الثلاثاء 20 كانون الأول (ديسمبر) 2011

تركيا تكسب المزيد من الأعداء إقليمياً

الثلاثاء 20 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. محمد نور الدين

لفت الإعلان العراقي الرسمي عن إجراءات منع سفر نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بتهم متعددة. كما لفت موقف رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي المنتقد لموقف رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي المؤيد للنظام في سوريا.

المواقف العراقية هذه جاءت من جانب «اللوبي التركي» في العراق، وفي مقدمهم الهاشمي والنجيفي. وهؤلاء كانوا دائما ينسقون مواقفهم مع أنقرة إلى درجة تلقي الأوامر من وزارة الخارجية التركية أحيانا عبر الهاتف الخلوي. هذا ما تؤكده مصادر موثوقة عراقية وتركية.

من هنا يفهم ما صرّح به المالكي مؤخرا إلى صحيفة «وول ستريت جورنال» أثناء زيارته إلى واشنطن من أن الخطر على العراق ليس من إيران بل من تركيا التي تتدخل في الشؤون الداخلية للعراق، ومن أن تركيا تتدخل في الشأن الداخلي العراقي بواسطة بعض المجموعات والسياسيين وعبر سفرائها وهو ما يرفضه العراق.

الموقف العراقي من أنقرة يرسم خريطة جديدة للعلاقات الإقليمية، ويوسع دائرة المعارضين للسياسات التركية في المنطقة.

الانسحاب الأميركي من العراق من دون أية مكاسب يتركها خلفه يعني انهيار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، تقول نوراي ميرت في صحيفة «ميللييت» كما انه يرسخ قناعة بأن إيران هي التي تخلف الأميركيين في النفوذ في العراق.

حلول إيران محل أميركا في النفوذ في العراق تعتبره أنقرة هزيمة لها، بعد أن خرجت من العراق على يد الأميركيين أنفسهم منذ بداية الاحتلال. وعدم مشاركة تركيا في احتلال العراق اعتبره لاحقا رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خطأ وندم عليه. وقد حاولت أنقرة قبل سنة تقريبا أن «تلعب» بالتوازنات في العراق لغير مصلحة النفوذ الإيراني، وفشلت عندما لم تنجح جهودها لمنع وصول نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة ولا جلال الطالباني إلى رئاسة الجمهورية، في ما وصفته حينها الكاتبة التركية أصلي آيدين طاشباش، بأنه «سياسة سنية» تركية في العراق حاول اردوغان التعويض عنها بزيارة لبنان في خريف العام الماضي للرد على زيارة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد والتعويض عن الإخفاق في رسم الزعامات العراقية الجديدة.

لكن هذه السياسة أيضا فشلت، إذ بعد أقل من شهرين من تلك الزيارة، التي تجاهل خلالها القيادات السنية الأخرى مثل الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي، كان حليفه الرئيس سعد الحريري خارج السلطة.

الموقف العراقي منذ بدء الأزمة السورية شكل انعطافة ضد ما كانت تركيا تطمح إليه، وهو أن يكون العراق ساحة لنفوذها أو على الأقل ساحة تتوازن فيها عوامل النفوذ مع إيران والسعودية. وفي هذا الإطار وقّعت تركيا اتفاقية إقامة مجلس التعاون الاستراتيجي مع العراق، الذي اجتمع رؤساؤه ووزراؤه من الطرفين، لكن الاتفاقية نفسها لم تمر بعد في البرلمان العراقي وقد لا تمر أبدا بعد التباين بين بغداد وأنقرة في الملفات الثنائية والإقليمية.

يقول سميح ايديز في «ميللييت» إن الاستياء من تركيا بدأ يتكاثر في منطقة الشرق الأوسط، بل إن عدم مشاركة تركيا في اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قبل أسبوع لم يكن بسبب «الفيتو» القبرصي فقط، بل لأن الدول العربية ولا سيما الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ضغطوا لأنهم يريدون للموقف العربي أن يكون موحدا.

ويرى ايديز أن موقف العربي كان موقفا مصريا، حيث إن مصر تشعر بعدم الارتياح من الدور الذي تضطلع به تركيا في المنطقة. بل إن رفض النموذج التركي واعتباره غير مناسب لمصر هو من الموضوعات المنتشرة في النقاش الداخلي في مصر.

أما بالنسبة لسوريا، فإن اتهام تركيا بالتدخل في شؤونها الداخلية لا يقتصر على السوريين بل إن إيران والعراق يقولان ذلك أيضا، ويتهمان أنقرة بدعم المعارضة المسلحة السورية ومدّها بالسلاح.

وبسبب المسألة السورية والدرع الصاروخي والصراع السني - الشيعي فإن العلاقات التركية - الإيرانية لا تمضي في الاتجاه الصحيح، بل إن من اكبر القادة العسكريين الإيرانيين من يهدد تركيا بضرب الدرع الصاروخي في ملاطيا. كذلك ينتقد الإيرانيون بشدة تركيا لأنها تسعى إلى تصدير «الإسلام الليبرالي».

ويقول ايديز انه رغم الجهود لاستمرار العلاقات الجيدة بين طهران وأنقرة، وحصرها في إطار التنافس، فإن استمرار التوجس من تركيا سيبقي العلاقات في إطار التوتر العالي. ويضيف انه في ظل هذه التوترات، يعلن الجيش التركي انه سيتخذ التدابير العسكرية اللازمة تحسبا لأي سيناريو، ولكن في حال نظرنا إلى القوى التي تعارض تركيا، وتدعم الرئيس السوري بشار الأسد فإنه من غير المؤكد أن النظرة السلبية إلى تركيا في حال سقوط الأسد سوف تختفي. ولا يتطلب الوصول إلى هذه القناعة الكثير من الجهد أو الصعود إلى رأس تلة عالية لرؤية ذلك.

ويتابع ايديز إن الانطباع السائد بأن تركيا مطلوبة ومحبوبة في المنطقة، ليس كذلك على أرض الواقع. وقال إن «تركيا تكسب أصدقاء جددا في المنطقة، كما تؤسس روابط اقتصادية جديدة. هذا جيد»، لكن في الوقت عينه، يلفت ايديز الانتباه إلى أن الأصوات، في المنطقة عموما، بدأت تعلو استياء من تركيا لهذا السبب أو ذاك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165422

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165422 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010