الخميس 5 كانون الثاني (يناير) 2012

مشاورات أم «مفاوضات»؟

الخميس 5 كانون الثاني (يناير) 2012 par إبراهيم مرعي

لماذا كان اللقاء الفلسطيني - «الإسرائيلي» في العاصمة الأردنية عمّان، وبحضور عدد من المسؤولين العرب إضافة إلى ممثلي اللجنة الرباعية الدولية؟

معنى الرسالة التي أراد الاجتماع أن يقولها غير مفهوم، ولا المقصود من الصيغة الجماعية لهذا الاجتماع بحضور «شهود» عرب ودوليين.

اجتماع جاء على حين غرّة، ومن دون مقدمات أو أسباب، ما أثار الشكوك والتساؤلات عنه. فلا «إسرائيل» في وارد استئناف المفاوضات لأن لا شيء يحتّم عليها ذلك، ولا اللجنة الرباعية المرتهنة للولايات المتحدة و«إسرائيل» مستعدة للخروج من القفص الأمريكي، ولا الولايات المتحدة في وارد الضغط على «إسرائيل» لحملها على دخول المفاوضات، لأنها في حاجة إليها مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية، ولأن هناك تحالفاً استراتيجياً بين الجانبين لا تشكل المفاوضات من عدمها قضية قد تؤثر في هذا التحالف.

أما الجانب الفلسطيني المأزوم داخلياً والحائر في طريقة إدارته للصراع، وغير القادر على تلمّس طريق وحدته الوطنية، أو تحديد وجهة سيره مع مفاوضات يريدها ويسعى إليها لكنه يُواجه بالإحباط من الجانب «الإسرائيلي»، فإنه لا يجد غضاضة في أن يدخل أية مفاوضات مهما كانت مسمياتها (محادثات أو اجتماعات أو مشاورات)، لأنه قرر منذ نحو ستة عشر شهراً مقاطعة المفاوضات «رسمياً»، لذلك لا مانع من أن يشارك بشكل «غير رسمي» كما في اجتماع عّمان الأخير.

قيل إنه «لقاء استكشافي» .. هو في الواقع تخريجة دبلوماسية للمفاوضات كي لا يقال إن الجانب الفلسطيني عاد إلى المفاوضات رغم إعلانه مراراً وتكراراً أنه لن يعود إليها قبل أن تعلن «إسرائيل» وقف عمليات الاستيطان، وتحديد إطار زمني للمفاوضات.

وبما أن «إسرائيل» رفضت وقف الاستيطان، بل هي تسرّع من وتيرته في كل الاتجاهات، كما رفضت تحديد إطار زمني للمفاوضات لأنها ترفض المفاوضات المشروطة، فقد كان اختراع «اللقاء الاستكشافي» بديلاً، وهو في الحقيقة مفاوضات مكتملة المواصفات.

المهم، ماذا تمخض عن «مفاوضات عمّان»؟

يقول وزير الخارجية الأردني ناصر جودة الذي كانت بلاده راعية لهذه «المفاوضات»، إن الأطراف اتفقت على استمرار «اللقاءات» في عمّان من دون الإعلان عنها مسبقاً، وأن «الأجواء كانت إيجابية، والحديث كان مباشراً بين الطرفين»، وأن الوفد الفلسطيني سلّم الوفد «الإسرائيلي» تصوره مكتوباً في شأن الأمن والحدود، وأن الوفد «الإسرائيلي» وعد بالرد عليه «خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة»، ووعد بأن يتقدّم بتصوّر مقابل.

ماذا يفهم من هذا الكلام؟

يفهم، أن المفاوضات انطلقت، وأن «إسرائيل» فرضت رؤيتها بأن لا شروط للمفاوضات، ولا سقفَ زمنياً لها، وكسبت المزيد من الوقت لاستكمال مخططات الاستيطان والتهويد واستخدام المفاوضات غطاء لذلك.

والوعد «الإسرائيلي» بتقديم رد على التصور الفلسطيني بشأن الأمن والحدود «خلال أيام أو أسابيع» لا يعني شيئاً من الناحية العملية، لأن المفاوضات بالنسبة إليها ليس هدفاً للوصول إلى تسوية، إنما وسيلة لكسب الوقت، والإيحاء للعالم بأن عملية التسوية مستمرة، وهي في غضون ذلك تقدم الردود والاقتراحات الفارغة من أي مضمون يمكن أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.

حتى الآن يبدو أن الجانب الفلسطيني، ومعه الجانب العربي، لم يقتنعا بعد أن المفاوضات طريق مسدودة، وقد جُرّبت مع كل أشكال وألوان الحكومات «الإسرائيلية» على مدى عشرين عاماً، وكانت نتيجتها صفراً.

هل هي فقدان الذاكرة؟ أم الإصرار على أن يلدغ «المؤمن» من الجحر ألف مرة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165427

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165427 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010