الخميس 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

شاليت وجائزة نوبل

الخميس 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par أمجد عرار

صدّق أو لا تصدّق، فقد ترى ذات يوم الجندي «الإسرائيلي» غلعاد شاليت الذي عاد إلى «منزل» عائلته قبل أسبوع بعد مبادلته بقرابة ألف أسير فلسطيني في صفقة نجحت في إنجازها حركة «حماس» برعاية مصر، وهو يقف أمام الكاميرات متوّجاً بجائزة نوبل للسلام. بعد يوم واحد من زيارة قام بها لشاليت الرئيس «الإسرائيلي» شمعون بيريز الذي سبق له أن حاز الجائزة ذاتها لدوره في التوصّل إلى «اتفاق أوسلو» الفارغ، دعا رئيس الطائفة اليهودية في إيطاليا، إلى منح شاليت جائزة نوبل للسلام. وعلى الفور حظي اقتراحه بدعم من عمدة مدينة روما الذي كان وجّه الدعوة إلى شاليت لزيارة العاصمة الإيطالية مانحاً إياه «مواطنة شرف».

المبرر الذي ساقه المطالبون بمنح شاليت هذه الجائزة المسيّسة بامتياز، أن غلعاد «لم يكن سجيناً اعتيادياً، فقد عاش لمدة خمس سنوات في نفق من دون أن يرى أي شخص، ومن دون أن يتلقى الرعاية الطبية»، وأنه «على الرغم من كل هذا الألم لم يتصرف بكراهية، بل استمر في التعبير عن الأمل في السلام». لم يقل أحد إن الساحة «الإسرائيلية» تخلو من أفراد أو جماعات صغيرة تدعو إلى السلام وترفض ممارسات الاحتلال، بل يقف بعضها إلى جانب الفلسطينيين في قطف زيتونهم الذي يتعرّض للحرق والسلب من جانب قطعان المستوطنين، كما أننا نرى هؤلاء الأفراد والجماعات يتظاهرون أسبوعياً مع الفلسطينيين والمتضامنين الدوليين ضد جدار الفصل العنصري.

لكن شاليت حالة مختلفة، فهو جندي أسرته المقاومة وهو داخل دبابته على مشارف قطاع غزة، وربما يكون أحد مطلقي القذائف على السكان المدنيين، وقتل أناساً أبرياء بفعل أوامر تلقاها من قادته. وإذا كان عبّر عن أمله في إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في أول مقابلة له بعد خروجه من الأسر، فذاك لأنه جرّب الأسر لخمس سنوات، وعرف بالتجربة ماذا يعني أن يقضي أسرى فلسطينيون أكثر من أربع وثلاثين سنة في غياهب المعتقلات.

نحن ننصح عمدة روما الذي يدعي أن شاليت لم يتلقّ الرعاية الطبية أن يتحقق أولاً من هذا الادعاء ثم يطلع على واقع الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات «الإسرائيلية»، ليعرف كم منهم استشهد بسبب الإهمال الطبي والاضرابات عن الطعام، فضلاً عن التعذيب والإعدامات الميدانية.

وإذا كان شاليت أمضى سنوات من الأسر في قطاع غزة، فإن القطاع نفسه مأسور ومحاصر من «إسرائيل» قبل أسر شاليت، وقد استشهد مئات المرضى لعدم حصولهم على الحد الأدنى من فرص العلاج. وعلى عمدة روما ومن لف لفه أن ينتبه إلى أن نواباً منتخبين من الشعب الفلسطيني مختطفون في المعتقلات الصهيونية، وليعرف أن النائب المنتخب أحمد سعدات معزول في زنزانة انفرادية منذ أربع سنوات، ورغم ذلك فهو يدعو إلى تحقيق السلام الحقيقي الذي ينهي الاحتلال والاستيطان ويعيد الحقوق إلى أصحابها ويسمح بعودة اللاجئين إلى ديارهم.

لن نعترض على منح شاليت جائزة نوبل بعدما أمضى خمس سنوات في الأسر، إذا منحت الجائزة لآلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب الذين أمضوا أكثر من خمس سنوات، كما أننا لن نستغرب رؤية شاليت حاصلاً على الجائزة مع بقاء آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب في الأسر، طالما أن مناحيم بيغن الذي أدانته لجنة «إسرائيلية» بالمسؤولية عن مجزرة صبرا وشاتيلا، حصل على هذه الجائزة، وبيريز نالها بدوره رغم ارتكابه مجزرة قانا وغيرها من المجازر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165241

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165241 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010