الاثنين 12 كانون الأول (ديسمبر) 2011

حرب الأدمغة على خط الزلازل!

الاثنين 12 كانون الأول (ديسمبر) 2011 par د. محمد صادق الحسيني

فجأة يظهر السيد نصر الله مبهراً جمهوره كما العدو في حضوره مراسم عاشوراء في شوارع الضاحية ليتحدث إليهم لبضع دقائق، ليس فقط ليبعث رسالة تحد للعدو وهو يغطي سماء لبنان بسرب من طائراته قائلاً له إننا نتسلح أكثر فأكثر، بل وليهزأ من أعتى قوة استخبارية في العالم وهي الـ «سي آي إيه» واصفاً إياها بالمخبر الصغير الذي يعمل لدى (الموساد) «الإسرائيلي».

ثم فجأة أيضاً ما هي إلا أيام حتى يكشف قسم مكافحة التجسس في أمن المقاومة عن الشبكة الكاملة لمحطة عوكر للجاسوسية في لبنان بتفصيل الأسماء والتواريخ!

وفجأة أيضاً تسقط اخطر طائرة تجسس أمريكية استخباراتية من دون طيار من نوع «ال كيو 170» في شباك امن استخبارت الحرس الثوري ليتم إنزالها من أعالي السماء الإيرانية على صحراء طبس حيث تحطمت عملية كارتر الشهيرة لتحرير الرهائن الأمريكيين، وذلك على نحو 250 كيلومتراً من الحدود الشرقية لإيران مع أفغانستان!

وفجأة أيضاً وأيضاً يظهر عميل الـ «إف بي آي» الأمريكي الجنسية الذي اختفى في جزيرة كيش الإيرانية الحرة روبرت ليفنسون في العام 2007 نعم يظهر على شريط فيديو تقول عائلته أنها تحتفظ به وهو يناشد الحكومة الأمريكية لإطلاق سراحه من أيدي خاطفيه الذين لا يعرفهم!

وفجأة كذلك يتأجل اجتماع وزراء الخارجية العرب حول سورية الى الأسبوع المقبل بعد زيارة مفاجئة أيضاً وغير مسبوقة لأمين عام الجامعة العربية الى بغداد خاطباً ودها وطالباً منها التوسط لدى دمشق!

وفجأة أخرى يقول رئيس الاستخبارات السعودي تركي الفيصل لا نريد ليبيا أخرى في سورية!

وفجأة أيضاً وأيضاً يظهر تصريح ودود وودود جداً من حاكم دبي الشقيقة ليذكر العالم ما ظلت تؤكد عليه طهران «بأنها لا تسعى لأي تسلح نووي وان إيران دولة مسلمة شقيقة وجارة لابد من الاهتمام بها والتعاون معها بأحسن ما يكون»!

وأخيراً وليس آخراً وفجأة أيضاً وأيضاً يظهر تصريح لبرهان غليون رئيس المجلس الوطني يطالب فيه بوقف الهجمات المسلحة على الجيش السوري منعاً لما سماه البعض عسكرة الانتفاضة.

البعض عزا كل تلك المفاجآت الى الضربات المدوية التي وجهها كل من إيران و«حزب الله» لمنظومة الاستخبارية الأمريكية في المنطقة وما تلاها من سقوط ذريع غير مسبوق لتلك المنظومة واذرعها المحلية في حرب الأدمغة وكذلك على ما وقع بيد دمشق من معلومات خطيرة عن تورط قوى إقليمية في الحرب عليها ما جعل خصمهم يحصل على صيد ثمين ومعلومات قيمة تتطلب من الطرف الآخر مراجعة كافة خططه وحساباته السابقة!

لكن هذا بحد ذاته كما يضيف العارفون بخفايا الأمور قد يدخل المنطقة على خط الزلازل هذه المرة لاسيما بعد سفر الهروب الأمريكي الكبير من العراق وما ينتظر أن تكشف عنه كل من بغداد وطهران في بداية السنة الميلادية الجديدة من أسرار وصول إمبراطورية الشيطان الأكبر الى شفير الهاوية!

في هذه الأثناء ثمة من يحذر في طهران بقوة من اللجوء الى خيارات مسعورة مثل تلك التي يروج لها نتنياهو أي إسقاط نظام دمشق عن طريق حرب إقليمية شاملة بدلاً عن خيار الانتفاضة المسلحة الذي فشل فشلاً ذريعاً ويدعو الى قراءة متأنية وعاقلة لما يجري من تبدلات جذرية في موازين القوى الدولية أفضت الى أفول نجم الأحادية الأمريكية واحتمال انفجار الاتحاد الأوروبي من الداخل كما جاء على لسان ساكن الاليزيه الحالم بزعامة أوروبا المتهاوية على خلفية اقتصاد عالمي يتفتت!

ويعزو إصرار كل من موسكو وبكين على الوقوف بحزم الى جانب سورية الأسد والتصدي لأي خيار عسكري ضد دمشق الى هذا التبدل كما يقول خبراء إيرانيون لصيقون بالقيادة الإيرانية العليا!

وهنا لا يفوت طهران من أن تنبه بعض أصدقائها كما بعض خصومها من مساوئ قراءة سياساتها خطأ واتهامها باطلاً بأنها لا تقف مع ثورات شعوب المنطقة او أنها تميز فيما بينها لتؤكد بان المهم فيما يجري ليس النوايا وإنما نتائج اتخاذ هذه السياسة او تلك!

وتعتبر طهران بان المعيار الوحيد الذي يحمي الجميع في هذا السياق وفي ظل محاولة واشنطن لخلط أوراق الثورات العربية والإسلامية هو أن تكون مع فلسطين وقوى المقاومة او تكون مع من يعتبر «بان شعب فلسطين شعب مختلق ومجموعات إرهابية وضعت بوجه «إسرائيل»» كما جاء على لسان المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية غينغريش!

فالثورة والثوار اليوم في مفترق طرق كما تقول طهران فإما أن تكون مع سلاح المقاومة علناً او أنك ستضطر حتماً للوقوف الى جانب مرشح الرئاسة الأمريكي الآنف الذكر!!

ومن ثم فان أي وصفة مهما كانت سحرية عن العدالة والتنمية او الحرية او الديمقراطية لا معنى لها دون هذا الانتخاب أولاً!

وان التمترس خلف الطوائف او المذاهب او حتى الحديث باسم الدين مهما كان بليغاً في شرح الحريات وحقوق الإنسان والديمقراطية يبقى حبراً على ورق إذا لم يتماه مع الدفاع بالمطلق ودون شروط عن عودة فلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر لأهلها الحقيقيين وهذا لن يتم إلا بإشهار موقف الدفاع عن سلاح المقاومة وتعميم ثقافتها والتبرؤ من الفرنجة الذين يتمترسون خلف أسوار عواصمنا لنزعنا إياه!

أما أن تستقوي بالأجنبي على أهلك ووطنك وتسلمه عرضك وأرضك مقابل سلطة زائلة ولو بالحرب الأهلية او قتل ثلث شعبك او ثلاثة أرباعه ربما، فهذا ما لا يمكن أن تجمع عليه الجماعة الوطنية في أي مكان كان لا في سورية ولا في غير سورية بالمطلق!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165277

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165277 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010