الأربعاء 11 كانون الثاني (يناير) 2012

عشر سنوات على «غوانتانامو» : إنسَ العالم، إنسَ كل شيء... أنت في النار الأميركية!

الأربعاء 11 كانون الثاني (يناير) 2012

قبل عشر سنوات وفي مثل هذا اليوم وصلت الدفعة الأولى من «أسوأ الأشرار»، حسب تعبير الرئيس الأميركي جورج بوش، إلى معتقل غوانتانامو في القاعدة الأميركية في كوبا. 799 رجلاً وفتى مروا على المعتقل منذ افتتاحه، 799 معتقلاً أدركوا هناك أن «الشيطان نفسه عاجز عن ابتكار مكان مماثل»، حسب ما روى الجزائري صابر الأحمر الذي أمضى ثمانية أعوام من التعذيب في المعتقل «بدون ذنب».

اليوم بقي من «أشرار» العالم 171 معتقلاً محتجزين في عزلة شبه تامة، يشكل اليمنيون أكثر من نصفهم، ورغم كل ما يُقال عن تحسّن شهدته ظروف اعتقالهم أو عن سعي أميركي لتحويلهم إلى محاكمات مدنية وإقفال المعتقل، لا يستطيع أحد أن يمحو تلك «البقعة السوداء» من قلب صابر الأحمر، وكذلك لا تستطيع أميركا أن تزيلها عن سجلّها الإجرامي. فبعد كل هذا الوقت، يبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد فشل في تحقيق وعده الانتخابي وإقناع الكونغرس بإقفال المعتقل، الذي تحوّل إلى لعنة تطارد أميركا، عبر صور يحفظها العالم لرجال بملابس برتقالية وأكياس سوداء على رؤوسهم، يتعرضون لمختلف صنوف الاضطهاد النفسي والجسدي في أوضاع مخزية.

أخبار التعذيب في المعتقل فضحتها تباعاً وسائل الإعلام ووثائق «ويكيليكس» كما تناقلها المعتقلون بعد خروجهم، ومنهم كان صابر الذي يروي كيف وُضعت له «أدوية في الطعام لمنعه من النوم كما أشعلت أضواء النيون على مدى أربع وعشرين ساعة، في زنزانة معدنية بطول مترين وعرض 1,5 متر مع موسيقى أفلام جنسية بأعلى صوت وملابس يجرّدونها للمعتقلين لعشرين يوماً مع تشغيل المكيف بقوة».

لا ينسى الأحمر تلك الجملة «الهوليوودية» التي قابله بها الحارس لحظة وصوله إلى «غوانتانامو»: «انس العالم والحياة المدنية، انس كل شيء. أنت في النار الأميركية»، ويروي كيف عاش «حياة حيوان» يتلقى تعليمات صارمة «لا تمش، لا تتحرك، لا تتكلم، هذا ممنوع».

ويتذكر السجين السابق كيف كان يخضع «لكهرباء في الساقين» كما كانت هناك قارورة غاز يفتحها الحارس «خمس عشرة ثانية ليتنشق منها يومياً كل 20 دقيقة على مدى أشهر».

أما سبب الاعتقال فلم يكن سوى «إعطاء معلومات... نحن نعلم أنك لم تفعل شيئاً»... هذا ما أجاب به المحققون الأحمر عندما قال لهم «إنكم لا تبحثون عن الحقيقة بل تبحثون عن أمر آخر».

لا يعامل السجناء في غوانتانامو بالمثل، فحسب قائد حراس السجن الكولونيل دوني توماس «من يتبع النظام يعيش في المعسكر 6، ومن لا يتبعه يكون مصيره المعسكر 5».

«المقيمون» في المعسكر 6 باتوا اليوم يحظون بـ 21 محطة تلفزيونية عبر القمر الصناعي و14 محطة إذاعة إضافة إلى صحف، كما يتمتعون بـ «مزيد من الحرية لدخول زنزانتهم والخروج منها، والخروج في نزهة مع أشقائهم، وان يأكلوا ويصلّوا معاً»، في حين «يخضع المعسكر 5 لبرنامج خاص من التعذيب، فيُحرم المقيم فيه من النوم والطعام خلال أيام عدة متتالية مع إخضاعه بشكل متواصل لضجيج محرك يوضع وراء الباب لكن الحراس يزيلونه عندما يأتي الصليب الأحمر». في المقابل، يُسجن خمسة عشر معتقلاً، يعتبرون الأخطر بينهم خمسة رجال متهمين بتدبير اعتداءات 11 أيلول، في زنزانات انفرادية في المعسكر 7. وفي غوانتانامو لا يتحدث احد على الإطلاق عن معسكر 7 الشبيه بالحصن، حتى المحامون غير مرحب بهم.

يُذكر أن محامي الدفاع عن المعتقلين تحدثوا عن ضغوط واسعة تمارس عليهم، حيث «تخضع جميع مراسلاتهم وملاحظاتهم للرقابة، وغالباً تمرّ أسابيع عديدة قبل أن يستعيدونها»، حسب المحامي اندي واشنطن صاحب كتاب «ملفات غوانتانامو : قصة 799 معتقلاً في سجن أميركي غير قانوني».

من جهته، يعيش البيت الأبيض عذابه «الغوانتانامي» الخاص، إذ يدور سجال حاد في أروقة صنع القرار الأميركية بشأن مصير المعتقل. فعلى الرغم من وعود اوباما بإغلاق «غوانتانامو» قبل كانون الثاني 2010، اقر الكونغرس قانوناً في نهاية كانون الأول يمنع فعلياً تحقيق هذا الهدف.

وينص هذا القانون على «منع استخدام المال العام لنقل معتقلين إلى الولايات المتحدة أو دولة أخرى ويفرض إحالة المتهمين بـ «الإرهاب» إلى محاكم عسكرية، خوفاً من عودتهم إلى ميدان القتال».

ولكن البيت الأبيض أعاد التأكيد، أمس، أن هدفه لا يزال إغلاق معتقل غوانتانامو رغم «العوائق» التي تحول حتى الساعة دون تحقيقها، متذرعاً بان «المعتقل بات يضرّ بسمعة الولايات المتحدة في العالم».

ويبقى للعرب «كابوسهم» الخاص مع «غوانتانامو»، حيث لا تزال معاناة عائلات المعتقلين العرب هناك مستمرة بانتظار الإفراج عنهم.

وينظم أهالي المعتقلين الكويتيين اعتصاماً أمام السفارة الأميركية اليوم، للمطالبة باستعادة أبنائهم الذين رفضت أميركا تسليمهم على الرغم من حصولها على ضمانات قاسية من الحكومة الكويتية.

أما مسؤول ملف المعتقلين اليمنيين في منظمة «هود» للدفاع عن حقوق الإنسان احمد عرمان فيقول «لا يزال هناك 90 معتقلاً نؤمن التواصل بينهم وبين عائلاتهم بواسطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر». وبالنسبة للمعتقلين من السعودية، فان عددهم يبلغ عشرة حالياً بعد أن كان 130 شخصاً، وفقاً لوكيل عائلات المعتقلين للمحامي كاتب الشمري.

- [**المصدر : صحيفة «السفير» اللبنانية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2178845

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2178845 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40