الاثنين 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

«إسرائيل» تجري إلى حرب

الاثنين 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par علي جرادات

بحماية من دول غربية عظمى، وقفت على رأسها بريطانيا ثم أمريكا، ظلت «إسرائيل»، على عكس بقية دول العالم، «دولة» فوق القانون، ما وفر لقادتها فرصة التصرف، سياسياً وعسكرياً وأمنياً، كقادة عصابة لم تطلهم يد العدالة على ما ارتكبوه، ومازالوا يرتكبونه، من فظاعات وجرائم حرب موصوفة، ضد الشعب العربي الفلسطيني وبقية الشعوب العربية ودولها، عدا ما اقترفوه من اعتداءات ومؤامرات، معلنة تارة، ومستورة تارة أخرى، ضد دول وقوى «شرق أوسطية» غير عربية.

واليوم، علاوة على ما تقوم به حكومة نتنياهو - ليبرمان الفاشية من توسيع وتكثيف لعمليات الاستيطان والتهويد والحصار والتدمير والقتل والاعتقال في الضفة والقدس وغزة، فإن «إسرائيل»، وبسبب ما تشهده منطقة «الشرق الأوسط» عموماً، والمنطقة العربية خصوصاً، من تحولات استراتيجية، تعيش حالة قلق غير مسبوقة، يعكسها تسابق قادتها، سياسيين وعسكريين وأمنيين، على إطلاق تصريحات علنية، تهدد بشن المزيد من الحروب والاعتداءات. فمن تصريحات متواترة، تنذر العالم، (إن هو لم يفعل اللازم ضد إيران)، بشن هجوم على مفاعلاتها النووية، إلى تصريحات، ما انفك يطلقها رئيس هيئة أركان الحرب، بيني غانتس، وجنرالات آخرون، يعلنون من خلالها نيتهم شن عدوان واسع النطاق ضد قطاع غزة، إلى تصريحات أطلقها الوزير ميتان فيلنائي، المسؤول عن حماية الجبهة الداخلية، ونائب وزير حرب سابق، قال فيها : إن وزارته تبذل مجهوداً كبيراً وتوظف أموالاً طائلة من أجل إجراء الاستعدادات والتحضيرات في الجبهة الشمالية تحسباً لنشوب حرب أخرى مع «حزب الله»، مؤكداً أن «إسرائيل» ستعرف في هذه المرة كيف تتعامل مع هذه الحرب بشكل أفضل مما كان عليه الحال في الحروب السابقة، إلى تصريحات أطلقها عضو لجنة الخارجية والأمن التابعة «للكنيست»، ووزير حرب سابق، بنيامين بن أليعازر، أعلن من خلالها عن عدم استبعاد إمكان نشوب حرب مع مصر مستقبلاً، ذلك في ضوء ما تشهده هذه الدولة العربية المركزية من تحولات، تثير عدم يقين قادة «إسرائيل» حول مستقبل «معاهدة السلام» المعقودة معها منذ عام 1979، ما يفسر ما قاله أيضاً رئيس أركان الحرب في اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة «للكنيست» : «إن الحدود مع مصر، وإن كانت لم تتحول إلى حدود مع عدو بعد، فإنها أصبحت حدوداً ذات خطر يزداد»، ما اقتضى اعتبارها حدوداً مغلقة حتى نهاية عام 2012، الموعد المفترض أن ينتهي فيه بناء جدار أمني عازل على طول هذه الحدود، فضلاً عن مباشرة إنشاء كتيبة لجمع المعلومات الاستخبارية الجديدة، على هذه الحدود، وعلى جزء من الحدود مع الأردن أيضاً، وفي السياق ذاته، قال عوزي ديان، الذي شغل منصب رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، ونائب رئيس أركان أسبق: «إن ما يحصل في مصر يستدعي الاستعداد للوضع الأسوأ، وهو الأكثر احتمالاً، من خلال العمل على إعداد قوة تدخل سريع، لا بد أن تضطر إلى التدخل بما يحصل في سيناء، وتشتمل على سلاح الطيران وقوات برية، وذلك لمواجهة وضعٍ لا تكون فيه سيناء خالية من القوات المصرية».

هذا مجرد غيض من فيض التصريحات القيادية «الإسرائيلية» العلنية، التي تنذر بشن المزيد من الحروب والاعتداءات. في ضوء ما تعكسه هذه التصريحات من حالة قلق وذعر وسعار وتوتر تسكن العقل القيادي في «إسرائيل»، وتستحوذ عليه، سياسياً وعسكرياً وأمنياً، يثور السؤال : هل تسير «إسرائيل» حقاً نحو حرب جديدة؟

إن كانت «الحرب امتداداً للسياسة ولغة عنيفة لها»، وهي كذلك بامتياز، يصبح القبض على الدوافع السياسية الكامنة خلف هذه التصريحات، هو الأهم في قراءة راهن الحالة «الإسرائيلية»، وفي استشراف مآلها المُرجح. بعيداً عن التهويل أو التهوين، وبعيداً عن الأبيض والأسود من الإجابات، فإن كل التحليلات «الإسرائيلية» الداخلية، السياسية والعسكرية والأمنية، تشير إلى أن قادة «إسرائيل» يعيشون فعلاً حالة سياسية غير مسبوقة من القلق والذعر والتوتر والسعار، بسبب ما تشهده المنطقة من تحولات استراتيجية. هنا، وبما أنهم، بسبب ما خلقوه، وتربوا عليه، من نظام سياسي عدواني توسعي، أبعد ما يكونون عن مواجهة هذه التحولات باللجوء إلى خيار التسويات السياسية، فإنه لا يتبقى أمامهم، والحالة هذه، سوى مواجهة هذه التحولات بالإعداد والاستعداد لشن المزيد من الحروب، بمعزل عن متى وأين؟

وبما يدعم هذا السياق من التحليل لراهن الحالة «الإسرائيلية»، فإن من الأهمية بمكان الإشارة إلى :

[****] أولاً : أن ما يطلقه قادة «إسرائيل» من تصريحات علنية تشي بالنية والاستعداد لشن المزيد من الحروب والاعتداءات، ما هي إلا مجرد إشارة إلى ما يدور من مداولات سياسية وعسكرية وأمنية في الغرف المغلقة لصنع القرارات الاستراتيجية.

[****] ثانياً : أن هذه التصريحات العلنية مع ما تشير إليه من مداولات الغرف المغلقة، لا تتم بمعزل، بل بالتنسيق السياسي والعسكري والأمني الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية أخرى، تعيش بدورها حالة قلق على مستقبل نفوذها في المنطقة، بسبب ما تشهده من تحولات تهدد مصالحها، وفي مقدمتها حماية «إسرائيل»، وتعزيز تفوقها على ما عداها من دول المنطقة وقواها.

[****] ثالثاً : أن هذه التصريحات العلنية الصادرة عن قادة «إسرائيل»، ناهيك عن مداولاتهم السرية، حول النية والاستعداد لشن حرب جديدة في المنطقة، هي ليست تصريحات صادرة عن قادة دولة طبيعية، لم تعرف الحروب في حياتها، أو تخشى، وتأخذ في الاعتبار، إن هي أقدمت عليها، لهذا السبب الطارئ والاستثنائي أو ذاك، القانون الدولي، وما يفرضه عليها من التزامات وقيود، بل صادرة عن «دولة» احترفت، وما تزال تحترف الحروب وترفض التسويات السياسية، وتتعامل مع نفسها، وتتعامل معها دول غربية عظمى، بقيادة الولايات المتحدة، على أنها دولة فوق القانون.

على ما تقدم، هل من التعسف القول: إن «إسرائيل» تجري إلى حرب؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2160615

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2160615 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010