الأحد 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011

تشابكت الأيدي وبقيت القلوب على ما تهوى..!

الأحد 23 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 par د.امديرس القادري

أفراح شعبنا بتحرير المعتقلين من السجون الصهيونية في صفقة الوفاء للأحرار لن تتوقف، وسوف تتواصل ما دامت العهود التي أطلقها الرجال الشرفاء قد قطعت بأن لا يهدأ لهم حال ولا تقر لهم عين حتى يتحرر جميع من لا يزالون وراء القضبان وتحت رحمة السجان المفقودة والتي لا وجود لها عند عدونا الفاشي المجرم، فالوفاء كان ولا يزال وسيبقى، وساعة الفرج والخلاص قادمة على يد الذين عاهدوا فصدقوا ربهم وشعبهم على ما عاهدوا عليه.

المشهد رأيناه جميعاً على شاشات التلفزة وفي ساحة مبنى المقاطعة بمدينة رام الله التي يتواجد فيها مكتب رئيس السلطة السيد محمود عبَّاس، وذلك في صباح يوم الثلاثاء الماضي، هذا اليوم الذي دخل التاريخ من أوسع أبوابه لأنه حمل لشعبنا وثورتنا تنفيذ البشرى بصفقة التبادل بين الخنزير الصغير شاليط، والدفعة الأولى من معتقلينا الأحرار الذين كانوا على موعد صادق بالعودة من جديد إلى الحرية ولأحضان ذويهم وشعبهم الذي اجتمع من كل محافظات ومدن وقرى وبلدات الضفة لاستقبالهم، المشهد الذي نتحدث عنه ناله الكثير من التحليل والتعليق والتعقيب، وبنى عليه الكثير من المهتمين بالشأن الفلسطيني الداخلي آمالاً وتطلعات ورغبات عديدة لها علاقة بالواقع المؤلم والمرير الذي يلقي بظلاله على مجريات الأمور واتجاهات الحركة داخل ساحة العمل الوطني الفلسطيني.

المشهد الذي نحن بصدد التعليق عليه تمثل في تشابك الأيدي بين الرئيس أبو مازن الذي كان يقوم بمهمة استقبال الأسرى المحررين، وبين اثنان من قيادات حركة «حماس» في الضفة الغربية، الأول هو الشيخ المجاهد والمناضل الخارج لتوه من السجن الصهيوني حسن يوسف، والثاني هو الشيخ الدكتور عزيز الدويك المعتقل سابقاً ورئيس المجلس التشريعي المعطل حالياً، الرئيس أبو مازن ألقى كلمة السلطة، والشيخ حسن ألقى كلمة «حماس»، وجاءت الكلمتان تعبيراً لما يجول بداخل صاحبها من رؤية وأفكار وقناعات، ومن هنا برزت فكرة تشابك الأيدي والقلوب وما تهوى، فالطريق العبثي الذي يصر الرئيس عبَّاس على السير فيه لا يلتقي ولا يتقاطع مع ما يؤمن به الشيخ حسن، بالرغم من كل الدبلوماسية التي حاول تغليف كلمته بها امتثالاً لكل ما فرضته المناسبة، وعليه فاللجوء المتكرر إلى مناداة أبو مازن بـ «سيدي الرئيس» ليست سوى مجاملة لا يربطها مع أرض الواقع أية ثوابت سياسية وطنية وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي.

ولذلك انفض السامر البروتوكولي سريعاً، ومضى الطرفان في الاتجاهين المختلفين الذي عبرت عنهما الكلمة التي ألقاها كل منهما، فرئيس السلطة الذي تقوم أجهزته الأمنية بملاحقة ومطاردة واعتقال السياسيين الوطنيين من «حماس» وغيرها، مضى إلى متابعة مستجدات «معركة» «استحقاق أيلول»، والدولة التي ينتظر الحصول على عضويتها في الأمم المتحدة، وما قد يترتب عليها من فيتو أمريكي وقطع لكل المساعدات، إلى آخر الديباجة الدبلوماسية التي يتابعها سيادته هو وأعضاء فريقه المنخرطون في العملية السلمية والمفاوضات والتي لا يتوقفون عن التلويح بعدم العودة الى مائدتها إلا إذا أوقفت «إسرائيل» نشاطها الاستيطاني، بالإضافة إلى مطالبهم بتحديد المرجعية الدولية الضامنة لنتائج ما ستنتهي إليه هذه المفاوضات التي مضى عليها ما يقرب من العقدين وبدون أية فائدة تذكر.

أما الثاني فقد عاد إلى الاحتفال بتحرير الأسرى الذين عاش معهم سنوات طويلة من الاعتقال ومكابدة آلام ومشقة وصعوبات السجون التي كان يتنقل بينها، فالمحررون هم أخوة وزملاء مهنة مشتركة، لا يمارسها إلا الرجال الذين آمنوا بقضية شعبهم، ورهنوا أنفسهم بصدق لها ولكل احتياجاتها من نضال وكفاح وجهاد ومقاومة، عاد الشيخ حسن إلى بيوت الأعراس التي توزعت على مساحة الوطن، ليكون مع أبناء الشعب الذي لا يمكن للكلمات أن تعبر عن فرحتهم ومشاعرهم وهم يلتقون مع الأبطال المحررين، فلا بد من القيام بالواجب الوطني والاجتماعي مع هذه النخبة التي أمضت أجمل سنوات عمرها وراء القضبان وتحت سطوة سيف السجان وقلبه الخالي من الشفقة والرحمة.

الرئيس عبَّاس ورئيس وزرائه فيَّاض والوزراء الأشاوس في الحكومة، ورؤساء الأجهزة وكبار المسؤولين في هذه السلطة العبثية، وانسجاماً مع ما يملأ قلوبهم من سلام ومفاوضات وتنسيق مع عدونا، من الطبيعي وهم كذلك أن لا يكلفوا أنفسهم مشقة التجوال على خيام الأفراح التي أقامها شعبنا، وحتى لا يطالهم التقريع واللوم من الأمريكان والأوروبيين والصهاينة الذين يراقبون أنفاسهم قبل حركتهم والمسارات التي قد تتجه نحوها، وكيف يمكن لنا أن نطالبهم بزيارة مقرات الأسرى الاحتفالية؟ في الوقت الذي اعتادت أيديهم على مصافحة الصهاينة واحتضانهم والانبطاح والتمدد الذليل على موائدهم التي لا يحاك فوقها وتحتها إلا كل ما يلحق الأذى والضرر والقتل والإجرام بحق شعبنا وقضيته الوطنية.

الأيدي قد تتشابك، ولكن المسافات بين القلوب لا تزال بعيدة، ولن تزيلها اللقاءات الشكلية السابقة والقادمة في العاصمة المصرية، فمن يصر على بقاء الخلاف والانقسام، ومن يصر على قمع الانتفاضة والتصدي لها، ومن يواصل تغذية أجهزة القمع الأمنية لتكون سداً بين شعبنا وعدوه، ومن يمانع في تجميع مكونات البيت الفلسطيني على أساس واضح من الوحدة السياسية والوطنية، من يفعل ذلك لا يمكن أبداً الالتقاء معه بل إن الواجب الوطني يملي على كل الحريصين من الذين لا زالت أيديهم على الزناد بضرورة التصدي له وتخليص شعبنا منه ومن شرور أفعاله.

كنا نتمنى في هذه المناسبة أن يعلن أبو مازن عن مبادرة تبيض سجون سلطته من أبناء شعبنا المعتقلين على خلفيات سياسية وطنية في الوقت الذي نسعى فيه لإطلاق سراح باقي أبطالنا الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، ولكنه اختار أن يحدثنا عن العهود التي وقعها مع المجرم أولمرت، ولأننا نؤمن بشعبنا وبقواه الوطنية المخلصة فإننا نقول له ولسلطته بأن صبرنا طويل، وأن شعبنا يمهل ولا يهمل، وأن يوم القصاص يقترب، فهذا الربيع العربي لا بد وأن تشرق شمسه وان تتفتح أزهاره على أرض فلسطين كل فلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2165797

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165797 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010