الجمعة 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011

«إسرائيل».. ما بعد ساعة الصفر

الجمعة 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 par د. حبيب فيَّاض

ليس العامل الديني بعداً إضافياً في تعزيز رؤية طهران العدائية الى «إسرائيل»، بل هو لبُّ هذه الرؤية وجوهرها. وما الإيديولوجية الدينية التي تحملها الثورة الإسلامية سوى معيار لتحويل المبادئ الإيرانية إلى استراتيجيات، وضابطة في تحديد مواقف إيران من القضايا الكبرى والمصيرية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية.

في الأصل، انتصرت الثورة في ايران على خلفيتين: القضاء على الظلم الداخلي المتمثل بنظام الشاه، والخلاص من الظلم الخارجي المتمثل بالاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين. وإذا كانت المسالة الأولى قد أصبحت من الماضي، فإن الثانية ما زالت حاضرة في الوجدان الإيراني العام، حتى ولو كانت مرهونة بالمستقبل ومستجداته. وهذا ما يفسر إضفاء الإيرانيين صفة القداسة على القضية الفلسطينية، حيث بات تحرير فلسطين ذكراً مصاحباً لكل طقس من طقوسهم الدينية.

وليس من قبيل المزايدة أو الاستعراض ملازمة مقولة إزالة «إسرائيل» عن الخارطة الأدبيات السياسية الإيرانية. كما ليس من صنف العبث او التهويل الكلام الأخير للرئيس الايراني عن قرب نهاية «إسرائيل»، في إطار الرد على تصعيد غير مسبوق من التهديدات «الإسرائيلية» والغربية لطهران. ذلك أن ما لا يستطيع العقل الأجنبي قراءته في مثل هذا الموقف، هو أن أي تحرش عسكري أميركي أو «إسرائيلي» بإيران، سيضعه الإيرانيون في خانة «الخير في ما وقع»، وسيتعاملون معه على انه فرصة تاريخية طالما انتظروها للقيام بتكليفهم الديني القاضي بتحرير فلسطين كهدف، وإزالة «إسرائيل» من الوجود كنتيجة. علماً أن مقتضيات هذا التكليف لا تقتصر على الإيمان بالغيب، بل تتعلق أيضاً بصناعة الواقع على أساس القوة وهذا ما لم يقصِّر به الإيرانيون تسلحاً واستعداداً للحرب ودعماً للمقاومات.

مهما تعددت المداخل والذرائع والسيناريوهات التي قد تؤدي إلى اندلاع الشرارة الأولى للمواجهة، فإن إيران، كما يؤكد المطلعون، جاهزة في الأيام الأولى التي تلي ساعة الصفر، لإمطار «إسرائيل» بآلاف الصواريخ التي ستدفع «شعب الله المختار» إلى اختيار الهجرة المعاكسة بدلاً من الموت تحت الأنقاض. كما أن إيران، أياً تكن طبيعة الأضرار التي ستلحق بها، جاهزة للتعامل بالطريقة نفسها مع القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة، من دون أن تغفل عن استراتيجية المفاجآت، التي ستعتمدها بهدف إنهاء الوجود العسكري الأميركي في مياه الخليج.

على ذلك، لا تعود أهمية مثل هذه المواجهة، مرتبطة بتوقيتها وشكلها، بل بنتائجها وتداعياتها. إذ أن حصولها بعد غد او بعد شهر أو بعد حين لن يغير من الواقع في شيء، رغم أن فترة حدوثها منحصرة على ما يبدو، بين حدّين زمنيين، الأول بعد شهرين، موعد الانسحاب الأميركي من العراق، والثاني قبل عامين وهما ما تبقى من مدّة زمنية تفترضها «إسرائيل» لامتلاك إيران قنبلة نووية.

كما لا فرق في الأمر إذا ما أتت الضربة العسكرية الأولى لإيران من قبل «إسرائيل» أو من قبل أميركا.. لا فرق في ذلك، طالما هما طرف واحد في خضم المعركة، وطالما «إسرائيل» بالنسبة للإيرانيين أميركا صغرى، وأميركا في نظرهم «إسرائيل» كبرى، وإيران لكليهما عدو يتهدد الأولى في وجود كيانها والثانية في تواجدها الإقليمي.

أميركا التي ظلت تتهيب المواجهة مع إيران، وهي التي لم تتردد يوماً في اللجوء إلى الخيار العسكري لتصفية حساباتها مع خصومها، ستجد نفسها قريباً، وعلى خلفية الانسحاب من العراق، محشورة بين الصدام المباشر مع الايرانيين أو الاعتراف بالهزيمة. وكذلك «إسرائيل» التي ظلت القوة العسكرية خيارها الأول في مواجهة أعدائها، ستحاول أن تجعل من هذه القوة خيارها الأخير في التعامل مع المعضلة الايرانية تهيباً من قرار المواجهة، وهي تعلم أن سياسة العقوبات لن تكون بديلاً عن الحرب القادمة، فيما توحي المؤشرات أن طهران ستكون الرابح الأول في الاقليم سواء ذهبت الامور نحو الصدام العسكري أو نحو التهدئة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2181367

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع في هذا العدد  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2181367 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40