الجمعة 4 حزيران (يونيو) 2010

عارهم في البحر

الجمعة 4 حزيران (يونيو) 2010 par زياد شليوط

“عارنا .. في الجزائر” صرخة أطلقها قبل نصف قرن تقريبا، الكاتب ذائع الصيت والفيلسوف الفرنسي، جان بول سارتر التي نتذكرها اليوم بعدما سجلت اسرائيل في ملفاتها الحافلة، ملفا جديدا شكل “فضيحة” أو “بهدلة” دولية بمعنى أدق، والتي يصح القول عنها “عارهم.. في البحر” وليعذرنا الفيلسوف سارتر على هذه الاستعارة.

وليت “عارهم” توقف عند البحر بل امتد الى البر، عندما شاهدنا باشمئزاز وقرف، ذلك المشهد من داخل الكنيست حين “تمرجل” بعض العنصريين الوضيعين من أعضاء الكنيست الصهيونيين على “النائبة” عليهم حنين زعبي، التي وقفت أمامهم بشموخ واباء، ومعها يساندها أعضاء الكنيست العرب من مختلف الكتل العربية ( ونصر أنها عربية)، ذاك المشهد الذي دل على أخلاقيات “الصهيونيين” المتزمتين لا فرق بين “ليكودي” أو “كاديماتي” أو “يسرائيلي”، كلهم تباروا فيما بينهم من يكون أكثر عنصرية ويمينية، هذه الكنيست التي طالب الوزير السابق يوسي سريد (أمس- هآرتس) بحلها لأنها شهدت انحدارا أخلاقيا لم يسبق له مثيل!

“عارهم في البحر”.. جاء مدويا بعد انكشاف مدى “الفضيحة” التي تورطوا فيها، وبدل أن يلجأوا للملمة “الفضيحة” افتعلوا فضائح جديدة في تبرير “عارهم” الجديد، الى درجة أن اعتبر مرة أخرى الوزير السابق يوسي سريد، أن السبعة الذين اتخذوا قرار غزو سفينة الحرية التركية هم سبعة “بلهاء”، في اشارة منه الى أعضاء اللجنة الوزارية السبعة المخولين باتخاذ قرارات أمنية.

أما صحيفة “هآرتس” وفي كلمتها يوم أمس الخميس، دعت نتنياهو الى تقليص مدى الأضرار الناجمة عن العملية بدل العناد على مواصلة نفس السياسة الفاشلة وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق رسمية ورفع الحصار عن غزة “نتنياهو وبراك، اللذان ربطا اسرائيل لصراع كرامة غبي مع حماس ومؤيديه وفشلا في الامتحان هذا الأسبوع.”

“عارهم في البحر”.. لم يستطع حتى أدباؤهم القوميون من استيعابه وهضمه، وخرجوا بمقالات وكلمات تدينه أو تنتقده في أحسن الأحوال. فهذا الأديب عاموس عوز يكتب عن منطق القوة التي تتبعه دولته اسرائيل “خلال ألفي عام، عرف اليهود قوة القوة فقط على ظهورهم، بضربات السياط. في عشرات السنوات الأخيرة، نمتلك القوة. وهذه القوة مرة تلو الأخرى تجعلنا سكارى. مرة تلو الأخرى نتوهم أن القوة تحل لنا أي مشكلة تعترضنا. من بيده مطرقة كبيرة يرى كل مشكلة كبيرة مسمارا، كما يقول المثل الشعبي.” ويرى الكاتب دافيد غروسمان أنه لا يمكن لأي شرح أن يبرر أو يجمّل الجريمة التي حصلت، وأي تبرير لا يمكنه أن يشرح “البلاهة” التي عملت بموجبها الحكومة والجيش. (هآرتس، 1/6/2010)
“عارهم في البحر” و“عارهم في الكنيست” و“عارهم في الاعتقالات” أثبت للمرة الألف وأكثر أن القضية تتلخص بالصراع القومي، أو كما عبر عنها الكاتب الاسرائيلي، نير برعام “الموضوع الحقيقي هنا هو اليهود والعرب في دولة اسرائيل.” (هآرتس 2/6/2010 ص5) وهذا ما ثبت مجددا في الكنيست حين تم طرد الأعضاء العرب دون تمييز بين تجمعي أو جبهوي أو اسلامي، فأعضاء الجبهة والحزب الشيوعي هم عرب وحركتهم عربية وان تواجد معهم حلفاء يهود.

وهذا ما ثبت في الهجوم العنصري البغيض على الصحافيين العرب أثناء تأديتهم واجبهم الصحافي والاعلامي. وهذا ما ثبت في الهجوم العنصري على كل عربي، فالصراع قومي من أساسه ومستمر حتى يومنا وبالتأكيد في المستقبل، ولن يكون عربيا – يهوديا في مواجهة الصهيونية، انما هو صراع عربي- يهودي بوجود حلفاء يهود مع العرب، كما يوجد حلفاء “عرب” مع الصهيونية، فلماذا الاختباء وراء مقولات مغلوطة ولا تصمد على أرض الواقع؟!
“عارهم في البحر” .. يوجب على فصائلنا واحزابنا وحركاتنا و“حكوماتنا” على الأرض أن تنتبه وتتنبه للمخاطر المحدقة القادمة من البحر، وأن تعمل ما يجب عمله وأن تتعالى عن خلافاتها الصغيرة، لتقف سدا منيعا أمام الأخطار المحدقة بها، فالفرقة والشرذمة أكبر عدو لها/ لنا، فالوحدة هي السلاح الأقوى للوقوف في وجه التحديات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165599

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165599 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010