة الصراع أو يؤكد أن ذلك الصراع لن يموت ولن يُنحّى جانباً، وستظل هناك طليعة عربية مقاتلة، تخرج من صفوف الثوار العرب الذين يحطمون أصنام الطغاة ويهدمون هياكلهم، وتوجه سلاحها نحو العدو «الإسرائيلي»، الذي كان قد عبر عن بعض الاطمئنان الى أن أعداءه التاريخيين غرقوا في مشكلات داخلية معقدة يمكن أن تمتد لسنوات.

القراصنة العرب الذين يهاجمون المواقع «الإسرائيلية» اليوم بقيادة القرصان السعودي «اوكس عمر» هم أشبه بالمجموعات الفدائية الأولى التي خرجت في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، وضمت فلسطينيين وعرباً من مختلف الجنسيات، وأطلقت الرصاصات الأولى على العدو الذي كان يشعر (مثلما يشعر الآن) انه حسم الصراع وانتصر فيه، ولم يعد يواجه تحدياً جدياً لا من الجانب الفلسطيني ولا من الجانب العربي ولا من أي جانب آخر.

اللافت في هذه المجموعة الفدائية المعاصرة أنها تأتي من السعودية بالذات التي كان دورها الماضي في الصراع يقتصر على تقديم المال والدعم السياسي للمقاومة الفلسطينية ولدول الطوق. القرصان عمر يضعها على خط الجبهة الأمامي مع العدو «الإسرائيلي»، مثلما سبق أن فعل أسامة بن لادن الذي وضعها على خط الجبهة الأمامي مع السوفيات ثم مع الأميركيين.. مع الفارق الجوهري الكبير بين التجربتين وصوابية أهدافهما، والجدل الذي كانت ولا تزال تثيره تجربة بن لادن.

وهي ظاهرة استثنائية فعلاً أن يعيد الجيل الشاب في السعودية ودول الخليج العربية تحديدا اكتشاف الصراع العربي «الإسرائيلي» والانخراط فيه، بعدما كان الانطباع الراسخ هو أن ذلك الجيل يفتقر الى الوعي والثقافة والاهتمام بغير الاستهلاك والاستهتار بالقيم والمصالح. لا يمكن أن يكون القرصان عمر حالة فردية معزولة، مثلما لا يمكن أن يكون وراءه تنظيم سياسي.. لا تحتاجه أصلاً تلك المواجهة السرية مع العدو.

وهو تطور بارز حقاً، لا يمكن أن يظل محصوراً في الإطار السعودي أو الخليجي الذي تتوافر لديه الأدوات والتقنيات المتقدمة لخوض مثل هذه المعركة لاختراق المواقع «الإسرائيلية» الحيوية، المصرفية أولاً. في بقية البلدان العربية مثل هذا الجيل وتلك المعرفة المطلوبة لشن الحرب الالكترونية التي يمكن أن تشل دولة «إسرائيل» وتعطل عمل مؤسساتها وتحول حياة سكانها الى جحيم.. وهو ما يتوقعه «الإسرائيليون» يوماً ما ويعدون العدة لخوض مثل هذه الحرب، التي يبدو أنها باتت الخيار الوحيد أمام الجانب الفلسطيني والعربي بعدما تلاشت بقية الخيارات العسكرية والأمنية وضاعت الخيارات الفدائية والاستشهادية.

لعل الأمر لا يعدو كونه مزحة أو خدعة، لكن الأمر يستحق العناء والرجاء.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2166019

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166019 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010