الجمعة 4 حزيران (يونيو) 2010

ايجابيات العدوان على اسطول غزة

الجمعة 4 حزيران (يونيو) 2010 par شاكر الجوهري

بادر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الإيعاز بالعمل فوراً على نقل جرحى العدوان الإسرائيلي على سفن اسطول “الحرية لغزة” إلى المشافي الأردنية لمعالجتهم، وكذلك تسيير قوافل مساعدات انسانية لمعالجتهم، وكذلك تسيير قوافل مساعدات اردنية إلى قطاع غزة، تعويضاً عن استيلاء اسرائيل على المساعدات الدولية التي كانت متهجة للمحاصرين من ابناء الشعب الفلسطيني.

الخطوات الأردنية التي كانت متوقعة دوماً، تزامنت مع خطوة مصرية لم تكن متوقعة، إذ أن وزارة الداخلية في حكومة اسماعيل هنية، اعلنت عن فتح معبر رفح بشكل يومي ما بين الساعة التاسعة صباحاً والخامسة والنصف مساءً، بناء على قرار قالت القاهرة أن الرئيس حسني مبارك قد اتخذه.

بغض النظر عن الدوافع والأسباب، فإن الإجرائين المصري والأردني، جاءا رد فعل على الفعل الإجرامي الإسرائيلي، وانطلاقاً من حقيقة معرفة وإدراك الحكومات العربية عموماً أنها لا تستطيع ممارسة الضغوط على شعوبها، وحرمانها من حقها في التعبير عن سخطها على سياسات الصلف الإسرائيلية، وغياب رد الفعل العربي المناسب، الذي يفترض أن يوجبه العدوان الإسرائيلي.

الأردن لم يتوقف يوماً عن تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ومنذ اليوم الأول لنكبة 1948، غير أنه كان دوماً يحسب حساب ردة الفعل الإسرائيلي في حال تجاوز الأمر ذلك إلى توفير قاعدة انطلاق للمقاومة الفلسطينية، وهو ما سبقت تجربته خلال الأعوام 1967 ـ 1970.

لذا، فقد حرصت عمان دوماً على وضع قاعدة راسخة لعلاقاتها مع مختلف الفصائل الفلسطينية تقوم على عدم ممارسة أي نشاط تنظيمي، أو اعلامي أو عسكري من على الأراضي الأردنية.. وهي السياسة التي ظلت ثابتة منذ العام 1970.

في الحالات الإستثنائية، يتوجب الإنحناء للريح، أو القفز مع الموجة الكبيرة، للحيلولة دون الوقوع جراء دفع الهواء أو تيار الماء الدافق.

في هذه المرة، تم التجاوز وغض النظر عن مسيرات شعبية غير مرخصة، ذلك أن الحكومة تدرك أن عواطف الناس الثائرة الغاضبة لا تنتظر صدور موافقة الحكام الإداريين كي يبدأوا بالتعبير عما يجيش في صدروهم من غضب.

اندلعت المظاهرات العفوية في الشوارع الأردنية، حالها حال البلدان العربية الأخرى.

والحكومة التي ارسلت قوات الشرطة والدرك لإنهاء الإعتصام المجاور لمقر السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان خلال، وبعد العدوان الإسرائيلي واسع النطاق على غزة قبل عام ونصف العام، ما أدى إلى وقوع اصابات في صفوف المعتصمين، والإعلاميين، لم تلجأ إلى منع محاولة ذات المعتصمين السابقين، تجديد اعتصامهم في عين المكان قرب مسجد الكالوتي، القريب من السفارة الإسرائيلية.

في المقابل، يبدو أن المعتصمين استفادوا من التجربة السابقة، حين قرروا أن يقتصر اعتصامهم على ساعة واحدة مساء كل يوم.
في حالات الجنوح الشعبي، حرصت الحكومات الأردنية دوماً على خلط اوراقها بأوراق الشعب الغاضب.
التفهم الأردني لغضب الأردنيين، يستدعي كذلك تفهماً غربياً للخطوة الحكومية إلى الوراء.

وما يؤدي إلى ذلك ـ دون جدل ـ قرار نقل مصابي العدوان الإسرائيلي لعلاجهم في المشافي الأردنية، وهؤلاء يوجد من بينهم العديد من الأوروبيين.

الأردن في مثل هذه الحالات يفعل ما يرغب في فعله.

أما فتح معبر رفح، فقد مثل مفاجأة مصرية حقيقية في ضوء اصرار الحكومة المصرية على ابقاء هذا المعبر مغلقاً حتى اثناء العدوان الإسرائيلي واسع النطاق على غزة، مطلع العام الماضي.

أكثر من ذلك، فإن مصر تقرر الآن فتح معبر رفح في وقت يقترب فيه مشروع بناء الجدار الفولاذي العازل لقطاع غزة، من تحت الأرض، على الإنتهاء.

الحالة المصرية، في ضوء التعنت الشديد الذي مارسته القاهرة خلال السنوات الماضية، يدعو لفهم أكثر دقة لدوافع هذا القرار المفاجىء.

لا جدال في أن جملة عوامل لعبت دوراً في انتاج هذا القرار، اهمها:

الأول: عدم قدرة الشعب المصري على تحمل المزيد من الممارسات الحكومية غير المفهومة أو المقبولة.
الثاني: معاناة الرئيس المصري من حالة صحية غير مطمئنة، قبل أن يتبلور لديه السيناريو الذي يجب اعتماده في نهاية الأمر لضمان خلافة سلسة لعهده.

الهجوم الإسرائيلي على سفن اسطول “الحرية لغزة”، أشعر نظام الحكم في مصر بأهمية الشعب المصري أيضاً في ضمان الخلافة السلسة للرئيس، وليس فقط دور العوامل الخارجية.

محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية احرجه العدوان الإسرائيلي أكثر من غيره، أو هكذا يفترض.

احرجه أكثر من غيره في ضوء التصريحات الرسمية الإسرائيلية بأنه مارس الضغوط على اسرائيل خلال عدوانها السابق على غزة كي تواصل الحرب على غزة حتى اسقاط سلطة المقاومة في القطاع.

مؤخراً طلب عباس من سفيره لدى منظمة اليونسكو العمل على تأجيل بحث موضوع القدس، ما يعني عدم صدور قرار عن المنظمة الدولية هذا العام، يؤكد مجدداً، كما في سنوات عقود سابقة من الزمن، يحظر اجراء أي تغيير في الطبيعة التراثية العربية الإسلامية للمدينة.

قرار يذكر بالقرار الذي أثار ضجة كبرى، حين أوعز عباس لسفيره لدى منظمة الأمم المتحدة في جنيف طلب تأجيل بحث تقرير لجنة غولدستون الذي يدين الممارسات الإسرائيلية خلال العدوان على غزة..!

غير أن ردة الفعل السريعة التي صدرت عن عباس في هذه المرة، وهو المعروف بتردده وتلكئه، وعدم تسرعه، توحي بأن الرجل سبق له أن وضع سيناريو مسبق لما يتوجب عليه فعله، فور بدء العدوان الإسرائيلي على سفن الأسطول..!!

فوراً بادر عباس إلى طلب عقد جلسة طارئة لمجلس جامعة الدول العربية، وإعلان الحداد على ضحايا العدوان الإسرائيلي لمدة ثلاثة أيام.

للتذكير، حين بدأ العدوان على قطاع غزة قبل سنة ونصف، انصب اهتمام وتركيز رئيس السلطة يومها على تحميل “حماس” المسؤولية عن شن اسرائيل لذلك العدوان..!!

غير أن أكثر ما يلفت ويثير الشكوك في هذه المرة هو البيان الذي اصدره محمد دحلان مفوض دائرة الإعلام في حركة “فتح” يعلن فيه اتخاذ قرار بإرسال عدد من اعضاء اللجنة المركزية لحركة “فتح”، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لإنجاز المصالحة الوطنية..!

هل تشكلت قناعة لدى السلطة بأن المصالحة الوطنية اصبحت تمثل الطريق لإستعادة سيطرتها على قطاع قطاع غزة..؟

وبعبارة أكثر وضوحاً: هل اعتقد الإجتماع المشترك للجنتين المركزية والتنفيذية الذي اتخذ هذا القرار، أن ضرب اسرائيل لإسطول “الحرية لغزة”، جعل غزة جاهزة لتسليم اوراقها لرام الله..



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165376

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165376 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010