الاثنين 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

ماذا فعل العربان للقدس مقابل ما فعلوه للثورات العربية؟!

الاثنين 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par د. محمود البطل

يعلن الكيان الصهيوني وبكلٌ وضوح بأنٌ القدس عاصمته الأبدٌية، ضارباً وكما عوٌدنا دائماً بعرض الحائط كلٌ القوانين والقرارات الدوليٌة، التي لا تعترف بالإجراءات الصهيونيٌة بحق القدس وغيرها من الأراضي الفلسطينيٌة والعربيٌة المحتلٌة منذ العام 1967، ولكنٌ هذه القوانين والقرارات الدوليٌة تظلٌ حبراً على ورق طالما أنٌها لا تجد من يدعمها بالشكل الذي تصبح فيه قادرة على إجبار الكيان الصهيوني الدخيل على الالتزام بالشرعية الدولية والامتثال لها.

ولأنٌ العرب والمسلمين هم أوٌل من يجب عليه الاستنفار من أجل نصرة القدس والأقصى، الذي بارك الله عزٌ وجلٌ حوله في كتابه الكريم، نجد أنٌ ما يحدث على الأرض هو العكس تماماً، ويبقى نداء القدس والأقصى المبارك المستغيث لا يجد من يغيثه حتٌى كتابة هذه السطور.

تهوٌد أحياء المدينة المقدٌسة العربيٌة، يطرد أبناءها العرب، تدنٌس مقابرها الإسلاميٌة، يحفر المحتلٌون على مدى أعوام ولا يزالون في أساسات المسجد الأقصى (بحثاً عن هيكلهم المزعوم) الذي على وشك أن ينهار من تأثير هذه الحفريٌات المستمرٌة حتٌى اليوم ولا نجد في الطرف المقابل أيٌة ردٌة فعل حقيقيٌة من العرب والمسلمين.

كلٌ يوم تعلن حكومة الاحتلال الصهيوني خططاً لمزيد من الاستيطان على الأرض الفلسطينيٌة المحتلٌة، ينتقد البعض من العرب بخجل بينما يذهب عرب آخرون للصمت وكأنٌ ذلك لا يعنيهم لا من قريب ولا من بعيد، وعلى الأرض يسير كلٌ شيء حسب المخطٌط الصهيوني.

هنا وجب التساؤل عن سرٌ هذا الصمت المريع لأنظمة تدٌعي العروبة والإسلام على كلٌ هذه الجرائم التي يرتكبها الكيان الغاصب بحقٌ القدس والأقصى، بحقٌ فلسطين وأبناء فلسطين، عن شلل الجامعة العربيٌة الكلٌي وفقدانها لأدنى مقوٌمات الحسٌ العربي في تعاملها مع الموضوع الفلسطيني، تاركة الباب مفتوحاً على مصراعيه للولايات المتٌحدة الأمريكيٌة (الداعم والمموٌل الأساسي للكيان الصهيوني) في رسم الحلول المناسبة للغرب وللكيان المحتلٌ على حساب الفلسطينيين والعرب والمسلمين.

ومع مطالعتنا لسيرة هذه الجامعة والدول المتمثٌلة فيها نجد أنٌ هذه الهيئة قد تحوٌلت ومنذ زمن بعيد إلى أداة خطيرة يستخدمها الغرب عند الضرورة لتمرير سياسته في هذه المنطقة الهامٌة من العالم (إحتلال العراق، ضرب ليبيا، والآن تهيئة الظروف للتدخٌل في سورية)، وأما فلسطين والقدس والأقصى المبارك فإنٌ جدول أعمال هذه الجامعة، المشغولة حتٌى اخمص قدميها بتنفيذ السياسة الغربيٌة في منطقتنا العربيٌة، لا يتٌسع لأيٌ بند قادم من فلسطين أو القدس أو غزٌة، ولا يتٌسع لايٌ معاناة يعيشها الأقصى.

إنٌ العرب يملكون إمكانيٌات هائلة وقادرة إذا ما استخدمت لخدمة القضايا العربيٌة، وعام 1973 مازال ماثلاً للعيان وشاهداً على قدرة العرب مجتمعين على فرض ما تمليه عليهم مصلحة شعوبهم وإجبار الغرب على الرضوخ للمطالب العادلة العربيٌة إبٌان حرب تشرين الأول في الـ 73 (في هذه الحرب توحٌد العرب وشاركوا جميعاً في المعارك ضدٌ الكيان المحتلٌ في فلسطين، كما واستخدموا للمرٌة الأولى سلاح النفط ضدٌ الدول المؤيٌدة آنذاك للمحتلٌ).

لقد كان استخدام النفط كسلاح في الصراع إنجازاً بحدٌ ذاته، عدٌل موازين القوى مع العدوٌ وأتاح للعرب فرصة إعادة ردٌ الاعتبار بعد الهزيمة التي لحقت بهم في العام1967، أجبر الغرب والولايات المتٌحدة بشكل خاص على محاولة إعادة ترتيب الأوٌليٌات في تعاملها مع «الشرق الأوسط».

للأسف لم تطول فرحة العرب طويلاً حينما حدث الاختراق الكبير في اتفاقيات كامب ديفيد، التي مهٌد لها السادات بزيارته للكيان الصهيوني في 2.11.1977 وكرٌت السبحة بعدها لتطال الأردن الذي وقٌع الإتفاقيٌة الثانية مع العدوٌ، بعد ذلك تسارع الكثر من الأنظمة العربيٌة لمد الجسور الإقتصاديٌة والسياسيٌة مع هذا الكيان الغاصب (دول الخليج، المغرب موريتانيا) في الوقت الذي يستبيح فيه هذا العدوٌ الصهيوني القدس والأقصى، ويشرٌد الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني منذ العام 1948.

ونشاهد اليوم الحراك غير المسبوق للجامعة العربيٌة في الملف السوري وحرصها المزعوم على الشعب السوري واجتماعاتها التي لا تنقطع من اجل إفساح المجال للتدخٌل الغربي في الشؤون السوريٌة على غرار ما فعلت بليبيا، أمٌا القمع الذي لا ينقطع بحقٌ الشعب الفلسطيني والمستمرٌ منذ العام 1948 فلا يستحقٌ لأيٌ وقفة جادٌة من هذه الجامعة، التي أصبحت وبحقٌ نادي لعملاء الغرب وعشٌاق الكيان الغاصب على أرض فلسطين.

إنٌ الشعوب العربيٌة مطالبة اليوم بنصرة فلسطين وشعب فلسطين، بنصرة القدس والأقصى بعد أن تخلٌت عنهم جامعة التآمر العربيٌة، بالتظاهرات والإحتجاجات أمام مقرٌات هذه الجامعة في كلٌ الدول العربيٌة وتذكيرها بانٌ فلسطين هي ضمير العرب والمسلمين، من أجل تجنيد كلٌ الإمكانيٌات العربيٌة وشحذها بهدف تحرير القدس والأقصى من براثن العدوٌ الصهيوني الغاصب والجاثم على قلب العرب في فلسطين.

إنٌ فلسطين والقدس والأقصى هم الذين في أمسٌ الحاجة اليوم لجهد العرب والمسلمين بعد أن التهم المشروع الصهيوني القسم الأكبر من فلسطين على مرأى ومسمع من العرب جميعاً، والمسلمين جميعاً، دون أن يحركوا ساكناً. فأين العرب اليوم والمسلمون اليوم من مسلمي الأمس، حينما كان واجب نجدة امرأة عربيٌة مسلمة أيٌام الخليفة العبٌاسي، تعرٌض قومها للسلب من قبل الرومان فصاحت وهي ترى ما يحلٌ بقومها - وامعتصماه، وما أن سمع المعتصم حتٌى أمر بتسيير الجيوش ليقودها ملبيٌاً صرخة امرأة مسلمة إستغاثت فهبٌ لنجدتها على رأس جيش العرب والمسلمين. فأين من الأقصى والقدس وفلسطين الخليفة المعتصم اليوم؟ أين؟ أين؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165946

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165946 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010