الجمعة 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

التهديدات الصهيونية من طهران إلى غزة.. التهويل والوقائع

الجمعة 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par نافذ أبو حسنة

تخفت حيناً وتتصاعد حيناً آخر التهديدات الصهيونية، بشن عدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يستهدف منشآتها النووية المخصصة للأغراض السلمية. وإذ تغيب تحت وطأة تناول التهديد الصهيوني وإمكانات تنفيذه، الأحاديث عن الأسلحة النووية التي يمتلكها الصهاينة، والتي تشكل تهديداً فعلياً، للعالمين العربي والإسلامي، يمكن ملاحظة وجهات متعددة في تناول التهديدات التي أطلقها ويطلقها المسؤولون في دولة الاحتلال الصهيوني.

[**استعدادات ومؤشرات*]

فهناك من يعتقد أن الصهاينة قد أكملوا بالفعل الاستعدادات للقيام بالعدوان على إيران، ويستند هؤلاء بذلك إلى كثافة التصريحات، واتساع مساحة النقاش حول هذا الموضوع في كيان الاحتلال، وخاصة في وسائل إعلامه، والتي تكاد تنشر خبراً عن موعد إقلاع الطائرات، متجهة نحو إيران. وإلى ما بات متداولاً عن صفقات تسلح عقدها الصهاينة مع الولايات المتحدة، وتشمل أساساً التزود بطائرات إف 35، وبطائرات نقل بعيدة المدى، يمكن أن تمكث في الأجواء، لمدة 15 ساعة متواصلة، ومزودة بمعدات الكترونية متطورة جداً. وتعطي بعض التعليقات في الصحف الصهيونية انطباعا بجدية التهديد الذي يطلقه المسؤولون الصهاينة، ومن ذلك ما كتبه «أليكس فيشمان» قائلاً : «هناك خطر في لعبة البوكر التي تلعبها «إسرائيل». لأنك إذا كنت تنشئ تهديداً ولا تنوي تحقيقه، فقد تجد نفسك أضعف كثيراً مما كنت في البداية. حتى أن مط الحبل قد يجعلك تواجه رداً غير متوقع من العدو».

كما يلحظ القائلون بجدية التهديد، ما يرونه مؤشرات من قبل الداعمين الغربيين الأساسيين للدولة الصهيونية، والذين يشاركونها الرغبة في شن العدوان على الجمهورية الإسلامية. ومن تلك المؤشرات : ما يتردد عن استعدادات قامت بها القوات البريطانية، لجهة تحضير خطط لاستهداف إيران. والحديث الأمريكي المتزايد عن تأكيد التحالف الإستراتيجي مع كيان الاحتلال الصهيوني، وضمان أمنه، والتصدي للأخطار التي قد يتعرض لها. كما يتوقف هؤلاء عن التقرير الذي أعدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي تعمد الاستناد إلى معلومات استخباراتية جلها قديم ومعروف، ولكنها نظمت في التقرير بطريقة توحي، بأن الجمهورية الإسلامية تقترب بشكل حثيث من امتلاك سلاح نووي، وذلك بقصد إيجاد حشد دولي ضد طهران، وتقديم تبرير مسبق لأي اعتداء صهيوني عليها.

[**تهويل وابتزاز*]

وثمة من يرى بالمقابل أن الكيان الصهيوني يشن حرباً نفسية على الجمهورية الإسلامية، ويسعى في الوقت نفسه إلى صرف الأنظار عن أزماته الداخلية المتصاعدة، وإلى ابتزاز الغرب، والمقصود هنا الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، لكسب مزيد من المساعدات لمواجهة الأزمة، وحتى لخلق مزيد من العقبات في وجه التحرك الفلسطيني تجاه المنظمات الدولية.

ويعتقد أصحاب هذا الرأي، أن الولايات المتحدة الأمريكية، وبصرف النظر عن أراء بعض الصقور في الإدارة وخارجها، لا تريد التورط في حرب تقوم بها دولة الاحتلال على الجمهورية الإسلامية. ويجمعون عدداً من التصريحات الأمريكية التي تشير إلى إمكان إطلاق التفاوض مع إيران، أو تصعيد الضغوط الاقتصادية والسياسية عليها، بديلاً من الحرب. مع ملاحظة أن محللين صهاينة يعتقدون أن واشنطن لا تستطيع الذهاب بعيداً في مسألة الضغوط الاقتصادية، ويشير هؤلاء إلى أن «فرض عقوبات على تصدير الوقود الإيراني يعني ارتفاع أسعار البنزين في العالم ارتفاعاً كبيراً ولا يحتاج الاقتصاد الأمريكي، ولا الاقتصاد الأوروبي المتعثر، بيقين، الى هذه الضربة الآن. هذا إلى أن الإدارة في واشنطن لا توافق على التضحية باحتياطيها من النفط لإغراق السوق وخفض الأسعار. فهذا الاحتياطي هو ضمان الولايات المتحدة لمستقبلها الاقتصادي ولن تتخلى عنه حتى لو كان ذلك مؤقتاً من اجل أية أزمة في «الشرق الأوسط»» وهذا ما تدركه حكومة الاحتلال جيداً، وتريد ثمناً من واشنطن، لقاء القول، بأنها قد أوقفت الخطط، لشن العدوان على طهران. أو حتى إعفاء واشنطن من التورط في سلسلة عقوبات، تؤذي واشنطن والغرب بقدر ما تلحق الضرر بطهران.

يميل كثير من المحللين الإيرانيين وكثير من الخبراء بالشأن الإيراني، إلى الافتراض بأن دولة الاحتلال، تقوم بعملية تهويش لا أكثر، وأنها لا تستطيع القيام بالعدوان على إيران، فهي لا تملك ممراً لطائراتها من ناحية، وتدرك المخاطر التي ينطوي عليها الرد الإيراني، والذي وصفه القادة الإيرانيون، بأنه قد يمحو «دولة إسرائيل» عن الخارطة. فضلاً عن إشاراتهم المتكررة، إلى أن الولايات المتحدة، لا تريد أن تورطها دولة الاحتلال في حرب الآن، وهي لا تستطيع عملياً، ترك الكيان الصهيوني يتلقى الرد الإيراني المزلزل منفرداً.

وتوجد إشارات هامة ولافتة في الصحف الصهيونية، إلى المشكلات التي يواجهها جيش الاحتلال، سواء ما تعلق منها بالميزانية، أو بما يوصف بالتهديد الناشئ عن التحولات في مصر، والتي أعاد معها المخططون الصهاينة، تقييم الوضع على الحدود مع مصر. عدا عن انعدام الثقة الكاملة بإمكان مواجهة حرب شاملة تنهمر فيها الصواريخ من جبهات عدة.

[**تقويض غزة*]

هنا يطرح العديد من المحللين احتمال أن تكون غزة هي الهدف. ويبنى التحليل في سياق يقول، إن دولة الاحتلال تريد تغطية أمريكية واسعة للقيام بشن عدوان كبير على غزة، ينتهي إلى تغيير الوضع القائم فيها تماماً. وذلك مقابل التخلي عن خطط توجه الطائرات نحو إيران.

ويدور الحديث عن مخطط لإعادة احتلال القطاع، أو القيام بإحداث شريط محتل، يشطر القطاع إلى نصفين، ما بين الحدود مع الأراضي المحتلة عام 1948، والبحر، ما يعني تقويض وحدته الجغرافية، وفي الوقت نفسه، إسقاط حكومة «حماس» القائمة فيه، وإنهاء قدرة قوى المقاومة على الحركة. وهذا السيناريو بحسب محللين أقل كلفة من إعادة احتلال القطاع بالكامل، ويحقق نتائج تشبه إلى حد بعيد الاحتلال الكامل. إذ أنه يغير الوضع القائم في القطاع كلياً، وهو ما فشل فيه الصهاينة في حربهم ما بين عامي 2008 - 2009 على غزة. وتغيير الوضع القائم في القطاع، يعني تغييراً في البيئة الإستراتيجية القائمة في المنطقة. ويخلق وضعاً قابلاً لمساومات مختلفة مع السلطة الفلسطينية ومع مصر أيضاً.

ويتحدث الصهاينة عن تحول قطاع غزة إلى تهديد إستراتيجي وعن امتلاك قوى المقاومة لوسائط قتالية أكثر تطوراً. ويبدو أن مشهد الراجمة التي استخدمتها «سرايا القدس» الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في الرد على الاعتداءات الصهيونية على القطاع، قد فاقم من قلق المحتلين تجاه تطور قدرات المقاومة.

أياً كانت الغايات أو الأهداف التي يريد الصهاينة تحقيقها من تصعيد التهديدات، باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقوى المقاومة، فإن الاستخلاص الأساسي يتصل بالتغير الكبير في المشهد، والذي لا يشكل ردعاً جدياً لدولة الاحتلال وحسب، بل يضع تساؤلات جدية وحقيقية حول مدى قدرتها على تنفيذ تلك الأهداف تجاه قوى المقاومة والممانعة. ومن المتصور أنه خلال الشهر ونصف الشهر المتبقي على انسحاب القوات الأمريكية من العراق، سنشهد الكثير من التهويل والتهديد، وربما التحركات الفعلية التي توجب يقظة كاملة، تجاه سلوك المحور المعادي، وهو ليس صهيونياً فقط، وليس أمريكياً فقط، كما بات واضحاً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165561

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2165561 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 32


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010