الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2011

جنون وحماقة العقوبات

الجمعة 9 كانون الأول (ديسمبر) 2011

ثمة اعتقاد سائد لدى العديد من الناس بأن العقوبات تشكل وسيلة فعالة للتشجيع على تغيير السلوك في بلد آخر بدون اللجوء إلى الحرب. غير أن الواقع هو أن العقوبات والمحاصرات ليست بمثابة أعمال حربية، حسب القانون الدولي، فحسب، بل هي في غالب الأحيان، الخطوة الأولى باتجاه حرب فعلية، تبدأ بحملة من القصف الجوي والصاروخي. فالعقوبات كانت الخطوة الأولى في حربينا في العراق وليبيا، والعقوبات الإضافية التي يتم الإعداد لها اليوم ضد سوريا وإيران، تسير في الاتجاه التدميري نفسه.

التقرير الأخير الذي صدر الشهر الماضي، عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم يتضمن أي دليل على أن إيران أقدمت على تحويل برنامجها النووي باتجاه إنتاج سلاح نووي. ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، تنص على أن لإيران الحق الكامل في تطوير الطاقة الذرية لأهداف سلمية. والمؤسف هو أن السياسة الخارجية الأميركية قد دفعت بإيران وحشرتها في زاوية، لدرجة تحمل على الاعتقاد بأن تطوير سلاح نووي هو السبيل الوحيد للحفاظ على السيادة ـ وإيران محاطة بقوى نووية غير صديقة، كما ان التاريخ أثبت ان امتلاك سلاح نووي هو السبيل الأفضل لتفادي القصف أو الاجتياح. والنتائج غير المقصودة لسياساتنا الاستفزازية تجاه إيران، قد تكون محفزّاً لها من أجل السعي للحصول على قدرات نووية. ولذلك يجدر بنا استخدام الدبلوماسية بدلاً من التهديد والوعيد.

ولحسن الحظ، ثمة سبيل آخر. فما من شيء يروّج للسلام أكثر من التجارة الحرّة. فعائدات التجارة أكبر بكثير من مردود الحرب. وما يثير المخاوف، هو أن مزحة العقوبات الجديدة التي يتم الإعداد لها اليوم ضد إيران، من شأنها إلحاق الضرر الشديد بشركائها، بمن فيهم الصين وروسيا، وحتى بعض حلفاء الولايات المتحدة في حلف الناتو، مثل ألمانيا.

على العكس من ذلك، فإن العقوبات تسمح للأنظمة المستهدفة بتوجيه اللوم إلى الأجانب، واتهامهم بأنهم يقفون وراء كل ما تتعرض له شعوبها من ضيق، وبالتالي بالاحتفاظ بقبضتها القوية على السلطة، وبتوحيد الناس ضد عدو خارجي، ومنع أي انشقاق داخلي. وخير دليل على ذلك ما حصل مع جارتنا كوبا.

من المفروض ان يكون الأمر واضحاً بالنسبة إلينا. فالعقوبات ضد إيران هي عبارة عن خطوات مؤكدة باتجاه هجوم أميركي. وقد بدأنا، بالفعل، نشاهد سفناً حربية أميركية، تقترب من المنطقة، وتتحرك بشكل استفزازي وخطير، بالقرب من المياه الإقليمية السورية. والعقوبات المشددة، قيد الدرس في الوقت الراهن، من شأنها أن تعرقل التجارة العالمية، وأن تلحق ضرراً فادحاً باقتصاد الولايات المتحدة، وبالتالي في أمنها القومي.

والشركات الأجنبية، فروع الشركات الأميركية في الخارج، سوف تواجه عقوبات صارمة إذا لم تذعن لمقتضيات الحصار التجاري الأميركي المفروض على إيران.

لذلك، علينا تغيير سياستنا الخارجية، واستبدالها بسياسة الدبلوماسية والحرية الاقتصادية. وهذا هو السبيل الأوحد للترويج للسلام والازدهار والنهضة. وهذا السباق المحموم نحو الحرب ضد إيران وسوريا، هو ضرب من ضروب الجنون والحماقة والخطورة.

- [**«رون بول»، عضو الكونغرس الأميركي.*]

- [**ترجمة : جوزيف حرب.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2178566

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2178566 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40