الخميس 22 كانون الأول (ديسمبر) 2011

سيلفاكير ونخب التطبيع

الخميس 22 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par أمجد عرار

عندما تحدّثت الصحافة «الإسرائيلية» عن زيارة سيقوم بها رئيس دولة الانفصال الجنوبي عن السودان سيلفاكير إلى «إسرائيل»، بدا الأمر أشبه بتسريبات اعتدنا عليها من الإعلام، أو بفبركات باتت كلمة سر العصر الإعلامي الحديث. ليست خلفية هذا الانطباع أن العلاقة بين «إسرائيل» وهؤلاء مستبعدة أو وجود مشترك «البراءة» بين «إسرائيل» والذئب في واقعة انفصال الجنوب السوداني وكذبة «الجب». إذا كان من تصنيف تلك الأنباء فهو السرعة، إذ لم يكن أشد المتوقّعين لعلنية العلاقة الوثيقة بين الانفصال والاحتلال، يتوقّعونها بهذه السرعة. ها هو سيلفاكير لا يكتفي بزيارة هذا الكيان الغاصب، بل يذهب إلى القدس المحتلة ويلتقي كل الذين كانوا بانتظاره في زهرة مدائن العرب والمسلمين، لكي يشرب نخب الهدف الصهيوني المسجّل في مرماهم جميعاً.

عندما كانت المعركة بين شطري السودان على جبهة الانفصال، كانت اليد «الإسرائيلية» خفية، كانت بالنسبة للبعض فرضية وللبعض الآخر كذباً وافتراء.

الآن وقد تحقّقت زيارة رئيس الدولة الجديدة التي حظيت باعتراف الأمم المتحدة بعد ساعات على إعلانها، يقف هذا السيلفا ليقول لشريكه في «شرب النخب» شمعون بيريز «لولاكم لما كانت دولتنا تأسّست. لقد ناضلتم إلى جانبنا من أجل إقامة دولة جنوب السودان». لم يكن هذا «النضال» معلناً في حينه يا سيلفا، كنتم تغلّفون قتالكم وتسليحكم وغرز خناجركم في جسد السودان بقشرة الحقوق وتستغلون السياسات الخرقاء ونزعات التعالي والتهميش التي أظهرتها حكومات الخرطوم المتعاقبة، لكي تُظهروا حركتكم باعتبارها تدافع عن حق تقرير المصير لشعب، لكنكم اليوم تنفثون سماً مخبوءاً وبهذه السرعة في جسد فلسطين عندما تصفون الاحتلال بالنموذج الناجح. ما مظاهر النجاح التي ترونها في قوة غاشمة؟ إن نجاح هذا النموذج في مظهره الاحتلالي والاستيطاني جاء على حساب أرض الفلسطينيين والعرب وممتلكاتهم ودمائهم. ما من مستوطنة علت مبانيها إلا وجبلت بدماء الفلسطينيين وأحرار جاءوا من أصقاع الدنيا كلها، إلا من بلاد العرب والمسلمين، للدفاع عنها، وبعضهم قدم الجسد طعاماً لشهية جرافات هذا النموذج وآلياته وترسانته المدجّجة بالسلاح وغريزة القتل والعنصرية.

عن أي مساعدة تبحثون في «إسرائيل» فيما أنتم في مرحلة الطوابق تحت الأرضية لدولتكم؟ «إسرائيل» لا تدفع مساعدات لأنها تتلقى مساعدات وأحياناً «تشحذ». عن أي تعاون تبحثون؟. ليس سوى التعاون الأمني ما تفهم به «إسرائيل» حصيلة سبعة عقود من العدوان على العرب. هل تنشئون لها قواعد عسكرية وشبكات أمنية تحاصرون بها الشمال ومصر الثائرة؟

نعرف أنكم ستقيمون سفارتكم في القدس رداً للكيان على «جميل» دعمه لانفصالكم، ونعلم أنكم تقدّمون، بدوركم، نموذجاً تشجيعياً لكل مؤامرات التقسيم والتفتيت التي تنهش الجسد العربي، فيما العربي «لا يهش ولا ينش». لقد أخذتم حصتكم من جسد السودان في زمن عربي هو الأردأ، فلا تحضروا الدب «الإسرائيلي» إلى كرمكم ليستخدمه قاعدة للعدوان والعبث بأمن العرب وغير العرب. سفارتكم في القدس ستكون إعلان حرب على عروبتها وإنسانيتها.

سيد سيلفاكير، إذا كان من «فضيلة» في زيارتكم هذه، وفي سفارتكم القادمة في القدس، فهي أنكم عرّيتم كل من ضلّلته الغيمة الحقوقية ليكون شريكاً في الجزء الثاني من مسلسل التقسيم في بلاد العرب الذين أمطروا الدنيا كلها شعراً وحكماً وأمثالاً، وهم القائلون إن «أول الغيث قطرة».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165992

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165992 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010